الاتحاد الأوروبي والمغرب ضمن تحديات السياسة الخارجية لليميني فيخو في حال فوزه بانتخابات الأحد في اسبانيا
مدريد (أ ف ب) – من الدفاع عن مصالح إسبانيا داخل الاتحاد الأوروبي إلى العلاقات الدقيقة مع المغرب، سيجد زعيم اليمين الإسباني ألبيرتو نونييث فيخو نفسه أمام تحديات عديدة في السياسة الخارجية لبلده في حال فوزه في انتخابات الأحد.
لكن التحدي الرئيسي للمرشح الأوفر حظًا في استطلاعات الرأي سيكون شخصيًا أكثر، بحيث سيسعى إلى تثبيت نفسه على الساحة الدولية خصوصًا أنه لا يتقن الإنكليزية وليس لديه خبرة كافية في السياسة الدولية وفق خبراء.
لا يتمتّع فيخو (61 عامًا)، الذي يتزعّم “الحزب الشعبي” منذ عام، “بخبرة طويلة في السياسة الدولية”، حسبما قال كبير المحللين في معهد “ريال إلكانو” للشؤون الدولية والدراسات الاستراتيجية إيغناثيو مولينا لوكالة فرانس برس.
توحي حملة فيخو الانتخابية، وفق المحلّل، بأنه “يريد بثّ رسالة مفادها أنه لن يُجري تغييرات في السياسة الخارجية، أكان على صعيد العلاقات مع الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي أو الدفاع عن مصالح اسبانيا”.
يؤكّد برنامج “الحزب الشعبي” أن حكومة فيخو ستحافظ على “الدعم العسكري والاقتصادي والإنساني” لأوكرانيا “طالما كان ذلك ضروريًا”، بالإضافة إلى “تأييد العقوبات ضد روسيا”.
ويؤكد “الحزب الشعبي”، أيضًا، عزمه على زيادة الميزانية العسكرية للبلاد إلى 2% من إجمالي الناتج المحلي.
طمأنة الاتحاد الأوروبي
لكن الملف الأساسي بالنسبة لفيخو، وفق مولينا، سيكون “تعزيز مكانة إسبانيا داخل الاتحاد الأوروبي” أي “تعزيز نفوذ إسبانيا الذي زاد مع” رئيس الوزراء الاشتراكي المنتهية ولايته بيدرو سانشيز، خصوصًا أن مدريد نشطت أكثر على الساحة الأوروبية في السنوات الأخيرة.
وقالت وزيرة الاقتصاد الإسبانية ناديا كالفينيو في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الشهر الماضي “رفعنا صوت إسبانيا إلى مستوى يختلف عمّا كان عليه في الماضي”.
وأضافت “تحتلّ إسبانيا حاليًا مكانة رابع اقتصاد أوروبي، ولم تكن ربما الحال كذلك في الماضي”.
سيتوجب على فيخو، في حال فوزه في الانتخابات، الذي من شأنه أن يجعله رئيسا لمجلس الاتحاد الأوروبي، طمأنة بروكسل بشأن الملفات البيئية أو الاجتماعية، فيما حليفه المحتمل حزب “فوكس” (الصوت) اليميني المتشدد معروف بمواقفه المتشككة في مسؤولية الإنسان في التغير المناخي.
وتتولى مدريد رئاسة الاتحاد الأوروبي منذ بداية الشهر الجاري.
بالإضافة إلى تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، سيتوجب على حكومة فيخو أن تولي اهتمامًا كبيرًا لملف العلاقات مع الجزائر والمغرب.
تحسنت العلاقات بين إسبانيا والمغرب مذ قررت مدريد في مارس 2022، تأييد موقف الرباط من الصحراء المغربية، ما وضع حدا لأزمة دبلوماسية بين البلدين امتدت عاما.
ولقيت هذه الخطوة التي أنهت عقودا من الحياد في مدريد بشأن وضع المستعمرة الإسبانية السابقة، انتقادات من مكوّنات سياسية محلية مختلفة، باستثناء المعسكر الاشتراكي الذي ينتمي إليه سانشيز.
“تهذيب” الموقف
أدّى هذا الانعكاس في الموقف إلى تجميد العلاقات بين مدريد والجزائر، وهي الداعمة الرئيسية لـ(بوليساريو)، لا سيّما على الصعيد التجاري.
انتقد “الحزب الشعبي” قرار سانشيز في مارس 2022 بشدة. ويتعهد الحزب اليميني في برنامجه الانتخابي بـ”الدفع نحو علاقة متوازنة مع دول المغرب العربي”.
في مقابلة مع صحيفة “لا فانغارديا”، اتهم وزير الخارجية المنتهية ولايته خوسيه مانويل ألباريس “الحزب الشعبي” بالرغبة في “عودة مقلقة إلى مواقف معادية للمغرب”.
وسيكون “من الصعب جدًا” بالنسبة لفيخو “تغيير” سياسة مدريد الحالية، لأن “المغرب لديه وسائل ضغط تفسّر جزئيًا تغيّر موقف سانشيز”، بحسب مولينا الذي أشار إلى تراجع الهجرة غير النظامية إلى إسبانيا منذ قرار مدريد تأييد موقف الرباط العام الماضي.
ويعتبر مولينا أن حكومة فيخو “ستهذّب ما قاله سانشيز”، لكنه لا يعتقد “أنه سيحدث تصحيحًا علنيًا للموقف، لأن المغرب سينظر إلى ذلك على أنه استفزاز”.
مع ذلك، سيكون التحدّي الأكبر بالنسبة لفيخو الذي أمضى الجزء الأكبر من مسيرته السياسية في منطقة جليقية (غاليسيا شمال غرب)، تحديًا على المستوى الشخصي، إذ لم يسبق أن اهتمّ بالسياسة الدولية بشكل خاص ولا يجيد الإنكليزية.
ويقول مولينا “سيشكلّ (هذا الفوز) تحديًا سياسيًا وشخصيًا مهمًا جدًا” بالنسبة لفيخو، مضيفًا “سيتوجب عليه أن يتعلّم ويقرّر ما إذا كان يريد إدارة السياسة الخارجية بنفسه” كما فعل سانشيز.