الرئسيةدابا tvذاكرةشواهد على التاريخ

من باريس للرباط: واقعة تاريخية لا تموت+فيديو

بقلم: بثينة المكودي

في صباح مشمس وهادئ، اجتمع الفرنسيون اليوم كما في اليوم كل سنة، أمام النصب التذكاري للمقاومين، يضعون الزهور، ويرفعون الأعلام، ويصغون بخشوع لصوت التاريخ وهو يتردّد بين الأشجار؛ ذكرى 18 بونيو ليست مجرد طقس بروتوكولي، بل هي لحظة يقظة، وشهادة على أن الشعوب لا تموت حين تتشبث بحقها في الكرامة.

وقفت هناك كعابرةٍ مغربية، أراقب الوجوه، وألتقط المشهد،رجل بسترة رسمية ووشاح ثلاثي الألوان يتحدث أمام مكبّر صوت، شباب بزيّ عسكري واقفون في احترام، جمهور صغير ولكن مشحون بالرمزية.

الكل يستعيد لحظة قال فيها الجنرال ديغول من منفاه بلندن: “مهما حدث، فإن شعلة المقاومة الفرنسية لا يجب أن تنطفئ ولن تنطفئ.”

حين يصرخ التاريخ من تحت الرماد

ما الذي يجعل أمة تقف كل سنة لتتذكر خطابًا بث إذاعيا في احد الإذاعات بلندن ، إنه ليس فقط الصوت، بل معنى اللا استسلام.

نداء يعني  أن تُهزم الجيوش ولكن لا تنهزم الإرادة، أن تنهار المدن ولكن تبقى القيم، وأن يقوم شعب بأكمله ليقول“كفى”.

“نداء  يعني ولم يكن لفرنسا وحدها”

من قلب فرنسا، التي عرفناها مستعمِرة في لحظة من الزمن، أجد نفسي أستحضر وجه المقاومة الآخر، مقاومة الشعب الفرنسي ضد الاحتلال النازي، مقاومة قادها ديغول من الخارج، واحتضنها الداخل ببطولة استثنائية.

من المغرب إلى فرنسا… النداء واحد

كمغربية، لا يمكنني أن أقف هنا دون أن أستحضر مقاوماتنا نحن أيضًا. من عبد الكريم الخطابي في الشمال ، إلى الزرقطوني وبن بركة في الشمال والوسط،عسو بن أحمد أوبسلام بمنطقة ايت عطا…..لكل شعب مقاوموه، ولكل أرض شهداؤها ونداؤها.

“قد نختلف في الجغرافيا، لكن نلتقي في الذاكرة.”

قد يكون نداء ديغول نابع من لندن، لكن صدى تلك الصرخة بلغ وجدان الإنسانية جمعاء، صرخة ضد الفاشية، ضد الخضوع، ضد الاحتلال، وهذه الصرخات لا تعرف الحدود ولا الجنسيات.

من قلب باريس ساحة Place d’Italie الدائرة 13

أكثر من احتفال… درس في اليقظة

18 يونيو ليس مناسبة فلكلورية، هو تذكير بأن الحرية لا تُوهب، بل تُنتزع، وأن الوطن لا يُسلَّم للمصير، بل يُستعاد بالفعل والكلمة، وأن التاريخ لا يُكتب فقط في الكتب، بل يُعاد عيشه كل مرة، حين يتجدد الخطر، أو حين ننسى.

نُصْب الحجر الذي وقفتُ أمامه اليوم لا يحمل فقط أسماء، بل يحمل رسالة فحواها أن المقاومة لا تموت، وأن الشعوب التي تصمد، هي التي تبني المستقبل، وأن الذاكرة، حين تُروى بالوفاء، تُثمر وعي جديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى