حواراتسياسة

نصر الله : “الدار البيضاء في خطر والعمدة تنازل عن صلاحياته للشركات”

على ضوء ما يعيشه مجلس المدينة بالعاصمة الاقتصادية، من جدال وتجاذبات، وتفريخ لشركات التنمية المحلية، وتوالي أزمات الأزبال والملك العمومي والنقل العمومي وآخرها استقالة مسؤولة بشركة “كازا للتراث”، يوضح الحسين نصر الله أحد أعضاء المعارضة بمجلس المدينة، وعضو لجنة التعمير بنفس المجلس، موقفه من الدورة الأخيرة للمجلس، موجها اتهامات صريحة للمكتب المسير لمجلس المدينة بأغلبية “بيجيدية” بالتخلي عن مسؤوليتهم كمنتخبين محليين، وصرف أموال عمومية بشكل غير “منطقي” لأغراض انتخابية.

– بعد مرور ما يقارب ثلاث سنوات على الانتخابات الجماعية، وعلى تسيير “البيجيدي” للمدينة، ما هو تقييمك للوضع التدبيري لسياسة مدينة الدار البيضاء؟ بالإضافة لتقييمك لعمل المكتب المسير لمجلس الدار البيضاء؟

يعيش المجلس اليوم حالة من العبث التدبيري، وهنا لست أقصد بهذه الجملة أي مزايدة، على العكس تماما، بل هو تقييم علمي للوضع الحالي لمجلس الدار البيضاء، لأنه كان من المفترض أن يجري إعداد برنامج عمل للمجلس منذ سنته الأولى، إلا أنه لم يجر إخراج برنامج العمل هذا إلا بعد مرور أكثر من سنتين وبعد القيام بالعديد من المشاريع، أي أن كل المشاريع التي قام بها المكتب المسير لمجلس المدينة لم تكن مؤطرة ببرنامج عمل وفق ما ينص عليه القانون، وفي غياب برنامج عمل قانوني الذي كان يجب أن يكون في السنة الأولى، وأقل ما يمكن أن نصف به حالة العاصمة الاقتصادية للمملكة هو حالة العبث التدبيري لسياسة المدينة. بالإضافة إلى أن هذا المكتب المسير لمجلس مدينة الدار البيضاء، برئاسة عبد العزيز العماري وباقي إخوانه “البيجدين” بالمجلس، يقوم بتصدير كل مشاكل البيضاويين والبيضاويات لشركات التنمية المحلية، كأنها حل “سحري” لكل هذه المشاكل، الأمر الذي يدفعنا للتساؤل عن دور هذه الأغلبية المسيرة لمجلس المدينة بخصوص السهر على مصالح سكان الدار البيضاء، ومدى وعيها بكل التحولات التي تعيشها الدار البيضاء بالمقارنة مع المدن والمناطق الأخرى بالمملكة. وأمام هذا الوضع، نجد المكتب المسير لمجلس المدينة يقوم برفع توقعات من الميزانية، لتوزيعها على مقاطعات المسيرة من طرف “البيجدي”، ووصلنا لمستوى صرفت فيه 2 مليار ونصف سنتيم على ما يسمونه “بالأنشطة”، هذا مع العلم أن هذه الميزانية كانت سنة 2015 لا تتجاوز 700 مليون سنتيم، وهو ما أعتبره شخصيا يتجاوز الإصراف واستغلال واضح للمال العام في حملات انتخابية.

– وأنت أحد أعضاء مجلس المدينة ومن المحسوبين على المعارضة، هل تقصد بأن اليوم مجلس المدينة يعرف تجاذبا بين المعارضة والأغلبية؟ أو بالأحرى المزايدات السياسوية؟ أم أننا نتحدث عن أمر آخر تماما؟

أقل ما يمكن أن أقول أمام ما عاشه مجلس البيضاء خلال الثلاث السنوات الأخيرة، هو أن النهج التشاركي مغيب بشكل شبه كامل بمجلس المدينة، بل يمكنني أن أذهب بالقول بأن مجلس البيضاء أصبح حبيسا للأغلبية، واليوم عمدة البيضاء وباقي أعضاء المكتب المسير أصبحوا مغترين بالأغلبية العديدة معتقدين بأن الديمقراطية أساسها هو الأغلبية العددية، وتناسوا بشكل كامل دور الديمقراطية التشاركية، بالرغم من أن الدستور والقانون في المغرب اليوم ينص بشكل واضح على نهج هذه المقاربة، إلا أنه للأسف الشديد المكتب المسير لمجلس المدينة ظل متعنثا بأغلبيته العددية، وغير عابئ بأصوات المعارضة حتى وإن كانت أصوات تحمل في طياتها اقتراحات تغني عمل المجلس وتلبي مصالح البيضاويات والبيضاويين.
لست من أنصار المزايدات أبدا، و هذا الكلام ليس مبني على أي حسابات سياسوية ضيقة، بل هو خلاصة تجربة واقعية مع عمدة الدار البيضاء وأغلبيته، فأنا كمستشار طالبت خلال كل دورات المجلس إدراج نقط عديدة ضمن جدول الأعمال، ولم يجر إدراج أي منها ضمن جدول الأعمال، وبالرغم من أن عدد هذه النقط المقترحة من طرفي تجاوز الأربعين نقطة، ومن أن رفض إدراجها يجب أن يكون برسالة معللة من طرف عبد العزيز العماري عمدة البيضاء وفق ما ينص عليه القانون بهذا الخصوص، إلا أن عمدة العاصمة الاقتصادية تجاهل كل هذه المقترحات بل أصبح يكفي أن تأتي المقترحات من نصر الله حتى يجري تجاهلها ورفضها. وللإشارة فقط، سبق أن اقترح علي المكتب المسير لمجلس المدينة سيارة تابعة للمجلس، لكنني رفضتها واقترحت أن تمنح لمحصل الضرائب الخاصة بالمجلس، لكي يحصل مستحقات المجلس المالية، عكس باقي أعضاء المجلس المنتمين لحزب العدالة والتنمية، خاصة هؤلاء الذين يستفيدون من سيارات “فخمة” من نوع Audi وpassât تابعة للمجلس بالرغم من أن مهامهم داخل المجلس لا تتطلب أي سيارة للتنقل.

– قلتم بأن عمدة ومكتب مجلس المدينة يتجاهلون مقترحات المعارضة، وأن العبث التدبيري هو سياسة الأغلبية المسيرة لمجلس البيضاء، هل فعلا ما قلتم يرتبط بوقائع حقيقية أم هو مرتبط فقط حول رفض العمدة إدراج إقتراحاتك بجدول أعمال دورات المجلس؟

أنا مستشار جماعي وعضو بلجنة التعمير بمجلس الدار البيضاء، أصبحت أتفاجأ من أشكال تدبير حتى اجتماعات هذه اللجنة، فأنا لا يجري إعلامي بهذه الاجتماعات إلى في اللحظات الأخيرة، حيث يتصلون بي بشكل مفاجئ لاجتماعات اللجنة ودون أن أتوصل بأي وثائق أو أن أُخْبر بجدول أعمال الاجتماع، بل المضحك في الأمر هو أن أغلب الوثائق التي أتوفر عليها بخصوص أشغال اللجان ودورات المجلس أحصل عليها عن طريق الصحافة.

ونحن كمعارضة داخل هذا المجلس، لم نمارس يوما معارضة عدمية أو هدامة، بل كنا ولا زلنا معارضة بناءة نضع المصلحة العامة فوق أي اعتبار، وعبرنا في محطات عديدة عن دعمنا لأي مشروع لصالح المدينة يتقدم به العمدة وأغلبيته، لكننا اليوم وجدنا أنفسنا أمام أغلبية مسيرة للمجلس لا تقوم إلا بتصدير كل صلاحياتها لشركات التنمية، بل أصبحنا نشارك في لجان ودورات المجلس دون أن نتوصل بأي تقرير لاجتماع مجالس إدارة شركات التنمية بالرغم من وجوب هذا الأمر قانونا.

واليوم الدار البيضاء في خطر، وأصبحت أقول “نحمد الله أن سلطة الوصاية الممثلة في والي الدار البيضاء مازالت حاضرة”، فلولا هذا الدور لصلينا على الدار البيضاء صلاة الجنازة، وهو أمر لم أكن أتخيّله من قبل خاصة وأننا طيلة عقود كنا نطالب بتقليص دور سلطات الوصاية بخصوص مؤسسات التسيير المحلي المنتخبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى