اقتصادالرئسية

مجلس المنافسة: أزمة ارتفاع الأسعار.. المغرب ليس استثناء مثلما الأزمة قد تشكل بيئة خصبة للبعض لمضاعفة أرباحهم

هل تتعلق الأسعار المسجلة في السوق الوطنية، بعوامل خارجية مرتبطة بارتفاع أسعار الموارد األولية المستوردة؟ أم تعزى إلى عناصر غير مشروعة ومرتبطة بممارسات محظورة بموجب القانون رقم 12.104

أكد مجلس المنافسة أن العديد من الدراسات الاقتصادية التجريبية التي جرى إجراؤها حول“هل تتعلق الأسعار المسجلة في السوق الوطنية، بعوامل خارجية مرتبطة بارتفاع أسعار المواد الأولية المستوردة، أم تعزى إلى عناصر غير مشروعة ومرتبطة بممارسات محظورة بموجب قانون المنافسة، على غرار الاتفاقات والاستغلال التعسفي لوضع مهيمن؟” ، ولا سيما التي قامت بها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بينت أن فترات الأزمات على غرار الأزمة التي نعيشها حاليا، توفر بيئة خصبة لاحتمال ارتكاب الممارسات المنافية لقواعد المنافسة في أسواق المنتجات الرئيسية، إذ قد يلجأ بعض الفاعلون الاقتصاديون إلى استغلال هذا الوضع والزيادة في هوامش الربح الخاصة بهم لأجل مضاعفة أرباحهم.

وأضاف المجلس، في مذكرة له متعلقة باتخاذ المبادرة من طرف مجلس المنافسة للإدلاء برأي في الموضوع المشار اليه أعلاه، طبقا لمقتضيات المادة 4 من القانون رقم 13.20 المتعلق بمجلس المنافسة، أنه وأخذا بعين االاعتبار السياق االاقتصادي الحالي، المتسم بزيادة شبه عامة في أسعار البيع للمستهلكين المتعلقة بجميع المنتجات الرئيسية. كان لزاما الجواب على السؤال التالي: هل تتعلق الأسعار المسجلة في السوق الوطنية، بعوامل خارجية مرتبطة بارتفاع أسعار الموارد األولية المستوردة؟ أم تعزى إلى عناصر غير مشروعة ومرتبطة بممارسات محظورة بموجب القانون رقم 12.104 ،على غرار االاتفاقات والاستغلال التعسفي لوضع مهيمن؟؟

أشار مجلس المنافسة، وفق المصدر ذاته، أن أسعار الأصناف الرئيسية للمنتجات االأساسية، المعروفة باسم “السلع”، شهدت منذ الربع الثاني من سنة 2020 ،الذي تزامن مع الشروع في تخفيف القيود الصحية، منحى تصاعديا تكرس طيلة السنة المنصرمة، وازدادت حدته خلال الربع األول من السنة الحالية، حيث سجل ارتفاع أسعار بعض المنتجات مستويات قياسية، مؤكدا، أنذلك، يعزى، الى اختلال التوازن الكبير بين العرض والطلب في الأسواق المعنية، تحث تأثير الانتعاش السريع والمتزامن للطلب العالمي للبلدان المستوردة الرئيسية على الخصوص، من بينها الصين والولايات المتحدة األمريكية والبلدان األوروبية. وبمقابل ذلك، تضيف مذكرة المجلس، لم يكن العرض في مستوى يمكنه من مواكبة الطلب بسبب ندرة المواد الأولوية وتسجيل اختلالات في سلاسل القيمة لمجموعة من الصناعات، والتي تفاقمت بسبب اضطرابات النقل البحري.

في السياق ذاته، أكد المجلس، أنه و بالإضافة لهذه الاختلالات، هناك العامل المالي المرتبط بالمضاربة، حيث توجهت صناديق الاستثمار إلى التموضع بشكل متزايد ضمن بورصات المواد الخام. كما أن وفرة السيولة في الأسواق المالية وأسعار الفائدة القريبة من 0 في المائة، ساهم في تسجيل هذه النسب.

المجلس أشار، أن ثمة عامل آخر يفسر أسباب الارتفاع الحاد في أسعار المواد االساسية، خاصة النفط والقمح و هو عامل ذو طابع جيو-سياسي متعلق بتداعيات الحرب الروسية-األوكرانية المندلعة من بداية السنة الجارية، خاصة أنه من الضروري يضيف المجلس الإشارة في هذا السياق، إلى أن روسيا تعد أكبر مصدر للغاز وثاني أكبر مصدر للنفط الخام في العالم. كما أن صادرات روسيا وأكرانيا من القمح شكلت حوالي 35 %من الصادرات العالمية لسنة 2020 ، ومن تم، تعتبر الزيادات في الأسعار المشار إليها أعلاه نتيجة لتقلبات الأسعار الشديدة مرتبطة أساسا بحالة الغموض المحيطة بظروف الانتعاش الاقتصادي العالمي،المسجل في فترة ما بعد جائحة كوفيد-19 ،و كذا التوترات الجيو-سياسية التي تعرفها أروبا على الخصوص.

المجلس وفي معرض تقديم بعض أسباب من وجهة نظره ارتفاع الأسعار، أشار إلى الارتداد الحاد في أسعار المواد الأولية، الذي سجل في شهر مارس الماضي والذي فاجأ جميع دول العالم، خير مثال على التقلبات السالفة الذكر، حيث بلغ سعر برميل خام برنت مثال، الذي جرى تداوله بسعر 110 دولار في 3 مارس 2022 ،130 دولار في الثامن من الشهر ذاته، قبل أن يتراجع عن سقف 100 دولابحلول الثالثاء 15 مارس، أي بتغيير يقدر بحوالي ناقص 23 في المائة بين هاذين التاريخين.

يشير المجلس من خلال مذكرته، أنه وبناء على المعطيات أعلاه، يتبين من خالل التحليل الأولي لتداعيات أسعار المواد الأولية على مستويات الأسعار لكبريات الأنظمة الاقتصادية العالمية، أن مؤشر أسعار الاستهلاك في الولايات المتحدة الأمريكية ، على سبيل المثال، سجل ارتفاعا بنسبة 9,7 في المائة خلال الفترة الممتدة بين فبراير 2021 و2022 . ويعزى هذا التطور إلى الزيادة المسجلة على مستوى أسعار المواد الغذائية بنسبة 7,9 في المائة، وهو ما يمثل أكبر زيادة سجلت خلال عام واحد منذ يوليوز 1981 ،فضال عن الزيادة بنسبة 6,25 في المائة في مؤشر أسعار المواد الطاقية.

ويضيف المجلس، أنه وفي منطقة اليورو، سجل مؤشر أسعار البيع للمستهلك ارتفاعا بنسبة 9,5 في المائة جراء ارتفاع أسعار الطاقة بنسبة 32 في المائة، وزيادة مؤشر أسعار المواد الغذائية بنسبة 2,4 في المائة خلال الفترة الممتدة بين فبراير 2021 و2022 ، كما ارتفع المؤشر ذاته في الجارة الشمالية إسبانيا بنسبة بلغت 6,7 في المائة في فبراير 2022 وقفز إلى 8,9 في المائة )أي ما يقارب 10 )%في مارس الماضي، وهي أكبر زيادة يسجلها هذا البلد منذ سنة 1985 .

اعتبرت مذكرة المجلس، أنه و على الصعيد الوطني، المغرب لا يشكل استثناء بالنسبة للوضع المذكور أعلاه ، لكون أسواقه تنشط في بيئة تتسم بالتحرير الكلي ألسعار جل المواد والسلع المعنية بهذه الزيادة، وذلك بحكم أن جزء كبير من هذه المواد يتم استيرادها من الخارج، خاصة منتجات الطاقة والحبوب. حيث أن المغرب يستورد حوالي 90 في المائة من حاجياته الطاقية وما يناهز النصف من الحبوب. وبالتالي، فمن المتوقع أن تتأثر أسواقه جراء تغير الأسعار في السوق العالمة.

إلى ذلك، أكد مجلس المنافسة استنادا على معطيات للمندوبية السامية للتخطيط، والتي سجلت فيه أن الرقم الاستدلالي لألثمان عند الاستهلاك سجل زيادةبنسبة 6,3 في المائة في فبراير من السنة الحالية، وهو أعلى مستوى يسجل من بضع سنوات حيث تأرجح ىهذا المعدل ما بين 2,0 في المائة في 2018 و4,1 في المائة في 2021.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى