في دولة تدعي أنها دولة الحق والقانون.. مرضى ومعاقون وعجزة يبيتون في العراء بعد هدم دواوير عين السبع (مع الصور)
يعيش سكان دواوير عين السبع بالدار البيضاء (الواسطي، حسيبو، والجديد، والريكي) حالة التشرد، في غياب وجود سكن للكراء، حيث ارتفعت أثمنة الكراء بشكل صاروخي، ويتحفظ الملاك في الكراء لسكان الدواوير، ويشترطون شروطا صعبة مقابل الكراء.
وتبيت عشرات الأسر في الشارع العام، في وضع لا إنساني، يسائل حكومة، يقودها حزب يدعي أنه “إسلامي”، فيما قرر آخرون اللجوء الإنساني إلى أوروبا، بعد هدم السلطات العمومية، مرفوقة بالقوة العمومية الأكواخ التي كانوا يقطنون بها بدواوير الواسطي، حسيبو، والجديد، على رؤوسهم، أمس السبت، بعد تشريد سكان دوار الواسطي، السبت قبل الماضي.
وكان سكان ثلاث دواوير، “حسيبو” و”الريكي” و”الجديد” بعين السبع بالدار البيضاء، وانضم إليهم سكان الواسطي، قرروا الانسحاب الكلي من تلك الدواوير، والتنازل على البراريك، والهجرة جماعة وعلانية نحو أوروبا، في مسيرة يوم الجمعة الماضي، مباشرة بعد صلاة الفجر.
وأشار مصدر أن شبابا ونساء ورجال “حسيبو” و”الريكي” و”الجديد” و”الواسطي” بعين السبع ساروا في مسيرة ووصلوا إلى تطوان احتجاجا على هدم براريكهم، وتفاديا لأي تصادم مع القوات العمومية، وحفاظا على سلامة المواطنين والمواطنات، وكذلك حفاظا على الممتلكات العامة والخاصة.
وكان السكان طرقوا كل الأبواب ونهجوا كل السبل قبل اتخاذ قرارهم، عبر مراسلة كل الجهات، بما فيها الديوان الملكي، لكن رفض السلطات المحلية الحوار حول الملف المطلبي وعوضته بإرسال تهديدات، تجسدت في هدم دواوير من ضمنها كاريان “زرابة”، ودوار “المومنية”، و”الغالية”، وأخيرا دوار “الواسطي”، السبت الماضي، وتشريد الآلاف، وتعريض حياتهم للخطر، حسب تعبير المصدر جعلهم يقبلون على هذه الخطوة “اللجوء الإنساني”.
يذكر أن السلطات المحلية بعمالة عين السبع الحي المحمدي، مدعومة بجيش من القوات العمومية، بمختلف تشكيلاتها شردت، السبت قبل الماضي، مئات الأسر التي كانت تعيش في دوار الواسطي (حمان الفطواكي)، أحد أقدم الدواوير بالعمالة، كما هدمت دواوير حسيبو، والجديد، والريكي، لاميزون (دار) باسك، في إطار ما تعتبره السلطات “برنامج مدن دون صفيح”، فيما في حقيقة الأمر برنامج تشريد المواطنين، وخلق جيل من الشباب دون مأوى ولا عمل ما يهدد استقرار البلد.
وعاين “دابا بريس” هجوم القوات العمومية على المواطنين، بدوار الواسطي، واعتقال بعضهم، أثناء تنفيذ مخطط الإفراغ، دون احترام لإنسانيتهم.
وطوقت القوات العمومية والقوات المساعدة مدججة بسيارات الأمن، دوار الواسطي، والدواوير الثلاث، والشوارع المحيطة بها.
وأمام الترهيب والقمع اضطرت العديد من الأسر إلى نقل أمتعتها المنزلية وأثاثها في شاحنات نقل البضائع لتفادي ضياعها بعد الهدم، واضطرت أسر إلى طلب اللجوء لدى أسر قريبة أو المبيت في الشارع، فيما ظل آخرون، الذين تعذر عليهم إيجاد وسيلة نقل أو مكان للمبيت، إلى جانب أمتعنهم في الخلاء.
وهدمت السلطات حوالي 400 براكة، أي تشريد أكثر من 400 أسرة من أصل 700 ، وحوالي ألف 500 براكة في الدواوير الأخرى، مستنكرين إخبارهم المتأخر أي في مدة قصيرة قبل تنفيذ الإفراغ، لإرغامهم على التنقيل التعسفي خارج عمالة عين السبع، بمنطقة نائية في سيدي حجاج، لا تتوفر على بنيات تحتية مثل المدارس والمراكز الصحية.
وعلم من مصادر المدارس والثانويات التي يدرس بها أبناء الدواوير هيأـ شهادات المغادرة، وأن جل تلاميذ الواسطي لم يلتحقوا بمدارسهم.
وتروج السلطات أن السكان رفضوا الانتقال، فيما هي لم تسلمهم بعد البقع الأرضية، ولم تجر القرعة بعد حول تلك البقع، بل تكتفي بتشريدهم ورميهم في الشارع حيث يعيشون في أجواء لا إنسانية، وأن هناك عجزة ومعاقين، ومرضى، في دولة تدعي أنها دولة الحق والقانون.