الرئسيةسياسةمغاربيةميديا وإعلام

جون أفريك: مواجهة جزائرية مغربية..التخلي عن سياسة الكرسي الفارغ بالاتحاد الإفريقي تعطي أكلها للديبلوماسية المغربية

ختار المغرب، وفق مقالة "جون أفريك" التخلي عن سياسة الكرسي الفارغ، وقرر محمد السادس أن ينهج سلوكا نشطا داخل الاتحاد الإفريقي. ولم يعد المغرب يحدد رحيل الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، التي لا يزال ممثلوها حاضرين، شرطاً لعودته

قالت مجلة “جون أفريك” الفرنسية، إن قرار المغرب العودة في بداية عام 2017 إلى الاتحاد الإفريقي بعد 33 عاما من الغياب، كانت أثارت مخاوف بشأن مخاطرة الاتحاد الإفريقي بأن يكون رهينة التوترات بين الجزائر والرباط، خاصة  أن الذي دفع الراحل الحسن الثاني إلى مغادرة المؤسسة الإفريقية في عام 1984، كان بسبب تصويت 26 دولة عضواً من أصل 50 دولة آنذاك لصالح قبول” الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، بدعم من الجزائر،

المجلة، اشارت، أن المغرب كف أن يربط علاقاته مع الدول الإفريقية الأخرى بناء على موقفها من قضية الصحراء، مشيرة، أن هذه البراغماتية الجديدة لا تهمل، بل بالعكس هي مشدودة للهدف المركزي لدبلوماسية الرباط: إنها بباسطة سعي لعزل ما يسمى ب“الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” وإضعاف النفوذ الجزائري.

المجلة أشارت، أن محمد السادس، اختار أن لا يجعل موقف بعض الدول الإفريقية من قضية الصحراء، قضية شائكة، وتضيف المحلة أنه منذ تولى العرش في عام 1999، عمد إلى التعامل مع الدول الإفريقية انطلاقا من رؤية أكثر واقعية تهدف إلى تطوير التعاون بين بلدان الجنوب، سواء على المستوى الاقتصادي أو المالي أو الدبلوماسي أو الأمني ​​أو العسكري أو الديني أو الرياضي.

اختار المغرب، وفق مقالة “جون أفريك” التخلي عن سياسة الكرسي الفارغ، وقرر محمد السادس أن ينهج سلوكا نشطا داخل الاتحاد الإفريقي. ولم يعد المغرب يحدد رحيل الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، التي لا يزال ممثلوها حاضرين، شرطاً لعودته.

تؤكد “جون أفريك” نقلا عن دبلوماسي مالي: “نجحت الدبلوماسية المغربية في تسجيل نقاط، من خلال التعبئة من أجل تجديد القارة والمساهمة في إيجاد حلول ملموسة للتحديات الحالية، مثل المناخ والهجرة والسلام والأمن والسيادة الغذائية والصحية”. ويضيف الدبلوماسي: “لكن حتى وإن لم يعد المغرب يجعل من مسألة الصحراء الأولوية الأولى لعلاقاته مع نظرائه الأفارقة، فإن نهجه المتبع حاليا قد غيّر التصور الذي كان لدى العديد من الدبلوماسيين الأفارقة بخصوص هذه القضية، كما رأينا مع فتح العديد من القنصليات في مدينتي الداخلة والعيون” .

وبناء عليه اعتبرت “جون أفريك”: بأنه “صحيح بأنه لا توجد مواجهة صاخبة، ولكن توترات ملحوظة لمن يمشي في أروقة مقر الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا”، فقد كان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ملزما للاستماع لخطاب رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا (2020)، الذي يتولى الرئاسة الدورية لمؤسسة الاتحاد الإفريقي- وخطاب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي نال شرف المنصة بانتخابه قبل شهرين. ولم يفوت رئيسا أقوى بلدين داعمين لجبهة البوليساريو في القارة، الفرصة للحديث عن الصحراء كرمز لإنهاء الاستعمار غير المكتمل في إفريقيا. وهو ما أثار غضب الوفد المغربي بشكل ملموس، لكن رغم ذلك، امتنع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة يومها عن النفخ في الجمر، وفضل عدم التعليق.

تؤكد“جون أفريك” نقلا، عن مصدر في الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا، تفسيرا تشير فيه انه و: “مع أنه لا يمكننا التعميم، إلا أنه من المؤكد أنه كان لدينا شعور منذ البداية أنه بالنسبة للجزائر، فإن الوجود المغربي داخل المنظمة يُنظر إليه على أنه معاد. وهذا الأمر لم يتم إصلاحه خلال العام الماضي، مع قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين”، ومع ذلك، تظل العلاقات مع الدبلوماسيين المغاربة والجزائريين موضوعا حساسا. وبالنسبة للجزائر، فإن الوجود المغربي داخل الاتحاد الإفريقي يُنظر إليه على أنه معاد

تستنتد “جون أفريك”للباحث السياسي الفرنسي إيمانويل دوبوي، بقوله: “بشكل عام، المغاربة ينتهجون سياسة التجنب، ولا سيما عدم إزعاج رئيس الاتحاد الإفريقي الحالي، السنغالي ماكي سال”.

فقضية الصحراء انتقلت الآن إلى الأمم المتحدة، وفقا لما تم الاتفاق عليه في القمة الحادية والثلاثين للاتحاد الإفريقي، التي انعقدت في نواكشوط عام 2018. وهو قرار رحب به وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، الذي قال حينها في مقابلة مع “جون أفريك”: “تدخلت العديد من هيئات الاتحاد الإفريقي في هذه القضية. لقد حددت هذه القمة أن دور الاتحاد الإفريقي يقتصر على مواكبة ودعم جهود الأمم المتحدة: لا توجد عملية تطوير ولا مبادرة لإطلاقها. يجب أن ينحاز الاتحاد الإفريقي إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.

واليوم فإن المغرب، الذي يُعدّ إلى جانب الجزائر وجنوب إفريقيا ونيجيريا ومصر من بين أكبر المساهمين في ميزانية الاتحاد الأفريقي، بـ20 مليون دولار سنويا، يتمتع بثقل كبير في المؤسسة الإفريقية، إذ أن وجوده يغير التوازنات، والدور المُهيمن لبعض الدول على مدى سنوات.

واعتبرت “جون أفريك” أنه من خلال تنظيم القمم بانتظام -مثل اجتماع وزراء المالية الأفارقة في الرباط ، يومي 13 و14 يونيو، بشأن محاربة “داعش” أو حتى الوساطات بشأن ليبيا، سواء في الصخيرات عام 2015 أو في بوزنيقة من عام 2019- فإن المغرب يتموضع كأرض للتبادل بين الأفارقة. كما أن هناك ميزة أخرى للمغرب في الاتحاد الإفريقي، وهي التعاون في مكافحة الإرهاب، متفوقاً هناك أيضا بشكل هادئ على الجزائر، التي أرادت دائما تقديم نفسها كقائدة إفريقية في هذه القضية بسبب تجربتها في التسعينيات، وذلك بعد وصل (المغرب) بنهج مختلف تماما عن النهج الذي اتبعته الجزائر وحلفاؤها.

اشارت“جون أفريك” أنه بعد أن تولت الجزائر خلال خمس فترات وعلى مدى 14 عاماً (منذ عام 2004) المنصبين المخصصين لجميع دول شمال إفريقيا في مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، تم انتخاب المغرب هناك لأول مرة بعد عودته إلى الاتحاد من 2018 إلى 2020. وقد أعيد انتخابه للتو في فبراير لولاية ثانية (إلى جانب تونس) لمدة ثلاث سنوات، من 2022 إلى 2025، بأكثر من ثلثي الأصوات، بما في ذلك صوت ليبيا التي قررت سحب ترشيحها ودعم المغرب لهذا المنصب الذي تطمح إليه الجزائر.

وقال دبلوماسي من منطقة جنوب الصحراء الكبرى لـ“جون أفريك” إن إعادة انتخاب المغرب على مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، هي علامة على الاعتراف بجهود المملكة في تعزيز السلام والأمن في إفريقيا. المغرب اليوم ممثل في الاتحاد الإفريقي من قبل حوالي عشرة مسؤولين فقط داخل هيئات الاتحاد، وليس كلهم ​​في أديس أبابا. لكن هذه القوة العاملة المحدودة في طور تسجيل النقاط مقابل حوالي خمسين من الدبلوماسيين والموظفين الجزائريين الذين أتقنوا منذ فترة طويلة أعمال المؤسسة.

أوضحت “جون أفريك” استنادا لإفادات الباحث الفرنسي إيمانيول دوبوي، قوله أيضا: “الجزائر تلتزم وفقا لمنطق المصلحة الذاتية، بشكل أكبر داخل الاتحاد الإفريقي من خلال إبراز قدراتها الخاصة، كما رأينا في مشروع الغاز بين لاغوس وطنجة، والذي حرصت على منعه لصالح مشروعها الخاص، الذي من شأنه أن يمر عبر نيجيريا والنيجر ثم جنوب الجزائر، قبل الصعود إلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط. بينما يعد المشروع المغربي أكثر شمولاً، حيث تشارك فيه بلدان أكثر من تلك التي دافعت عنها الجزائر، التي تهدف قبل كل شيء إلى الحفاظ على مصالحها الخاصة، لأنها أول منتج للغاز في القارة”.

ويضيف الباحث السياسي الفرنسي: “بالنسبة للمغرب، فإن الاتحاد الأفريقي قوي إذا كانت الدول الإفريقية قوية، وإذا كانت هناك، من بينها، دول رائدة لديها القدرة على العمل وقادرة على خلق التآزر مع دول أخرى تعاني بسبب العزلة أو الافتقار إلى البنية التحتية”.

واعتبرت “جون أفريك” أن الجزائر تعتمد أكثر على مفهوم السيادة للقارة. وهي مقاربة يبدو أنه عفا عليها الزمن لو أن عودة الانقلابات العسكرية لم تعطِ مضمونا لرفض النفوذ الفرنسي في القارة. وهذا في صالح الجزائر التي ترى في هذه التطورات إمكانية لممارسة نفوذها مرة أخرى على دول إفريقية معينة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى