سياسة

الباحثة الشرايبي: أسطورة ’’الملك طيب والطبقة السياسية سيئة‘‘ تعيش آخر أنفاسها

في قراءة نقدية للملكية والطبقة السياسية بالمغرب، توصلت الباحثة مونية بناني شرايبي، إلى أن مسلّمة ’’الملك طيب، والطبقة السياسية سيئة‘‘باتت أسطورة في آخر أنفاسها، وثمة سردية مضادة تمهد لنفسها الطريق: وماذا لو أن من يدعي أنه المعالج كان أحد مصادر الشر؟.

خلاصة انتهى إليها بحث أكاديمي أنجزته الباحثة مونية شرايبي، وهي أستاذة في معهد الدراسات السياسية لمركز الأبحاث حول النشاط السياسي بجامعة لوزان، من خلال تحليلها لطبيعة الملكية بالمغرب وإدارتها للطبقة السياسية، بالشكل الذي يضفي الشرعية للملكية، ويجعل الأحزاب السياسية ’’ضعيفة‘‘ و’’مختلة‘‘.

’’الملك طيب، و الطبقة السيسية سيئة‘‘ : سردية قديمة

تقول الباحثة منية الشرايبي، إن تشويه الأحزاب السياسية، المنتمية للحركة الوطنية، كان  عملة رائجة، تحت حكم الحسن الثاني، وأنه في كل مرة كان أحد المقربون من القصر يشرع في إنشاء حزب ’’إداري‘‘،  تحت ذريعة تمثيل ’’الأغلبية الصامتة‘‘، و”ملء الفراغ السياسي‘‘، وحشد الفاعلين الأكثر ’’كفاءة‘‘ لتنفيذ توجهات القصر، إلخ.

وبعد صعود محمد السادس، تضيف الباحثة ذاتها، سادت المقولة التي كانت سائدة في عهد الحسن الثاني: ’’الملك طيب ومحيطه سئ’’، ثم أخلت المجال  للصيغة التالية: ’’الملك طيب، والطبقة السياسية سيئة‘‘ معتبرة أن ’’لعن الأحزاب السياسية، ’’الفاسدة في مجملها‘‘ يعد جزء أساسيا من آلية إضفاء الشرعية على الملكية. كما لو إخراج المشهد لملك قريب من الشعب، فعّال ومصدرا لكل الإنجازات الإيجابية للسلطة التنفيذية، والتي لا يمكن تأكيد تجسده إلا عن طريق تصدير السلبية عن ’’الطبقة السياسية‘‘، ككبش فداء ضروري لإحكام السردية في نسختها الجديدة‘‘.

 وقد عكست الخطب الملكية  هذا التصور: الشجب والإنذارات والسمات التي تستهدف الأحزاب السياسية: ’’الفساد‘‘، تنقل المنتخبين بين الأحزاب بعد انتخابهم، ’’غياب الكفاءة‘‘،’’البلقنة‘‘، ’’غياب الديمقراطية الداخلية‘‘، ’’غياب التجذر في المجتمع‘‘،  هكذا، ردد الملك في رسائله إلى الشعب، بشكل متكرر ’’توجهاته‘‘ للأحزاب السياسية، لحثها على إعادة تأهيل نفسها، والإضطلاع بمسؤولياتها، لتصبح ’’مدارس للديمقراطية‘‘، ولكي ’’تتماشي مع متطلبات العصر‘‘.

كما تضافرت جهود بعض فاعلي المجتمع المدني في هذه الشراكة  المعنية “بإعادة الضبط”، والتي تتولاها البرامج الدولية لتعزيز الديمقراطية دون إختبار، غير أن قياس أثر هذه البرامج، قد أوضح هشاشة فاعليتها: فبدلا من الدفع نحو الديمقراطية، تضيف الشرايبي،  مالت هذه البرامج نحو دعم السلطوية، بدون تأثير على أداء الأحزاب لا داخليا ولا في علاقتها مع المجتمع .

نهاية أسطورة ’’الملك الطيب والطبقة السياسية السيئة‘‘

 في السياق ذاته، اعتبرة مونية بناني الشرايبي أن ’’الخلط بين الأنماط وتضخم خطابات وصم الأحزاب السياسية تلقي بظلالها على الديناميات المستخدمة من ناحية، فالأحزاب السياسية القائمة بذلت قدرات قوية على التأقلم. ومن ناحية أخرى، فإن الساحة الإحتجاجية إمتدت وراكمت الخبرات المكتسبة لدرجة القبول طواعية بأن ’’الطبقة السياسية سيئة‘‘ ولكن بالأحرى من أجل دفع ’’الملك الطيب‘‘ في مأزق‘‘.

كيف ذلك؟ تقول الباحثة الشرايبي، إنه ’’بالنظر إلى ما يحدث في الساحة الإحتجاجية، يتضح أن قطعة من آلية شرعية الملكية  قد صارت متآكلة. فإذا كان الإنفتاح السياسي قد حول الساحة الإنتخابية إلى شيء متقلص، فإنه في المقابل، عزز من اتساع الساحة الإحتجاجية، وتراكم المهارات والخبرات من جانب المحتجين، وتطور قدرات التنسيق الأكثر استقلالية، وإبطال الميول الإستقطابية للنظام‘‘، مضيفة أنه ’’بعد 18 عاما من حكم محمد السادس، فإن السردية القائلة بأن الطبقة السياسية هي مصدر كل العلل، بدأت في فقد فاعليتها، بحيث أنه في نفس الوقت الذي يتم فيه شجب ’’الأحزاب السياسية‘‘، يؤكد المحتجون بصوت عالي وبقوة أن زمام الحكم بين يد الملك‘‘ وهكذا تبدو عملية ’’تعرية الملك‘‘ مصدرا للتهديد لدرجة تستدعي إستعادة العمل بصيغة ’’الملك طيب والطبقة السياسية سيئة‘‘ كما ظهر ذلك جلياً في آخر خطاب للعرش، حين استنكر الملك مسألة أنه ’’عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الإختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه‘‘.

وتابعت الشرايبي في بحثها، مسجلة أنه على الرغم من أن معظم قادة الأحزاب القائمة سارعوا في تولي دورهم في دعم التشخيص الملكي لطبيعة الأزمة، فإن الأصوات المعارضة استعادت عذوبتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى