رياضة

الشغب يفسد “أم النهايات” ويخدش كبرياء كرة القدم الأرجنتينية

هي نهاية “ليبيرتادوريس” التي لم يكتب لها أن تنتهي بين بوكا جونيورز وريفير بلايت، في البداية أجلت الأمطار الغزيرة مباراة الذهاب، بعد أن حولت ملعب “لا بومبونيرا” إلى بركة مياه، وفي اليوم الموالي أجريت المباراة التي انتهت بتعادل بهدفين لمثلهما، أما لقاء الاياب فلم يكتب له أن يتم وخضع لمنطق التأجيل في أربع مناسبات، آخرها كان لأجل غير مسمى، وذلك بسبب أعمال شغب وعنف أفسدت، السبت الماضي، “مباراة القرن” و”أم جميع النهايات” التي كان ينتظرها عشاق كرة القدم في أنحاء واسعة من المعمور.

في الأرجنتين، كرة القدم ليست مجرد لعبة بل عشق وجنون وهوس، وعندما يتعلق الأمر بفريقين من قبيل بوكا وريفير يصل منسوب الجنون إلى مستواه الأقصى، فمشجعو هذين الناديين، وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية وتراجع قيمة العملة المحلية، لا يجدون حرجا في الاقتراض من البنك أو بيع ما يملكون من أجل الحصول على تذكرة الدخول إلى الملعب لمتابعة أداء فريقهم المفضل.

وعلى غرار ذهاب هذا النهائي التاريخي الذي يجمع بين ناديي العاصمة الأرجنتينية للمرة الأولى في مسابقة كأس “ليبرتادوريس” الأميركية الجنوبية، المماثلة لدوري أبطال أوروبا، بلغت أسعار بطاقات الولوج إلى ملعب “إل مونيمونتال” مستويات قياسية في السوق السوداء تجاوزت 4 آلاف دولار أمريكي، فيما لم يكن سعرها الأصلي يتجاوز 70 دولارا.

أما نقطة التحول التي نسفت عرسا كرويا كان سيكون تاريخيا، فهي عندما رمت مجموعة من مشجعي ريفير، دقائق قبل انطلاق المباراة، حافلة البوكا، التي كانت تهم بدخول ملعب “إل مونيمونتال”، بالحجارة والعصي ومواد أخرى، حطمت الزجاج لتصيب عددا من اللاعبين نقل اثنين منهما إلى المستشفى لتلقي العلاج.

وبعدها انتفت أجواء وظروف إجراء مباراة في كرة القدم، نفسية محطمة لدى اللاعبين خاصة من فريق بوكا، ومواجهات عنيفة تدور رحاها بين الشرطة ومشجعي نادي “ريفر بلايت” بمحيط ملعب هذا الأخير، حيث رشقت مجموعة من المشجعين عناصر الأمن بالحجارة والقارورات الزجاجية، وردت عليهم الشرطة بإطلاق الغازات المسيلة للدموع وحتى الرصاص المطاطي. كما تم اعتقال 56 شخصا على إثر أعمال الشغب التي شملت أيضا تكسير العديد من السيارات ونوافذها وسرقة المحتويات التي كانت بداخلها.

أمام هذا الوضع، اعترف رئيس الحكومة المستقلة لبوينوس أيريس، هوراسيو رودريغيز لا ريتا، بوجود تقصير من قبل شرطة المدينة التي كانت مكلفة إلى جانب الشرطة الفيدرالية، بتأمين مرور حافلة بوكا، ووعد بتحديد المسؤوليات بعد أن طلب من سكرتارية الأمن تقريرا مفصلا عن الحادث، لكنه بالمقابل اتهم أولتراس ريفير بلايت بالضلوع في أعمال الشغب، وربط بين هذه الأحداث و العثور لدى هذه المجموعة من مشجعي الفريق على أزيد من 300 تذكرة دخول إلى المباراة بالاضافة إلى 10 ملايين بيسو (نحو 270 ألف دولار) وهنا يكمن، برأيه، صلب المشكل التي يتعين حله.

وجوه كروية معروفة عبرت عن استيائها بخصوص أحداث خدشت كبرياء كرة القدم الأرجنتينية، ورسمت صورة لا تليق عن بلاد لها تاريخ كبير مع الساحرة المستديرة. وهكذا وصف الدولي السابق غابرييل باتيستوتا، الذي لعب في صفوف بوكا وريفير، ما حدث يوم السبت “بالمخجل والمؤسف” وكتب على حسابه بموقع تويتر ” فرصة أخرى تضيع منا أمام أعين العالم الذي يشاهدنا.. أمر مخجل ومؤسف”

من جهته قال اللاعب الأرجنتيني السابق، برونو ماريوني والمدرب الحالي لفريق لوفينادوس المكسيكي “لا تتحدثوا عن الأمن… بل لنتحدث عن المجتمع، هو انعكاس لما تعيشه البلاد من حزن وعار..”.

أما كارليس بويول، نجم برشلونة السابق، فكتب على موقع تويتر “يا للأسف على الأخبار الواردة من الأرجنتين… هذه ليست الطريقة التي نعيش بها كرة القدم.. عار!”

وعندما اعتقد الجميع أن صفحة يوم “العار والفضيحة” كما وصفته الصحف المحلية ستطوى بعد أن تقرر إجراء المباراة يوم الأحد مساء، توجه آلاف المشجعين إلى ملعب “إل مونيمونتال” وأخذوا أماكنهم بالمدرجات في انتظار إعطاء صافرة انطلاق المباراة، لكن رئيس اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم “الكونميبول”، أليخاندرو دومينغيز، خرج في لقاء مع قناة “فوكس سبورتس”، ليعلن أن “تكافؤ الفرص” بين الفريقين لخوض هذه المواجهة “ليست متوفرة بعد” على إثر أعمال الشغب والهجوم على الحافلة التي كانت تقل لاعبي “بوكا”، الفريق الذي أيد هذا الطرح.

وضرب لمسؤولي الناديين موعدا في أسونسيون، يوم الثلاثاء المقبل، للبحث في مسألة تحديد تاريخ جديد لهذا العرس الكروي، خطوة رأت فيها الصحافة المحلية أنها ستحرر رئيس الكونميبول من الضغط، على اعتبار أن قرار موعد المباراة الجديد سيتم اتخاذه هذه المرة بمقر الاتحاد الاقليمي، مشيرة إلى أنه لا يستبعد إجراء هذه النهاية خارج الأرجنتين أو بشبابيك مغلقة.

بعد الإعلان عن قرار تأجيل ” أم النهايات” كما وصفها بذلك الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” شرع نحو 60 الف شخص من مشجعي “ريفير” (وحدهم من كان يحق لهم حضور مباراة الإياب) في مغادرة مدرجات الملعب، والحسرة بادية على محياهم.. لكن لسان حالهم يقول: حتى ولو أقيمت المباراة في ملعب فيكتور أغوستين ببوليفيا على ارتفاع 3960 مترا عن سطح البحر، فسنكون هناك بجانب ريفيربلايت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى