الرئسية

إسرائيل أمام احتمال اتهامها بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية..خبراء: القضية المرفوعة في العدل الدولية بلاهاي خطر حقيقي

يسود القلق لدى أوساط الاحتلال الإسرائيلي، من أن تتهم محكمة العدل الدولية في لاهاي، "إسرائيل"، بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، وذلك بناءً على طلب جنوب أفريقيا، التي رفعت دعوى على إسرائيل في المحكمة مطلع هذا الأسبوع، وفقاً لصحيفة "هآرتس"، في تقرير نشرته الإثنين 1 يناير 2024.

وعلمت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، أن خبيراً قانونياً بارزاً حذر مؤخراً ضباط الجيش الإسرائيلي، منهم رئيس الأركان هرتسي هاليفي، من أن إصدار المحكمة لأمر قضائي يطالب إسرائيل بوقف إطلاق النار يشكل خطراً حقيقياً، مشيراً إلى أن “إسرائيل” ملزمة بتنفيذ قرارات المحكمة.

وقد بدأ الجيش الإسرائيلي ومكتب المدعي العام بالفعل الاستعداد للتعامل مع الدعوى، وستُعقد جلسة استماع حول هذا الأمر في وزارة الخارجية الإسرائيلية، يوم الإثنين 2 يناير، وفق الصحيفة.

ووفقاً لخبراء القانون الدولي، فهذا الإجراء قد يعزز مزاعم الإبادة الجماعية ضد “إسرائيل”، وبالتالي يؤدي إلى عزلتها الدبلوماسية ومقاطعتها أو فرض عقوبات عليها أو على الشركات الإسرائيلية.

وعلى عكس المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، التي تختص بمقاضاة الأفراد، تتعامل محكمة العدل الدولية مع النزاعات القضائية بين الدول، ولا تعترف إسرائيل باختصاص المحكمة الجنائية، التي تجري تحقيقات في جرائم حرب مزعومة ارتكبها الإسرائيليون تمتد إلى الحرب الحالية.

وفي المقابل، فإسرائيل من الدول الموقعة على معاهدة مناهضة الإبادة الجماعية، التي تستمد المحكمة بموجبها سلطتها للنظر في الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا على إسرائيل. ووفقاً لحكم المحكمة السابق، يجوز لأي دولة موقعة تقديم شكوى ضد دولة أخرى، حتى لو لم تتضرر منها بشكل مباشر.

ويوضح البروفيسور إلياف ليبليتش، خبير القانون الدولي في جامعة تل أبيب، أن جنوب أفريقيا في دعواها وجهت اتهامين رئيسيين لإسرائيل: الأول: أنها لا تعمل على منع التصريحات التي تدعو إلى الإبادة الجماعية، والثاني: أنها ترتكب أعمالاً تشكل إبادة جماعية، مشيراً إلى أهمية “عدم تجاهل تأثيرها، والتعامل معها بشكل جدي”.

وترى الدكتورة شيلي أفيف يني، خبيرة القانون الدولي في جامعة حيفا، أيضاً أنه لا ينبغي الاستخفاف بشكوى جنوب أفريقيا، حيث تتمتع محكمة العدل الدولية بتأثير كبير في تشكيل القانون الدولي، وأحكامها تؤثر على تصورات المجتمع الدولي. ولذلك، فالاعتراف بدعوى جنوب أفريقيا قد يعزز التصور بأن “إسرائيل” ترتكب إبادة جماعية في غزة.

ويضيف ليبليتش: “الإبادة الجماعية انتهاك، وإثباته في المحكمة يتطلب عنصرين: الأول: إظهار نية الإبادة، والثاني: بعض الإجراءات الميدانية التي تعزز هذه النية. ووفقاً لجنوب أفريقيا، ثبتت نية الإبادة في تصريحات شخصيات إسرائيلية رفيعة المستوى والحديث العام عن محو غزة أو تسويتها بالأرض، والضرر البالغ الذي لحق بالمدنيين والجوع في غزة يظهران العنصر الحقيقي لهذا الفعل”.

وقال ليبليتش إن التصريحات المتطرفة التي يدلي بها كبار المسؤولين الإسرائيليين يمكن اعتبارها دليلاً على نية إيذاء السكان المدنيين في غزة.

وأوضح: “بشكل عام، من الصعب إثبات نية الإبادة الجماعية لأنه لم يُدل بتصريحات علنية بهذا المعنى أثناء القتال. لكن هذه التصريحات غير المسؤولة عن محو غزة ستتطلب من إسرائيل أن تشرح لماذا لا تمثل تأكيداً على وجود نية”.

وأشار ليبليتش إلى أنه مع ذلك، سيتعين على جنوب أفريقيا إثبات وجود علاقة سببية بين تصريحات الساسة وتصرفات الجيش، ويرى أن هذا سيكون صعباً.

وقال: “هذه ليست لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة أو المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، التي ترفض إسرائيل سلطتها. إنها محكمة العدل الدولية، التي تستمد صلاحياتها من معاهدة انضمت إليها إسرائيل، لذا لا يمكنها رفضها على أساس قانوني للأسباب المعتادة، مثل الافتقار إلى السلطة، كما أنها هيئة تتمتع بمكانة دولية”.

وتابع: “هذا لا يعني أنه إذا أصدرت حكماً أو أمراً قضائياً، فسينُفذ على الفور. ولكن إذا، تقرر في حكم أو حتى أمر قضائي مؤقت أن هناك اشتباهاً بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية، عليك أن تفكر فيما سيمثله هذا للرواية التاريخية. ولهذا السبب أيضاً، من الضروري أخذ هذا الإجراء على محمل الجد”.

وأشار ليبليتش إلى أنه حتى الآن، نظرت المحكمة في عدد قليل جداً من القضايا التي تنطوي على اتهامات بالإبادة الجماعية. وقبل حوالي 15 عاماً، رفضت دعوى بوسنية بأن صربيا ارتكبت إبادة جماعية، لكنها قضت بأن صربيا لم تمنع الإبادة الجماعية التي ارتكبتها الميليشيات الصربية في مذبحة سربرنيتسا.

وهناك قضية أخرى، لا تزال في مراحلها الأولى، تتعلق بدعوى أوكرانية على روسيا. وتنظر المحكمة أيضاً في شكوى قدمتها غامبيا ضد ميانمار بسبب اضطهادها للروهينغا.

وقال ليبليتش: “شكوى جنوب أفريقيا تهدف إلى إضافة “إسرائيل” إلى هذه المجموعة سيئة السمعة، وبالتالي إحراج حليفتها الولايات المتحدة”.

وأصدرت المحكمة أمراً قضائياً مؤقتاً ضد ميانمار، ووفقاً للدكتورة أفيف يني، ليس مستبعداً أن تصدر أمراً قضائياً مماثلاً ضد “إسرائيل”، وتحكم بأن عملياتها تنتهك حقوق الإنسان التي تحميها اتفاقية الإبادة الجماعية.

وأضافت: “إذا لم تقدم إسرائيل رداً مفصلاً يدحض الاتهامات الموجهة إليها، فستصدر المحكمة هذا الأمر على الأرجح”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى