الرئسيةرأي/ كرونيكرياضة

ماذا ربحنا في الكوت دي فوار…؟

نعم… خسرنا ضد جنوب إفريقيا…
خسرنا مقابلة كرة القدم..
خرجنا من الكان…
لكن… هل فزنا في معارك أخرى غير الركض وراء هذه الساحرة…؟

بقلم الاعلامي والروائي خالد أخازي

تتبعت الكان وأحداثه وأجواءه…
وفي حمأة التنافس والتعصب نسيت أن ألتقط التفاصيل والرسائل الحضارية القوية… والمعارك التي ربحناها بفضل إبداع وذكاء المغاربة هناك..
نعم أنا أيضا كنت أتساءل عما يفعله جيش من الإعلاميين…
إعلاميين حقيقيين من عيار ثقيل..
وأتابع بغرابة جدوى تواجد مبتدئين ومبتدئات…
وكنت أتساءل عن جدوى وجود مؤثرين ومؤثرات لا علاقة لهم بالرياضة…فالوطنية وحدها لا تكفي لتبرير بعض الخيارات…
لأن الوطنية لا تجزأ وليس لها مقياس درجة حرارة..
إما وطنية كاملة بلا نقصان أو خذلان..


أحيانا شعرت بالغضب من تحمل الجامعة وفي شخصها الدولة مصاريف هذا العدد من الصحافيين والصحافيات…
هذا ما افترضت…
ولا يهم الآن إن فعلت..
فالوعي بقيمة المكسب يبرر التكلفة…
انتقدت كباقي الناس وسط عماء وجداني الجدوى الإعلامية من الكثرة والرهان على الكم لا الكيف..
حللت حتى طبيعة بعض الأسئلة التي بدت غبية صادرة عن مبتدئين ومبتدئات طموحين في القطاع الإعلامي… وجرني استيائي إلى أن ألعن ما بدا حماقات وسوء تدبير للملف الإعلامي…
ما بدا طبعا قبل أن تتبدد غشاوة الغضب…

فأحيانا نغدو شعبويين في التحليل بسبب الخوف أو تدني جرعة الجرأة أو الجهل بكل بساطة..
تساءلت… ما هي المردودية الإعلامية لهذا العدد الكبير من الصحافيين والصحافيات…؟
لم أبحث في التفاصيل…كالتكلفة ومنى تحملها…
كنت فقط أجد متعة حينما يطلع علينا الجيل المتقاعد مهنيا وليس إعلاميا ويقدم لنا وليمة إعلامية رياضية….
فالتقاعد في الإعلام أسطورة…
هل يتقاعد الشاعر والأديب والمفكر…؟!
فحين توقف مشوارنا في الكان…
تساءلت كأي مواطن مغربي يؤدي الضرائب عن مردودية الأداء الإعلامي لكل هذا الجيش الإعلامي…
للوجوه الجميلة التي كانت تلتقط صورا وتبتسم…
فيهم أبناؤنا وبناتنا…و نتفهم فتنة الحلم الإعلامي..
فهم يملكون حلم الصحافة وتسكنهم تعويذة لعنة الكاميرا والميكروفون…

وإن كانت الصحافة أكبر بكثير من تكوين أكاديمي وشهادة…
فهي تحتاج إلى الموهبة مع المعرفة والمهارة…
والحظ… وبعض الصبر…
نعم… الحظ لتدخل من بابها الواسع…
فعلى باب هذه السلطة الرابعة كثير من الخبث والأحقاد…
وكثير من التافهين الذين هم مستعدون لاغتيالك فقط لأنك لا تشبههم….
وكثير من الفاشلين الذين يخيفهم التميز…
لا غرو في الأمر… فهذا داء كل القطاعات…
لأن ثمن التميز مزيد من الأعداء المجانيين …

ليس هذا هو موضوعنا….
المهم… تساءلت عن الجودة والأداء…
وفي لحظة صفاء ذهني…
وضعت مسافة بيني وبين الوقائع…
رأيت ما وقع من زاوية أخرى كانت تغطي عليها شعبوية أثرت في أيضا…
لا أحد قديس…
فتحت الزاوية الجديدة..
فقد نسيت معركة كانت تخاض خارج الملاعب…
معركة حماية ظهورنا من خبث الأعداء…
معركة ترسيخ وجودنا في هذه الدولة الحليفة…
وهي معركة متعددة الجبهات…
شارك فيها الكثيرون بمواهبهم التواصلية… بارتجال إنساني حضاري…
وأحيانا بقوة وصرامة واستراتيجية تداومين تواصلية..

رأيت الملاحم الخفية…
رأيت مغاربة يرسمون صورة جميلة عن شعب مغربي كريم مضياف مبدع….
رأيتهم يرسخون صورتنا الحقيقية
شعب لا يعرف الكراهية….
شعب يثمن تجارب الأمم الإفريقية في التنمية..
هؤلاء الذين ذابوا وسط الشعوب… بين الإيفورايين…هم من ربحوا كأس الكان الأخرى…
كأس الديبلوماسية الموازية…
كأس ربح القلوب…
ووأد أفعى الحقد والكراهية…
لقد ربحنا درع المحبة والسلام…
وهزمنا الأحقاد والاستكبار…


ربحنا حب كثير من الشعوب الإفريقية…بتواضعنا وإعلاننا الميداني الانتماء لهذه القارة بكل ما فيها…
بأعراسها وأحزانها…
بفقرها… وغماها
وأحلام شعوبها…وجمالها…
رسخنا صورتنا كأفارقة أولا…
فكل الورشات الحضارية المرتجلة للمغاربة هناك ذات الطابع الإنساني والاحتفالي عمقت علاقتنا بأمنا أفريقيا…
أمنا أفريقيا…
تحيا أفريقيا…
وعزلنا الخصوم…حد الانتحار الديبلوماسي…

طبعا توقف مشوار الكاف…
لكننا ربحنا معارك كانت تخاض خارج الملعب…
أبطالها مؤثرون وصحافيون لا شهية لهم في الخبر وإنما كل همهم تحصين الوجود المغربي، وحماية مصالحه وقضاياه بتمغربيت… بالقفطان والطعام المغربي على موارد مفتوحة على الهواء الطلق… بمنح الأطفال هدايا… وضعهم في الأحضان.. بالرقص والغناء… باللعب والعناق.. والتواجد مع الشعوب في قلب أحيائها لمحاصرة العبث والهلوسات…
لا أبحث عن مبرر لإيفاد كل هذا العدد من الصحافيين والصحفيات والمؤثرين والمؤثرات..
فالمهمة الإعلامية قام بها عمداء الصحافة الرياضية على أكمل وجه… وبإبداع ومهنية عالية…

والبقية في المشهد العام تفاصيل دقيقة قد يطول شرحها قام بها صحافيون وصحافيات ومواطنون ومواطنات في إطار الديبلوماسية الموازية… الذكية…
بلا حلقات نقاش ولا ندوات ولا مرافعات..
فقط كانت تمغربيت كافية لربح الرهان…


تظاهرة بهذا الحجم هي أكبر مناسبة لربح رهانات قد لا تبدو واضحة ولكنها مؤثرة وحاسمة في قضايا حساسة….
فقط علينا أن نكون هناك بكثرة وبالتنوع المطلوب وبتمثيلية مميزة..
لأنه جرت العادة في كل تظاهرة إفريقية أو عالمية أن الكثرة والتعدد والتنوع أحيانا مفيد لربح معارك ضد تجار الوهم وحلفائهم…
خسرنا مباراة كرة قدم…
وربحنا شعوبا إفريقية كثيرة…
ورسخنا صورة المغربي الإفريقي المسالم الكريم النبيل…المحب لإفريقيا… العادل في قضاياه..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى