أصبح في عصر التكنولوجيا الحديثة، التواصل أكثر سهولة ويسرًا من أي وقت مضى، ولكن في الوقت نفسه، يطرح الاعتماد المتزايد على الوسائل الرقمية تحديات جديدة على صحة الانسان النفسية علاقاته الاجتماعية.
أجرى باحثون في جامعة كارنيجي ميلون، دراسة توصلت إلى أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالوحدة والاكتئاب، كما أوضحت وجود ارتباط بين الاستخدام المكثف لهذه الوسائل والشعور بالانعزال.
ونشرت مجلة العلاقات الاجتماعية والتكنولوجيا، دراسة أخرى أظهرت أن الأشخاص الذين يقضون وقتًا أقل في التواصل الشخصي ويعتمدون بشكل كبير على الاتصال عبر الإنترنت، يعانون من انخفاض مستويات الدعم الاجتماعي والرضا عن العلاقات.
هذا وأجرى باحثون في جامعة كاليفورنيا، دراسة أبانت أن الأشخاص الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط، هم أكثر عرضة للتوتر والقلق، ويعانون من مشاكل في النوم، مما يؤثر على جودة حياتهم الاجتماعية والعاطفية.
هذه الدراسات تلقي الضوء على التأثير السلبي للاعتماد المفرط على التكنولوجيا الحديثة على الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية، فبالرغم من ما تقدمه من فرص هائلة للتواصل عبر الانترنت، مثل وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة الفورية، وما تتيحه للأشخاص من فرص للتواصل مع الآخرين في أي وقت وفي أي مكان، إلاّ أن هذا النوع من التواصل الرقمي يؤدي إلى الانعزال الاجتماعي، اذ يجد الأفراد أنفسهم معزولين عن العالم الحقيقي ومتواصلين فقط خلف الشاشات.
علاوة على ذلك، تؤثر التكنولوجيا على جودة التفاعل الاجتماعي، حيث يميل البعض إلى استخدام الرسائل النصية أو الردود القصيرة عبر الرسائل الصوتية، بدلاً من الاتصال المباشر، كما ينعزل ضمن عالمه الافتراضي الخاص به، ما ينتج عنه فقدان التواصل العميق والتفاعل الإنساني الحقيقي حتى في الحياة الاسرية.
ومع ذلك تبقى التكنولوجيا، وسيلة جيدة لتعزيز العلاقات الاجتماعية إذا استخدمت بشكل صحيح، فمن خلال استخدام تطبيقات الفيديو المباشرة ومنصات التواصل الاجتماعي لتبادل الأفكار والتجارب، يمكن للأفراد بناء علاقات أقوى وأكثر اتصالًا، كما تسهم هذه التكنولوجيا في توسيع دائرة المعارف والعلاقات من خلال الوصول إلى أشخاص جدد وثقافات مختلفة.
وتجدر الاشارة الى أن تأثير التكنولوجيا الحديثة على العلاقات الاجتماعية يعتمد على كيفية استخدام الانسان لها، حيث أن التوازن بين الاستخدام الذكي لهذه التكنولوجيا والاستثمار في العلاقات الحقيقية، يسهم في الحفاظ على صحة وقوة العلاقات الاجتماعية في عصرنا الحديث.
