تنديد فلسطيني و”أسف” عربي بعد فيتو أمريكي ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة
عواصم عربية (شينخوا) استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار يوصي بقبول فلسطين عضوا كاملا في الأمم المتحدة في خطوة قوبلت بتنديد فلسطيني و”أسف” عربي.
وحصل مشروع القرار على تأييد 12 صوتا من بين أعضاء المجلس المكون من 15 عضوا، وعارضته الولايات المتحدة، وامتنعت دولتان عن التصويت.
ويحتاج تمرير قرار في مجلس الأمن إلى ما لا يقل عن تسعة أصوات مؤيدة، وعدم استخدام الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا أو روسيا أو الصين حق النقض.
— غير نزيه وصادم
واعتبر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أمس (الجمعة) أن استخدام واشنطن حق الفيتو ضد مشروع القرار “غير نزيه”، وذلك خلال لقائه في مقر الرئاسة بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية وزير خارجية البحرين، عبد اللطيف بن راشد الزياني، مبعوثا من الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وأكد عباس مواصلة الجهود لحصول دولة فلسطين على عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة، وأهمية اعتراف الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، وفق ما نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
وأشاد عباس بـ”مواقف الدول في مجلس الأمن الدولي، التي وقفت لصالح قيم الحق والعدل بتصويتها لصالح حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في مجلس الأمن الدولي، والذي حال الفيتو الأمريكي غير النزيه والمدان دون حصوله”.
ومساء الخميس، أدانت الرئاسة الفلسطينية الفيتو الأمريكي لمنع حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وقالت الرئاسة في بيان إن الفيتو الأمريكي “صادم وغير نزيه”، ويتحدى إرادة المجتمع الدولي الذي يشجع حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
— “أسف” عربي
وتوالت ردود الأفعال العربية بعد فشل مجلس الأمن الدولي في اعتماد مشروع القرار بعد الفيتو الأمريكي.
فمن جهته، اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أن استخدام الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة “أمر مؤسف للغاية”.
وقال أبو الغيط، على حسابه الرسمي عبر منصة ((إكس)) إنه “أمر مؤسف للغاية أن يستخدم الفيتو لإعاقة إرادة دولية واضحة بالموافقة على انضمام فلسطين عضوا كاملا في الأمم المتحدة”.
وأضاف “ومع ذلك نعلم أنها ليست سوى خطوة في طريق كفاح سياسي طويل سينتهي حتما بانتصار الإرادة الفلسطينية المدعومة عربيا ودوليا”.
كما أصدرت عدة دول عربية بيانات رسمية أعربت فيها عن “أسفها” لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع القرار بعد الفيتو الأمريكي.
وأكدت مصر أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية وإقرار عضويتها الكاملة بالأمم المتحدة هو “حق أصيل” للشعب الفلسطيني.
واعتبرت مصر، في بيان صادر عن وزارة الخارجية، أن “إعاقة إقرار حق الشعب الفلسطيني في الاعتراف بدولته لا يتماشى مع المسؤولية القانونية والتاريخية الملقاة على عاتق المجتمع الدولي تجاه إنهاء الاحتلال، والتوصل إلى حل نهائي وعادل للقضية الفلسطينية”.
وطالبت مصر الأطراف الدولية الداعمة للسلام بـ”الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والتعامل بالمسؤولية المطلوبة مع الظرف الراهن لإعادة الأمل في إحياء عملية السلام على أسس جادة تفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة ومتصلة الأراضي، على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش في سلام جنبا إلى جنب مع إسرائيل”.
كما أكد الأردن أن “المجتمع الدولي يدعم حل الدولتين الذي تقوضه إسرائيل، ما يجعل من الاعتراف بالدولة الفلسطينية واجبا على مجلس الأمن لمنع إسرائيل من الاستمرار في حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في الحرية والدولة”.
وقالت وزارة الخارجية الأردنية في بيان إن “الاعتراف بالدولة الفلسطينية وقبول عضويتها في الأمم المتحدة حق ثابت للشعب الفلسطيني، ومسؤولية قانونية وأخلاقية على مجلس الأمن”.
أما السعودية فقد حذرت في بيان لوزارة الخارجية من أن “إعاقة قبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة يسهم في تكريس تعن ت الاحتلال الإسرائيلي واستمرار انتهاكاته لقواعد القانون الدولي دون رادع، ولن يقرب من السلام المنشود”.
كذلك أكدت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان أن “منح فلسطين العضوية الكاملة خطوة مهمة لتعزيز جهود السلام في المنطقة”.
بينما اعتبرت قطر أن فشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع القرار “يكشف مرة بعد أخرى عجزه عن الاضطلاع بمسؤولياته ودوره في إطار حفظ السلم والأمن الدوليين، لا سيما في ظل الحرب الغاشمة على قطاع غزة، التي أدت إلىأسوأ كارثة إنسانية يشهدها العالم في القرن الحادي والعشرين”.
بدورها، أكدت وزارة الخارجية العراقية في بيان أن “لفلسطين حقا تاريخيا في إقامة دولتها”، معتبرة أن حرمانها من هذا الحق يمثل “انتهاكا لحقوق الشعب الفلسطيني”. فيما رأت الخارجية اللبنانية في بيان أن “الوقت قد حان ليترجم المجتمع الدولي أقواله إلى أفعال بقبول حل الدولتين، والاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة، كاملة العضوية”.
— وصمة عار
وفي دمشق، أدانت وزارة الخارجية السورية قيام واشنطن باستخدام الفيتو ضد مشروع القرار، واعتبرته “وصمة عار”.
وقالت الوزارة في بيان إن قيام واشنطن بإعاقة مجلس الأمن عن تحمل مسؤوليته التاريخية في دعم حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة يمثل “وصمة عار أخرى تضاف إلى سجلها الحافل في ضرب وتقويض أسس العمل الدولي الجماعي، وانحيازها الأعمى لصالح كيان الاحتلال الإسرائيلي”.
واعتبرت أن موقف الولايات المتحدة “دليل على نفاقها السياسي عبر تعاملها الانتقائي مع تنفيذ قرارات مجلس الأمن التي تؤكد جميعها على ضرورة تلبية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني”.
ورحبت الخارجية السورية في المقابل بتصويت غالبية الدول الأعضاء لصالح القرار، وقالت إن ذلك “عكس بوضوح وقوفها إلى جانب الضمير العالمي وواجبه نحو رفع الظلم التاريخي الذي تعرض له الشعب الفلسطيني على مدى أكثر من 70 عاما”.
— رسالة واضحة
وعقب الفشل في التصويت على القرار الذي تقدمت به الجزائر، أكد ممثلها الدائم بالأمم المتحدة السفير عمار بن جامع في كلمة بعد الفيتو الأمريكي، “العودة بقوة” بدعم من شرعية الجمعية العامة و”الدعم الأوسع” من أعضاء الأمم المتحدة حول العضوية الكاملة لفلسطين.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن السفير بن جامع قوله “سنعود أقوى وأكثر صخبا بدعم من شرعية الجمعية العامة والدعم الأوسع من أعضاء الأمم المتحدة”. وأضاف أن “هذه ليست سوى خطوة أخرى في الرحلة نحو العضوية الكاملة لفلسطين”.
ودعا السفير بن جامع “أولئك الذين لم يتمكنوا من دعم قبول دولة فلسطين اليوم، أن يفعلوا ذلك في المرة القادمة”، معتبرا أن “التأييد الساحق لتطبيق دولة فلسطين يبعث برسالة واضحة وضوح الشمس بأن دولة فلسطين تستحق مكانها الصحيح بين أعضاء الأمم المتحدة”.
وأعرب الدبلوماسي الجزائري في كلمته عن امتنانه “العميق” باسم المجموعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وحركة عدم الانحياز إلى جميع الذين صوتوا لصالح القرار الذي قدمته بلاده.