كان قاطعه السنة الماضية اتحاد الناشرين العرب..جدل بشأن كاتب إيطالي يلقي بظلاله على معرض فرانكفورت للكتاب
يجمع معرض فرانكفورت للكتاب، الذي ينطلق رسمياً اليوم، مؤلفين وناشرين وغيرهم من اللاعبين في القطاع على مدى خمسة أيام في المدينة الواقعة في غرب ألمانيا.
وتشمل الأسماء الكبيرة المشاركة في المعرض، المؤلف والمؤرخ الإسرائيلي يوفال نواه هراري، المعروف بكتابه “العاقل: تاريخ مختصر للجنس البشري”، والكاتبة الأميركية آن أبلباوم والروائية البريطانية التركية أليف شفق.
لكن الاستعدادات لهذا الحدث طغى عليها خلاف في إيطاليا التي اختيرت “ضيفة الشرف” لهذا العام، وهو تقليد سنوي يهدف إلى تسليط الضوء على المشهد الأدبي في دولة شريكة.
فقد ثارت حالة من الغضب بعد أن غاب عن الاختيار الرسمي الأولي الذي قدمه الإيطاليون روبرتو سافيانو، مؤلف كتاب “غومورا” الشهير عن المافيا والذي صدر في حقه العام الماضي حكم إدانة وغرامة بتهمة التشهير برئيسة الوزراء اليمينية المتطرفة جورجيا ميلوني.
وعقب هذه الخطوة، هاجم سافيانو على وسائل التواصل الاجتماعي ما وصفه بـ”الحكومة الأكثر جهلاً في تاريخ إيطاليا”.
في النهاية، سيحضر سافيانو المعرض، ولكن بدعوة من ناشره الألماني.
يقول المنتقدون إن ما حصل مع سافيانو يقدّم دليلاً إضافياً على تدهور مناخ حرية التعبير في إيطاليا، حيث كتب 41 مؤلفاً رسالة مفتوحة رداً على ذلك اشتكوا فيها من “التدخل السياسي الخانق بشكل متزايد في المساحات الثقافية”.
وشددت جمعية الناشرين الإيطاليين على أنها لن تسمح أبداً بأي نوع من “التدخل الخارجي” في البرنامج، المسمى “جذور في المستقبل”.
وليس المعرض غريباً على الجدل: ففي العام الماضي، انسحب عدد كبير من الناشرين من بلدان ذات أغلبية مسلمة احتجاجاً على دعم المنظمين القوي لإسرائيل في أعقاب طوفان الأقصى والتي أشعلت حرب غزة.
وفي هذا الصدد، كان قرر اتحاد الناشرين العرب عدم المشاركة في معرض فرانكفورت للكتاب 2023، نظرًا لموقف المعرض من القضية الفلسطينية، بعدما ألغى حفل تكريم الكاتبة الفلسطينية والتي كان من المقرر الاحتفال بها خلال فعاليات المعرض لتتسلم جائزة “LiBeraturpreis” من جمعية LitProm، عن روايتها “تفصيل ثانوي”.
و كان ذكر الاتحاد – في بلاغ أصدره انداك – “أن اتحاد الناشرين العرب يعرب عن أسفه العميق لموقفكم المنحاز وغير العادل تجاه الأحداث المأساوية التي تشهدها المنطقة، حيث يعيش الشعب الفلسطيني تحت أطول احتلال في التاريخ الحديث، وهو الاحتلال الذي تحول إلى نظام للفصل العنصري الذي تمارس أقصى الضغوط وتجعل من غزة سجنا مفتوحًا لأكثر من 2,2 مليون شخص، بالإضافة إلى أن أكثر من 1900 فلسطيني استشهدوا برصاص الجيش الإسرائيلي خلال الأيام الستة الماضية، أكثر من 10 % منهم من أطفال”.
وقال لوكالة فرانس برس: “أعتقد أنه من المهم جداً عرض ما يحدث في الثقافة الإيطالية الآن، وفي السياسة الإيطالية”.
وبعيداً عن الجدل الدائر حول إيطاليا، يستقبل أكبر حدث تجاري في قطاع النشر في العالم هذا العام حوالى ألف مؤلف ومتحدث آخر في حوالى 650 حدثاً على 15 مسرحاً.
وستُخصص مساحة كبيرة لأدب “البالغين الجدد”، والذي يشمل مجموعة غريبة من الأنواع الفرعية المحبوبة لدى القراء الأصغر سنا، مثل “رومانتاسي” (مزيج من أدب الرواية والفنتازيا) و”دارك كوليدج” (قصص درامية تتركز في المحيط المدرسي).
وقد شهدت هذه الأنواع نمواً سريعاً في شعبيتها التي تعززت بفضل انتشار موجة “بوك توك” BookTok على منصة تيك توك، حيث يروج المؤلفون لأعمالهم وينشر القراء المراجعات.
سيكون الذكاء الاصطناعي أيضاً موضوعاً رئيساً، مع محادثات ومناقشات جماعية مخصصة للموضوع، وسط تزايد المخاوف في القطاع بشأن الانتشار المتزايد لكتب ذات جودة رديئة مكتوبة آلياً من أجهزة كمبيوتر، وانتهاكات حقوق النشر المحتملة.
في الآونة الأخيرة، اتخذ مؤلفون بارزون، بينهم جون غريشام وجودي بيكو، إجراءات قانونية ضد “أوبن إيه آي”، متهمين الشركة باستخدام أعمالهم بشكل غير قانوني لتدريب روبوت الدردشة الشهير “تشات جي بي تي”.
مع ذلك، ليس كل شيء قاتماً وكئيباً في هذا المجال، إذ يبعث الذكاء الاصطناعي أملاً في إمكان تحسين الكفاءة للناشرين، كما قد يكون مفيداً أيضاً في بعض المجالات، مثل النشر العلمي والبحثي.
وقال بوس: “من ناحية، إنه مفيد لسير العمل في دور النشر، ومن ناحية أخرى، في ما يتعلق بحقوق النشر، فهو يتسبب بفوضى كبيرة”.
ومن أبرز الأحداث السنوية في هذا المعرض، منح جائزة “السلام لتجارة الكتب الألمانية” المرموقة، والتي ستذهب هذا العام إلى أبلباوم، الصحافية والمؤرخة الأميركية البولندية التي يتناول كتابها الأخير “Autocracy Inc” الروابط المتنامية بين الدول الاستبدادية.