الرئسيةثقافة وفنون
الكاتب والناقد السينمائي محمد بكريم: السينما والرسم مقاربة تاريخانية
…منذ ذلك الوقت، حافظت السينما المغربية على علاقة مميزة بالرسم. لن يساهم الرسامون في إنتاج الأفلام فقط، من خلال إتاحة اللوحات لصانعي الأفلام، ولكنهم يشاركون في الإبداع الفني (تصميم المواقع والديكور، والتمثيل في الأفلام، وما إلى ذلك).
وستتوج ذروة هذا التعاون رمزيا بمنح جائزة الصورة عام 1982، خلال المهرجان الوطني الأول ، لفيلم الدرقاوي، أيام شهرزاد الجميلة بحضور قوي للرسام فريد بلكاهية، والجائزة الكبرى سنة 1984 لفيلم “حادة” من إخراج الرسامين محمد أبو الوقار والتيجاني الشريقي.
هذه العلاقة مع الرسم يمكن أن تكون بمثابة مؤشر كاشف لتطور السينما المغربية في علاقتها بالواقع. فإذا كان التبادل والحوار بين المخرجين المغاربة مع الرسم المغربي يتم في وقت كان فيه الأخير قد بدأ بالفعل تحوله نحو الحداثة (مدرسة الدار البيضاء)، متحررا من المحاكاة والواقعية تحت تأثير التصوير الفوتوغرافي والسينما تحديدا، ليصب في التجريد والرمزية، فأن السينما المغربية ستبدأ تحت تأثير هذه الحداثة بمقاربة تفكيكية للعلامات ومساءلتها في ذاتها، مما يمنع أي إرساء مرجعي، لتعود أخيرا إلى أشكال السرد والتعبير الأكثر واقعية أو حتى طبيعية.
باختصار، فرضيتي هي أن الممارستين الفنيتين ستتخذان مسارين معاكسين. إذا كان الرسم قد سلك المسار من الواقعي إلى التجريدي؛ انتقلت السينما من التجريد إلى الواقعي؛ وسيتم تأكيد ذلك في مطلع التسعينيات مع دخول نظام صندوق الدعم حيز التنفيذ.
مع الأخذ في الاعتبار أن مسألة التلقي الجماهيري ستميز السينما المغربية في أساليب كتابتها وفي تشكيل عالم مرجعيتها الثقافية / الاجتماعية.