5 أيام تمر على عام 2025…حرب إبادة مستمرة وسط صمت عالمي رهيب
في الوقت الذي يعيش فيه العالم أولى أيام عام 2025 ويحدوهم الأمل والتفاؤل بتوقف الحروب، تعيش غزة حلقة لا تنتهي من الموت والدمار والحصار الإسرائيلي، حيث لم تعد الأيام تحصى بمعناها العادي منذ زمن؛ إذ المعاناة الأليمة تكاد لا تتوقف بل إنها لا تتوقف، لاشيء يعلو فيها عن قصف مجنون، ولاشيء يعلو على البكاء والحزن، وحيث تخنق سماء القطاع المحاصر منذ أكثر من 457 يوما.
قطع العام الجديد بضع أيام، كما انتهى العام السابق: “جثث تُحمل على الأكتاف، منازل تُهدم فوق رؤوس ساكنيها، ونسف المنازل، وأسر تُكافح للبقاء على قيد الحياة”، إنها الحرب المجنونة وكأنها تبدأ بدون توقف و من جديد، في ظل الدمار ومظاهر الموت المتكررة التي باتت جزءا من يومياتهم منذ بدء الحرب.
لازالت قوات الاحتلال الإسرائيلي مصرة على عدوانها ومصرة على ارتكابها أفظع الجرائم الإنسانية على النازحين الفلسطينيين في قطاع غزة، واستنادا لموقع الأمم المتحدة فإن ما يمر به الشعب الفلسطيني في قطاع غزة فاجعة، وأن أن وسائل بقاء الناس على قيد الحياة يجري تفكيكها، ويتلقى القطاع الصحي ضربات قاضية، ولا يجد الكثير من الناس مأوى يحتمون فيه من برد الشتاء القارس، حيث ينامون في خيام إن وجدت وسط برك من الماء.
قالت وزارة الصحة في غزة أن ما لا يقل عن 45 ألفا و658 فلسطينيا استشهدوا وأصيب 108 آلاف و583 في الهجوم العسكري الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023.
سنة جديدة و لاشيء جديد تحت الشمس أو تحت المطر
ذكر تقرير أممي أن الوضع المأساوي المستمر منذ حوالي 16 شهرا تسبب في حصاد أرواحا يصعب إحصاؤها بشكل دقيق فيما آلاف الجثث ما زالت تحت الركام، بالإضافة للمجاعة على جميع أرجاء القطاع، حيث إن 96 في المائة من النساء والأطفال لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وفقا لمنظمة اليونيسف.
وقال التقرير الأممي إن الظروف مهيأة لتتحقق أسوأ السيناريوهات المحتملة في غزة من انتشار المجاعة في جميع أنحاء قطاع غزة لتطال سكانه البالغ عددهم مليوني شخص بين نوفمبر 2024 وأبريل 2025. لافتا الي إصابة مئات الالاف من الأطفال بسوء التغذية الحاد
وتوقعت التقارير الأممية أنه من بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و59 شهرا يُتوقع حدوث 60 ألف حالة لسوء التغذية الحاد، منها 12 ألف حالة شديدة الحدة بين سبتمبر 2024 وأغسطس 2025 ، لافتا الي سوء التغذية بين الأطفال يهدد بعواقب شديدة طويلة الأمد قد لا يمكن علاجها لتستمر طيلة حياتهم، منها التقزم وضعف النمو الإدراكي وإضعاف جهاز المناعة وزيادة خطر الوفاة بسبب الأمراض الشائعة.
74 % من خيام النازحين أصبحت غير صالحة للاستخدام
في 14 سبتمبر الماضي، أطلق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، نداء استغاثة إنساني عاجل لإنقاذ 2 مليون نازح في قطاع غزة قبل فوات الأوان بالتزامن مع قدوم المُنخفضات الجوية ودخول فصل الشتاء واهتراء خيام النازحين، موضحا أن أعداد النازحين لا تزال في تدفق وازدياد يوماً بعد يوم، حيث بلغ عدد النازحين بشكل عام من 1,9 مليون نازح إلى 2 مليون نازح في محافظات قطاع غزة.
وخلال بيانه قال المكتب الإعلامي الحكومى، إن هناك 543 مركزاً للإيواء والنُّزوح في غزة نتيجة ارتكاب الاحتلال ” جريمة التهجير القسري وهي جريمة ضد الإنسانية من خلال إجبار المواطنين على النزوح الإجباري من منازلهم وأحيائهم السكنية الآمنة وهي جريمة مخالفة للقانون الدولي، مؤكدا أن نسبة 74 % من خيام النازحين أصبحت غير صالحة للاستخدام، وذلك وفقاً لفرق التقييم الميداني الحكومية والتي أفادت بوجود 100 ألف خيمة من أصل 135 ألف خيمة بحاجة إلى تغيير واستبدال فوري عاجل نتيجة اهتراء هذه الخيام تماماً، حيث إنها مصنوعة من الخشب والنايلون والقماش، وهذه الخيام اهترأت مع حرارة الشمس ومع ظروف المناخ في قطاع غزة، وخرجت عن الخدمة بشكل كامل، خاصة بعد مرور كل هذه الشهور متواصلاً من النزوح وهذه الظروف غير الإنسانية.
تتوالى الشهادات المروّعة من الناشطين والصحافيين الذين يوثّقون المجازر اليومية في أول أيام العام الجديد، بينما يغرق العالم في احتفالاته، غير مكترث بأصوات الألم القادمة من القطاع المحاصر، وهذا أثار حالة من الغضب والصدمة بين نشطاء فلسطينيين وعرب عبر منصات التواصل الاجتماعي.
استمرار الإبادة
وعلق الكثيرون على مشهد استمرار الإبادة الجماعية بالقول: “القصف الهمجي شديد ومتوحش على قطاع غزة من شماله إلى جنوبه لو يتوقف الشهداء يرتقون والأطفال يقطّعون وفي أحسن الأحوال يُيتّمون، الإبادة مستمرة وكذا الجوع والبرد والخوف والقهر وكل صنوف الألم”.
وأضاف الكثيرون أن أطفال العالم ينامون ويحتضنون هدايا العام الجديد بطمأنينة، بينما كانت غزة في أولى أيامها على موعد مع مجزرة جديدة، حيث لم يكتفِ الاحتلال الإسرائيلي بترك أطفال غزة ينامون وهم يموتون متجمّدين من البرد في خيام النازحين، بل واصل حرب الإبادة الجماعية.
افتتح الفلسطينيون في قطاع غزة اليوم الأول من العام الجديد، بمجزرة إسرائيلية دموية راح ضحيتها عدد من الشهداء والجرحى، بينهم أطفال، جراء الغارات الجوية التي استهدفت جباليا ومخيم البريج.
وذكر الناطق باسم جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل، أن 15 فلسطينيا على الأقل بينهم أطفال استشهدوا جراء غارة جوية إسرائيلية، استهدفت فجر اليوم، جباليا شمال قطاع غزة.
وقال بصل: “إننا نستقبل عام 2025 باستشهاد 15 مواطنا بينهم أطفال، و20 مصابا في أول مجزرة إسرائيلية إثر غارة جوية استهدفت منزلا يؤوي نازحين من عوائل بدرة وأبو وردة وطروش بجباليا”.
وفي سياق متصل، استشهد فلسطينيان على الأقل في استهداف منزل بمخيم البريج وسط قطاع غزة، فيما أنذر جيش الاحتلال سكان المخيم بإخلائه فورا.
وأشار ناشطون إلى أن قطاع غزة يشهد في بداية عام 2025 استمرار الإبادة الجماعية وقتل الأطفال، واستمرار الموت جوعا، واستهداف الطواقم الطبية بلا توقف. كما “يستمر الصمت العربي المغلّف بالخيانة، والخداع الأوروبي، والدعم الأميركي المتواصل للكيان الصهيوني”، والصمت العالمي الرهيب.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023 إبادة جماعية في غزة خلفت نحو 154 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.