رأي/ كرونيك

عاشت التفاهة!!!

الكاتب: سعيد ازريوح

هل نظام التفاهة تعد ترجمة دقيقة لمفهوم médiocratie؟ لا أعتقد. لكن ليسا هذا مهما بقدر الحقائق التي يكثفها هذا المفهوم الذي نحته المفكر الكندي ألان دونو.

ليس من السهل أن تكون تافها كما يعتقد البعض. فأن تكون تافها يعني أنك لك القدرة على خدمة السلطة كيفما كانت وأينما وجدت وهذا بدوره يعني أنك لن تتردد في التخلص بكل سهولة من حسك النقدي. التافه لا “يسخن رأسه” ويستهلك كل شيء يقدم له وحتى أنه يجتهد في تسويق ما تعرضه السلطة.

فالمدرس التافه لا يناقش مضامين المقررات ولا مذكرات المدراء، والعامل التافه يعتبر أن دوره لا يتعدى تكرار ما يفعله يوميا، والسياسي التافه يؤمن أن الزعيم هو وحده من له كفاءة التفكير والتخطيط، والمستهلك التافه هو من يتتبع برنامجا تلفيزيونيا أو يأكل وجبة سريعة دون أن يتساءل عن جودتهما….

التافه يقول لك دائما يجب عليك “لعب اللعبة” ويحذرك من مغبة انتقاد رؤساك. هذا التافه لا يطيق ولا يفهم النزعات التمردية؛ إنه يعتبر التفكير بطريقة مغايرة للنسق مضيعة للوقت وتكسير لسلم التسلق.

ولأن التافه هو إذا خادم للسلطة بالتعريف وبالامتياز فإنه تحول إلى رمز النجاح في نظام التفاهة. التافه يتسلق سريعا في سلم المراتب ولا ينافسه أحد في حمل حقيبة المسؤول.

نظام التفاهة يعرف جيدا أن التافهين لهم قدرة خارقة
لتحويل حتى أخطائه الجسيمة إلى فتوحات وانتصارات! فالتافهون هم الذين يطرحون عليك دون ملل وكلل السؤال الاستنكاري الشهير: ” وهل تعرف أنت أحسن منهم ؟”.

التافه إذا كان متحمسا لتفاهته فإنه لن يكونا مضطرا لتناول الأدوية لمحاربة أمراض العصر كضغط الدم والسكري والكآبة. فالتفاهة طور بشكل منقطع النظير المناعة ضد هذه الأوبئة. التافه يضع عقله وكرامته في “الثلاجة”. فهو لا يعتبر نفسه معنيا بأسئلة الظلم والعدالة… فالنسبة له ليس من العقل أن “نحرق دمنا” بهذه الأسئلة التي نمتلك جوابا لها.

في الخلاصة، التفاهة هي شرط واقف لمن يريد النجاح في النظام السائد. ولكي تكون تافها عليك أن تجتهد في اكتساب أحد مهارات الحمير الحاسمة: “الشا هي الشا والرا هي الرا”.

ومن زاوية النظر هذه يصعب على المرء تصور أن مجتمعنا سينال مرتبة متأخرة في مؤشر التفاهة على غرار مراتبه في المؤشرات الأخرى!!!!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى