مختبئون من أجل الصلاة… هل هذا هو الأمن الروحي الذي وعدتم به؟
20/06/2025
0
بقلم: بثينة المكودي
في بلد يرفع شعار “التنوع والتسامح”، ويؤمن دستوره بحرية المعتقد، يبدو أن بعض المسؤولين ما زالوا يفتشون عن “ضالتهم” في أقبية الإيمان، بدل أن يواجهوا أعمدة الفساد المنتصبة في قلب الإدارة.
ففي الدار البيضاء، اختارت السلطات المحلية أن تشحذ سيوفها ضد ما أسمته “كنائس غير مرخصة”، أي تجمعات صغيرة من مسيحيين (أغلبهم أجانب ومغاربة معتنقون للمسيحية)، يلتقون في محلات أو شقق سكنية، للصلاة والابتهال… لا للتمرد ولا للتحريض.
ما الضرر؟
هل انشغل هؤلاء الناس بإثارة الفتنة؟ هل داهموا مساجد المسلمين أو وزعوا منشورات دعوية في الشوارع؟ هل هددوا “النظام العام” الذي تتغنون به حين تعجزون عن تفسير هوسكم بالرقابة؟
أم أن الخطر الوحيد في نظر السلطات هو أن يؤمن الإنسان بخياره، وأن يختار معتقده في هدوء، دون الحاجة إلى فتوى رسمية أو تصريح من القائد؟
وزير الداخلية لم يجد غضاضة في الاعتراف بتتبع هذه الفضاءات
وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، في جوابه على سؤال برلماني من أحد ممثلي حزب العدالة والتنمية، لم يجد غضاضة في الاعتراف بتتبع هذه الفضاءات، والضغط على ملاك العقارات والمكترين، وتحسيس “المسيحيين الأجانب” بخطورة ما يفعلون… نعم، بخطورة الصلاة!
وكأن هؤلاء المعتنقين للمسيحية، الذين يلجأون للصلاة في خفاء، هم من يهدد الاستقرار، لا أولئك الذين ينهبون المال العام، أو يغذون الطائفية، أو يتاجرون بالدين والسياسة في حملاتهم الانتخابية.
أليس من حق هؤلاء الناس أن يصلوا؟ أن يعيشوا إيمانهم بسلام؟
إذا كانت الكنائس الرسمية ممنوعة على المغاربة، والكنائس “البيتية” ممنوعة هي الأخرى، فهل المطلوب أن نصادر منهم الضمير أيضًا؟
أليس الملك “أمير المؤمنين”؟ أليس راعي كل الديانات كما تنص الرسائل الملكية؟
أم أن “الإيمان” في المغرب يجب أن يكون على مقاس واحد، ولو اضطر صاحبه للكفر بما في قلبه؟
إن ما يحصل اليوم هو تعبير عن فشل الدولة في فهم معنى “حرية المعتقد”، وهو خرق صريح للعهود الدولية التي وقعتها، والتي تضمن للإنسان الحق في العبادة كما يشاء، متى شاء، وأين شاء، ما دام لا يُخلّ بالنظام العام فعليًا.
الأمن الروحي لا يتحقق عبر تكميم الإيمان، ولا عبر ترهيب الناس من صلاتهم، بل من خلال ضمان حرية المعتقد للجميع، مسلمين ومسيحيين ويهودًا وغيرهم “شكل المسيحية في المغرب ثاني أكثر الديانات انتشاراً بين السكان بعد الإسلام؛[3] وتشكل حوالي 0.9% طبقًا لتقديرات مركز بيو للأبحاث عام 2010،[4]“ .
حرام أن يصبح الإنسان في المغرب خائفًا من إيمانه.
حرام أن يُطارد باسم قانون لا يحمي إلا الشكليات.
حرام أن تحارب الدولة مَن يؤمن، بدل أن تحارب مَن يسرق، ويكذب، ويخون، ويبث في الأرض فساد.