حول العالم

مقال تحليلي: الجزائر واقعيا في مسار انتقال صعب ومتعدد السيناريوهات

كان يوم الأربعاء (3 أبريل 2019)، هو اليوم  الرسمي،  لدخول الجزائر  في مسار دستوري لانتقال السلطة، كنتيجة تحققت بفضل ظغط الشارع الجزائري من خلال مسيرات شعبية قوية، امتدت لحوالي ستة أسابيع، وفرضت على الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة تقديم استقالته الثلاثاء .

دخلت قيادة الجيش على الخط وأظهرت من خلال هذا التدخل أنها جادة في إيجاد مخرج للأزمة، وأنها تتبنى مطالب الشارع الجزائري، فعرضت مقترحات حل تستند للمواد 7 و8 و102 من الدستور الجزائري، وتفادي الوصول إلى مرحلة شغور منصب الرئيس خارج الآجال الدستورية.

استقالة بوتفليقة، وضعت الجزائر أمام مسار انتقالي وفق خطوات إجرائية يفرضها الدستور، منها  أن  البرلمان بغرفتيه مفروض عليه عقد اجتماع، بعد أن توصل كما يفرض القانون من المجلس الدستوري بلاغ يعلن فيه أن منصب الرئيس في البلاد في حالة شغور نهائي، ومعناه أن البرلمان، ملزم أن يصوت علنيا وبنصاب ثلاثة أرباع عدد أعضائه، كما أوردت وكالة الأناضول.

جدير بالذكر، القول، بأن نص المادة 102 تنص على أن رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان)، يقوم بمهام رئيس الدّولة لمدّة أقصاها تسعون (90) يوما، تنظم بعدها مباشرة انتخابات رئاسية»، في نفس الوقت الذي يقر دستور الجزائر أنه لا يحق لهذا الرئيس أن يترشح لرئاسة الجمهورية، بل ولا يحق له إقالة أو تعديل الحكومة القائمة، والتي عينها بالضبط الرئيس الجزائري المستقيل، والتي يرفضها الشارع.

الجلسة تعد الأولى بعد استقالة بوتفليقة من الحكم (أرشيفية)

في الصورة اليوم في الجزائر، رفض شعبي صريح لتولي رئيس مجلس الأمة، عبدالقادر بن صالح، باعتباره من رموز نظام بوتفليقة، منصب رئيس جمهورية مؤقت، وإذا استقالة بوتفليقة باتت لا تشكل الحل الأنسب، لإدارة انتقال هادئ وسلس للسلطة، باتباع ترسيمة وإجراءات الدستور.

يقدم باحثون ومحللون في مجال السياسة في الجزائر تصورات مخرج وحل، من بينها، أن «تقدم الحكومة الحالية خطة عملها أمام البرلمان، ليرفضها الأخير، وبالتالي تقدم استقالتها وفق المادة 194 من الدستور».ومعناه، سيكون عبدالقادر بن صالح ليس رئيسا انتقاليا، إذا قدم استقالته.

يطالب الحراك في الجزائر تفعيل المادة  7 و8 من الدستور، وهما المادتين، التي يمكن القول أنهما تدخلان في روح الدستور وفلسفته، وصعب تفعيلهما، بدون تأويل للدستور، أو فتوى من صميم روح السيادة للشعب تنتهي لتشكيل قيادات يجري التوافق حولها يوكل لها قيادة المرحلة الانتقالية في الجزائر.

حضور بوحيرد يساهم في تشكيل هوية الحراك الشعبي المناهض لنظام بوتفليقة، ويضفى عليه الطابع النضالي والمطلبي، ملتزما بالطابع السلمي الهادئ

في العديد من تجارب الانتقال، يجري العمل على إصدار إعلان دستوري مؤقت، قد  يصل حد إعلان مجلس رئاسي من عدة شخصيات وطنية، وتشكيل حكومة انتقال تشرف على تدبير كل المخرجات الممكنة التي تنتهي لانتخابات رئاسية، بل وإلى اقتراح مشروع دستور.

ومعناه، هناك  طريقة أخرى لتغيير رئيس مجلس الأمة تمر عبر  تعيين شخصية توافقية خلال الساعات القادمة ضمن الثلث الرئاسي (حصة الرئيس التي مازالت بها 7 مقاعد شاغرة) لخلافة عبد القادر بن صالح وهو قرار يمكن أن يصدر  عن  رئيس الجمهورية المستقيل قبل ترسيم رحيله.اجتماع البرلمان لترسيم رحيله.

بوتفليقة كان لمح لمثل هكذا سيناريو حين قال في رسالة الاستقالة ولقد “اتخذت في هذا المنظور الإجراءات المواتية عملا بصلاحياتي الدستورية وفق ما تقتضيه ديمومة الدولة وسلامة سير مؤسساتها أثناء الفترة الانتقالية التي ستفضي إلى انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية”.

هذا اليوم كتبت صحيفة المجاهد، وهي من أهم  وأبرز صحف الحكم في الجزائر ، افتتاحية قالت بشكل ضمني، إن هناك إمكانية لرحيل بن صالح الذي سيتولى آلياً خلافة بوتفليقة لمرحلة انتقالية من 3 أشهر، وأن يجري التوافق حول  شخصية تستجيب  لمطالب الشارع.

استنادا للصحيفة أيضا قالت “يجب إيجاد حل لمسألة رئاسة مجلس الأمة في أقرب وقت؛ من منطلق أن هذا الوجه السياسي لن يقبله الحراك الشعبي”، واعتبرت إيجاد شخصية توافقية لقيادة المرحلة الانتقالية في مكانه “أمراً ليس بالمستحيل”.

هذه الدعوة من الصحيفة تقترب تماما مما عبر عنه  آخر بيان لقيادة الجيش، الثلاثاء الماضي، والذي أكد على أن الحل مرفوض خارج   إطار الدستور الحالي وبالضبط المواد 102 و7 و8 منه، التي تنص على استقالة الرئيس وعودة السلطة للشعب.

  

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى