ثقافة وفنون

كتاب أثار جدلا “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد”..الاستبداد يتحالف مع قوات متعددة تمنحه القوة والبطش الحلقة5

كتاب أثار جدلا “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد”

 

كثيرون اعتبروا عبدالرحمن الكواكبي كان ضحية قلمه الثائر، وكان كتابه الذي صدر له في القاهرة في طبعة أولى مطلع القرن العشرين “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد” الذي شخص فيه علة الاستبداد السياسي وتأثيره على مختلف جوانب الحياة، سببا في موته عام 1902 متأثرا بسم شربه في فنجان قهوة قيل إنه شربها في مقهى توجد بالقاهرة اسمها يلدز، مكتوب على قبر عبدالرحمن الكواكبي بيتين نظمهما الشاعر المصري الكبير حافظ إبراهيم يقول فيهما: 

هنا رجل الدنيا مهبط التقى … هنا خير مظلوم هنا خير كاتب

قفوا اقرؤوا أم الكتاب وسلموا… عليه فهذا القبر قبر الكواكبي                                   

الاستبداد يتحالف مع قوات متعددة تمنحه القوة والبطش

الاستبداد بالنسبة لعبدالرحمن الكواكبي محفوف بأنواع القوات التي فيها قوة الإرهاب بالعظمة وقوة الجند، خاصة عندما يكون الجند غريب الجنس، وبقوة المال، وبقوة الإلفة على القسوة، وبقوة وهيمنة رجال الدين، وبقوة الأنصار من الأجانب، “فهذه القوات تجعل الاستبداد كالسيف لايقابل بعصا الفكر العام الذي هو في أول نشأته يكون أشبه بغوغاء، ومن طبع الفكر العام أنه إذا فاز في سنة يغور في يوم، بناء عليه يلزم لمقاومة تلك القوات الهائلة مقابلتها بما يفعله الثبات والعناد المصحوبان بالحزم والإقدام”.

ومعناه، أن الكواكبي يدعو أن لايقاوم الاستبداد بالعنف، كي لايترتب عن ذلك ماسماه فتنةتحصد الناس حصدا، “نعم، الاستبداد قد يبلغ من الشدة درجة تنفجر عندها الفتنة انفجارا طبيعيا، فإذا كان من الأمة عقلاء يتباعدون عنها ابتداء، حتى إذا سكنت ثورتها نوعا وقضت وظيفتها في حد المنافقين، حينئد يستعملون الحكمة في توجيه الأفكار نحو تأسيس العدالة. وخير ما تؤسس يكون بإقامة حكومة لاعهد لرجالها بالاستبداد ولاعلاقة لهم بالفتنة”.

يعتبر الكواكبي أن العوام لايثورون على الاستبداد عادة إلا بتوفر أحوال مخصصة مثيرة وقاسية، ومنها:

1/”عقب مشهد دموي مؤلم يوقعه المستبد على مظلوم يريد الانتقام لناموسه”.

2/عقب تظاهر المستبد بإهانة الدين إهانة مصحوبة باستهزاء يستلزم حدة العوام.

3/عقب تضييق شديد عام “مقاضاة لمال كثير لايتيسر إعطاؤه حتى على أواسط الناس”.

4/عقب حرب يخرج منها المستبد مغلوبا، ولايستطيع أن يلصق هزيمته لخيانة قواده، ولايتمكن من إلصاق عار الهزيمة بغيره.

5/في حالة مجاعة أو مصيبة عامة لايرى الناس فيها مواساة ظاهرة من المستبد.

6/نتيجة عمل مستفز من المستبد، يحصرها الكواكبي في تعرضه لناموس العرض، أو حرمة الجنائز في الشرق، وتحقيره القانون أو الشرف الموروث في الغرب.

7/عقب حادث تضييق يوجب تظاهر قسم كبير من النساء في الاستجارة والاستنصار.

8/”عقب ظهور موالاة شديدة من المستبد لمن تعتبره الأمة عدوا لشرفها، إلى غير ذلك من الأمور المماثلة لهذه الأحوال التي عندها يموج الناس في الشوارع، والساحات، وملأ أصواتهم الفضاء، وترتفع فتبلغ عنان السماء، ينادون: الحق الحق، الانتصار للحق، الموت أو بلوغ الحق”.

يعتبر الكواكبي بعد أن يسرد هذه الأحوال التي قد تدفع العوام للثورةعلى المستبد، أن المستبد ليس من الغباء مايجعله يقبل على صنع هذه الأحوال ، يقول الكواكبي: “المستبد مهما كان غبيا لاتخفي عليه تلك المزالق، ومهما كان عتيا لايغفل عن انتقائها، كما أن هذه الأمور يعرفها أعوانه ووزراؤه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى