ذاكرة

طرائف المعتقلين السياسيين..شفشاوني عوض أن امنح دواء المعدة للسجان أعطيته دواء البهق.. فكانت الفاجعة

هم أصحاب مواقف معارضة، قادتهم إلى غياهب المعتقلات السرية، المعروفة منها والمجهولة العنوان.. سياسيون أمضوا سنوات طوال خلف الأسوار والأبواب الموصدة في زمن الجمر والرصاص..  قاوموا العزلة وبرودة السجن، وحاولوا النجاة بإرادتهم من أجواء المعتقل بعدما خلقوا أجواء من الفرح من عمق الألموالتوتر والقلق والكآبة والخوف.. منهم من قضى في السجن، ومنهم من غادر أسواره بأعطاب نفسية عميقة، أضحت لحظات الألم فيها الآن، أو عند كل استدراج للذاكرة عنوانا للتفكر من المرحلة وثقل المرحلة.

في هذه الفسحة، ثمة طرائف للمعتقلين السياسيين، جديرة بأن تُروى، تمكنوا من خلال عفويتها ومواقفها وصناعتها أحيانا، التحرر من قسوة المكان وسطوة السجان.. تعيد “دابا بريس” نشر مروياتهم، التي حكوها ذات ليال رمضانية، للزميلة “هدى سحلي”

ومن بين هؤلاء المعتقل السابق عبد السلام شفشاوني، فيحكي مثل كثيرين هنا، كيف انتصر بمعية زملائه على ظلمة الزنزانة وتعذيب السجان بسلاح السخرية وصناعة الطرائف المنقوعة من كوميديا المواقف.

عبدالسلام شفشاوني

 

العنوان: عوض أن امنح دواء المعدة للسجان أعطيته دواء البهق.. فكانت الفاجعة “الطريفة”

 

كل شيء كان يوحي بأننا على موعد مع حصة ضحك لن تنتهي.. فمن خلال تلك الابتسامة التي استقبلنا بها المعتقل السياسي السابق عبد السلام شفشاوني وشريكة حياته في بيتهما، ومن خلال المكان الذي اختاراه لحديثنا، وصوت العصافير الذي يملأ الشرفة الفسيحة، ترك لدينا انطباع بأن تيمة الموضوع المتعلقة بـ”طرائف المعتقلين السياسيين” ستكون ذات نهكة خاصة، سيما وأن حاوة الاستقبال زاد التلاقي متعة وإغراء لسماع ما يضحك القلب، من معتقل سياسي حوكم بقضاء 20 سنة من عمره داخل أسوار السجن.

باسترسال، كما لو كنا في جلسة حميمية، يحكي عبد السلام، مواقف مضحكة ومقالب تثير حنق وغضب الرفاق، من أين سيبدأ؟

“نبداو من البداية” يقول عبد السلام وهو يبتسم، ثم يردف “نقلونا من درب مولاي الشريف، إلى سجن غبيلة، وكان هناك رئيس معقل معروف وسمعته تسبقه، ولما دخلنا نحن المجموعة 26 عرّاونا كاملين، ثم أدخلونا للحمام، حيث كان يُكلّف بكل سجين موظف، يأمرهرئيس المعقل قائلا: “وقعوهم”، وحين دخلت للحمام عار تماما كما ولدت، مع أحد الموظفين، أحسست به محرجا كأنه هو “العريان ماشي أنا”، سأكتشف فيما بعد أنه كان يعرفني بحيث كان يشتغل في نفس شركة النسيج التي كنت أعمل بها، وكان يقدرني لأنني كنت مقرب من العمال، وهو بالطبع لم يقم بالطقس الذي أمره به رئيسه”.

عبدالسلام شفشاوني في الوسط

وفي أحد الأيام، يتابع شفشاوني، وهو يتذكر كيف كان سيتسبب في مقتل أحد الحراس ويضحك ملء فاه، ” كان لدينا اجتماع  في إحدىالزنازين، فإذا بالحارس يدق باب الزنزانة، يسألنا عن دواء للمعدة، وبما أنه كان يعرف أني المكلف بين الرفاق بتوزيع الأدوية وحفظها،فلم أدعه يبقى واقفا أمام باب الزنزانة، اتجهت بسرعة إلى علبة الدواء أبحث له عن ما يخمد حرقته، فوجدت “معلوكس” ولما شرب الحارس ملعقة منه، كان مرّا ولم يستسغه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى