ميديا و أونلاين

ميديا: معركة شرسة بين أمريكا والصين ميدانها التكنولوجيا ولاعباها هواوي وغوغل (فيديو)


عاصف الخالدي
كاتب أردني

تقع شركة “هواوي” اليوم، في قلب الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية  والصين؛ حيث شكّل قرار العملاق “غوغل” حرمان هواوي من خدماته الأساسية، ردود أفعالٍ عالمية متنوعة على مستوياتٍ عديدة؛ سياسية واقتصادية وحتى حزبية وثقافية، كما في العالم العربي، ممن يرون في القرار تجلياً لما يسمونه الرأسمالية الأمريكية المتبجحة.
قرار غوغل، الذي جاء تماشياً مع رغبة الإدارة الأمريكية، ربما يوجه ضربةً قاسمةً لواحدةٍ من أكثر شركات الهواتف نمواً خلال الربع الأخير من 2018، مما يطرح أسئلةً عديدة، من أهمها: لماذا يتم إيقاف هواوي عن النمو؟ ومن يقبع في خلفية المشهد من أجل تحقيق مصالح معينة؟

ما هي هواوي؟ 

وفق الموقع الرسمي لها؛ فإنّ هواوي “شركة رائدة في مجال توفير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات  والاتصالات  والأجهزة الذكية، باستخدام حلول متكاملة، عبر أربعة مجالات رئيسة: شبكات الاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، والأجهزة الذكية، والخدمات السحابية (cloud)”، ومن أحد أهم أهداف الشركة وشعاراتها؛ تقديم الحياة الرقمية إلى كلّ شخص ومنزل ومنظمة لإنشاء عالم ذكي متصل بالكامل.
الشركة التي باتت عابرة للقارات اليوم، وحديث الساعة اقتصادياً، بدأت بتواضع في 1987، من خلال مؤسسها، رِن تشنغ فاي؛ حيث كانت تقوم بصناعة محولات الهواتف، لتنتقل بعد ذلك إلى بناء شبكات الاتصال السلكية واللاسلكية، فيما يرمز شعارها الشهير إلى كلمة “الزهرة” أو “الوردة”، باللغة الصينية، وفق موقعها الرسمي.

 

تنافس هواوي منذ 2013 على سيادة سوق الهواتف العالمي

أخذ اسم الشركة باللمعان في عالم الهواتف الذكية بقوة، منذ العام 2013، بعد أن استثمرت بما تسميه سلاحها الأول لأعوام؛ وهو “البحث والتطوير” بحسب موقع “أراجيك”، في 15 آذار (مارس) 2017؛ حيث يضيف تقرير الموقع؛ أنّ “الشركة أخذت تتطور بقيمة تجارية سوقية تجاوزت 60 مليار دولار أمريكي، بعد أن قدمت آلاف براءات الاختراع التقنية في مجال عملها إلى الحكومة  الصينية، كما عملت على مدى الأعوام التي تلت تأسيسها، على بيع  أجهزتها دون علامة تجارية خاصة بها، لتبيعها شركات الاتصالات بدورها لعملائها بعد أن تضع شعارها الخاص عليها”.

أخذ اسم هواوي باللمعان في عالم الهواتف الذكية بعد أن استثمرت بما تسميه سلاحها الأول لأعوام وهو البحث والتطوير

وشهد عام 2016 نجاحاً كبيراً للصينيين، بفضل هواوي؛ حيث تمكّنت الشركة من السيطرة على 10% من إجمالي السوق العالمية للهواتف الذكية، بعد أن “سوّقت بنجاحٍ كبير، هاتفَي “P9” و”Mate 9″؛ اللذين ساعداها لشحن 139 مليون نسخة منهما حول العالم، وأصبحت الشركة من أنجح الشركات وأقدرها نمواً في سوق الهواتف الذكية”، وفق التقرير ذاته.

هذه الإنجازات وضعت هواوي، منذ 2016، كمنافسةٍ قوية لكلّ من شركتَي “سامسونغ” و”آبل” الشهيرتين، كما أنّها أصبحت سباقة في نشر تقنيات الهواتف الجديدة وتقنيات الجيل الخامس من الإنترنت “WIFI” لمستخدمي هواتفها حول العالم، مما جعل بوادر الصراع تقوى بينها وبين الشركات الأخرى، على سوق الهواتف الذكية وتقنيات الاتصال، فما هي مميزات هواوي التي جعلتها خطيرةً على تلك الشركات أيضاً؟

الصراع: تكنولوجي أم سياسي؟

تكامل وصراع

مما يميز هواتف هواوي، بحسب موقعها الرسمي، ومواقع تكنولوجيا  المعلومات والاتصالات عامة؛ أنّ الشركة “تقوم بتصنيع أجزاء هاتفها بنفسها، وكذلك معالجه الأساسي، إضافة إلى مساعدتها في تطوير نظام أندرويد من خلال برمجة هواتفها الخاصة”. وربما أنّ هذه الاستقلالية، والقدرة على التطوير الذاتي بتقنيات الشركة، التي تضمّ كذلك عدداً لا بأس به من شركات التقنية، تعدّ السبب الرئيسي للحرب التجارية الأمريكية ضد الشركة. ففي العشرين من الشهر الجاري، أصدرت الولايات المتحدة قراراً بـ “أنّ شركة هواوي تعدّ خطيرة؛ لأنّها تتمتع بعلاقات وطيدة مع الحكومة الصينية، ولديها طموح للهيمنة على سوق الجيل الخامس لتقنية الهواتف المحمولة “G5″، قد تساعد بكين في سعيها لجمع المعلومات الخاصة بالمواطنين الغربيين والمنظمات والحكومات الغربية”، وفق تقريرٍ أعدته “بي بي سي” في التاريخ ذاته.

وتعتقد أمريكا، ومن خلفها بعض الدول الأوروبية، ومنها بريطانيا، أنّ “هواوي، في حال سمحت لبلدان ما بإنشاء واستخدام تقنياتها من الجيل الخامس للإنترنت، فإنّ ذلك يشكل مخاوف أمنيةً كبيرةً لاحقاً”.

حول تطور هواوي وتقنياتها:

هذا القرار الصادر من الولايات المتحدة، أدى بشركة “غوغل” إلى إصدار قرارٍ يتماشى مع إرادة دولتها؛ حيث قررت “حرمان هواتف هواوي الفعالة حول العالم، من تحديثات أمنية وتقنية عديدة، كما قررت أنّه لن توجد خدمات لغوغل في هواتف هواوي التي قد يتم تصنيعها”؛ حيث يمكن تخيل عدم وجود برامج الخرائط و”اليوتيوب”، وغيرها من منتجات غوغل، مما يعدّ ضربة مؤلمة للشركة.

أصبحت هواوي سبّاقة في نشر تقنيات الجيل الخامس لمستخدمي هواتفها مما جعل بوادر الصراع تقوى بينها وبين الشركات الأخرى

لكنّ شركات التقنيات حول العالم، لم تكتف بقرار غوغل فقط، فقد أعلنت شركة تصنيع معالجات الهواتف العالمية البريطانية “ARM” توقيف خدماتها وتعاونها مع شركة هواوي وهواتفها الذكية. ووفق تقرير في “الغارديان” و “بي بي سي”، في العشرين من الشهر الجاري؛ فإنّ “الشركة ترى في أصول تكنولوجياتها الأمريكية سبباً للتماشي مع قرار أمريكا بعدم التعاون مع هواوي، التي تعتمد في معالجها الشهير (كيرين) على تقنياتARM” ” في تصنيع المعالجات”.
وبعد “ARM”، أعلنت شركة باناسونيك اليابانية الخميس، إنها أوقفت شحن مكونات معينة إلى هواوي. وأوضحت أن الحظر الأمريكي ينطبق على أي منتجات تشتمل على 25 في المئة أو أكثر من التكنولوجيا أو المكونات الأمريكية، وتبعت باناسونيك شركة توشيبا اليابانية التي أعلنت تعليق أعمالها التجارية مع هواوي، في خطوة تهدف إلى تضييق الخناق على عملاق التكنولوجيا الصيني.

الحظر سوف يؤثر كثيراً على قوة هواوي ووجودها خارج الصين

ويبدو واضحاً؛ أنّ هنالك شبه إجماع من بعض حكومات العالم، وبعض الشركات الكبرى، على (مواجهة هواوي)؛ اقتصادياً وتقنياً، بدوافع سياسية، بحسب هذه الدول، وأولها الولايات المتحدة الأمريكية؛ التي أعلنت، كما أفادت “بلومبيرغ”؛ أنّ “شركات صناعة الرقائق الإلكترونية الأمريكية: “إنتل”، و”كوالكوم”،  و”برودكوم”، أوقفت تعاملاتها مع شركة هواوي، وذلك امتثالاً لقرار الحكومة الأمريكية”، رغم العواقب الكبيرة التي ربما تقع على مستخدمي هواتف هواوي وتقنياته، عدا عن أنّ الشركات التي تستخدم تقنيات هواوي، والتي ربما تتعرض لخسائر مادية.

من جهتها، شركة هواوي، لم تصمت طويلاً، فقد خرجت في الحادي والعشرين من الشهر الجاري من خلال موقعها الرسمي، ورئيسها رن تشنغ في. أنّ الشركة لا يمكن سحقها، وأنّ أحداً لا يستطيع “اللحاق في المستقبل القريب بتقنيات الجيل الخامس، 5G، التي تمتلكها شركته” بحسب تقرير”بي بي سي”. كما حاولت الشركة بعد ذلك القول، إنها ربما تستطيع “تصنيع معالجاتها الخاصة من خلال (معامل تربة نادرة لإنتاج سيليكون المعالجات)، ربما تستعيض هواوي من خلالها عن شركاتٍ أخرى قاطعتها، إضافةً إلى التلويح بمحاولاتٍ مستقبلية ممكنة لإيجاد نظام تشغيلٍ بديل لأندرويد، رغم الصعوبة الكبيرة في تحقيق هذا الأمر”.

وبينما يرى مراقبون تقنيون؛ أنّه من المحتمل أن يتم التراجع عن قرار الولايات  المتحدة لاحقاً، خصوصاً أنّ الصين تشكل سوقاً كبيرة لشركة آبل الأمريكية، إلا أنّ صحفاً، كـ “الغارديان”، ترى أنّ ما يحدث “معركة بين غوغل وهواوي، وليست معركةً تكنولوجية؛ بل معركة على سيادة العالم: أمريكا أم الصين؟”، بحسب تقريرٍ لها في العشرين من الشهر الجاري. وتقول الصحيفة: إنّ “الحروب التجارية تبدأ بسهولة كما هو حال الحروب العسكرية، لكن يصعب وقفها، ويعدّ قرار غوغل بالتوقف عن دعم الهواتف الذكية التي تنتجها شركة هواوي في المستقبل، حتى لو ظلت تدعم الهواتف الموجودة في السوق، قراراً سياسياً بالدرجة الأولى، وجاء بعد أن مارست الحكومة الأمريكية ضغوطاً كبيرة عليها”.

وبالتالي؛ يبقى هذا الصراع مفتاحاً لأهدافٍ كثيرةٍ مستقبلاً؛ إذ يمثل صراعاً على سيادة التقنيات الرقمية في العالم، وسط إشاعاتٍ عن استخدام التقنيات (للتجسس) من قبل هواوي. إضافةً إلى الصراع الاقتصادي، والتنافس مع “سامسونغ” و”غوغل” و”آبل”، ويضاف إلى كلّ هذا؛ احتمال أن تتمكن هواوي من فتح باب واسع، لإيجاد حلول بديلة في المستقبل للتقنيات وأنظمة التشغيل ومواد التصنيع الخام التي تمتلكها شركاتٌ محددة ودولٌ محددة كأمريكا. كما أنّ الصراع القائم اليوم، يشير إلى شركات مختلفة حول العالم، يمكن لأمريكا أن تقطع عنها غوغل وأندرويد ربما، لأسباب كثيرة، وبضغطة زر تقريباً.

المصدر: حفريات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى