سياسة

تقييم 20 سنة من حكم محمد6 بعيون دراسة أمريكية السياسة الخارجية..إفريقيا.. الجزائر.. 4/3

في تقرير مطول، أو مرصد سياسي في جزئيين، نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، تقييما للتطورات الرئيسية في عهد الملك محمد السادس، الجزء الأول بحث في السياسة المحلية، فيما الجزء الثاني تعرض بالبحث في قضايا السياسة الخارجية.

بدأت الدراسة، المنجزة من طرف، سارة فوير  مساعدة في معهد واشنطن، و رضا عيادي، الذي عمل مساعداً باحثاً في الفترة 2018-2019، بتقديم جاء فيه أن الملك محمد السادس، الذي يحتفل بعيد ميلاده  خمسة وخمسين عاماً، و بمرور عشرين عاماً على توليه العرش، بأنه ورث في عام 1999 مملكة من ثمانية وعشرين مليون مواطن كانوا يواجهون تحديات اجتماعية واقتصادية وسياسية كبيرة.

تؤكد الدراسة التقيمية في الجزء الثاني، منها والمتعلق بالسياسة الخارجية في عهد الملك محمد السادس، أنه و خلال العقدين الماضيين، قلّل العاهل المغربي الملك محمد السادس من البصمة المغربية في الشرق الأوسط، مفضلاً الاستثمار في علاقات جديدة عبر أفريقيا، وتعزيز التحالفات في أوروبا، والحفاظ على علاقات مثمرة مع واشنطن، والسعي إلى اجتذاب استثمارات من الصين.

وأضافت الدراسة التقيمية، أن العلاقات العدائية مع الجزائر ما تزال تشكل نقطة قاتمة. وبينما يمكن القول إنّ محمد السادس قد سجّل نجاحات في ملف الصحراء ، إلّا أن حل النزاع أمر بعيد المنال.

من الخليج إلى إفريقيا وأوروبا

تشير الدارسة، أنه في عهد العاهل المغربي السابق، كرّست المملكة قدراً كبيراً من الجهد لإقامة علاقات وثيقة مع الدول الغنية في الخليج العربي والتوسط في الصراع الإسرائيلي -الفلسطيني.

مستدركة بالقول: إن  كل ذلك حدث، و بالرغم من أن محمد السادس حريص على مواصلة جذب الاستثمارات الخليجية، إلا أنّ المغرب كان غائباً إلى حد كبير عن عملية السلام منذ توليه السلطة عام 1999، وسعى إلى تجنب التورط غير الضروري في شؤون الشرق الأوسط.

قدمت الدراسة لتأكيد هذه الخلاصة عددا من الأمثلة الحديثة الدّالة البارزة. ذكرت أنه،  وفي عام 2015، انضم المغرب إلى التدخل العسكري الأولي الذي قادته السعودية في اليمن، ولكن بعد ذلك بفترة قصيرة تراجع عن مشاركته بعد أن أسقط الثوار الحوثيين إحدى طائراته من طراز “إف-16″، وفي عام 2017، لم تدعم المملكة بوضوح أي جانب من النزاع الخليجي حول قطر، على الرغم من العلاقات الوثيقة التي تربط ظاهرياً الرباط بالرياض، واعتماد المغرب الطويل الأمد على الاستثمارات السعودية.

وبعد عامين، يشير المصدر نفسه، علّق المغرب مشاركته في حرب اليمن بصورة تامة بعد أن بثّت قناة “العربية” المملوكة للتلفزيون السعودي فيلماً وثائقياً اعتُبر انتقاداً لموقف الرباط من الصحراء.

أما فيما يخص، النزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، قام المستشار الأمريكي جاريد كوشنر مؤخراً بزيارة المملكة لطلب دعمها لمؤتمر السلام المتعدد الأطراف الذي عُقد الشهر الماضي في البحرين. ولكن في نهاية المطاف، أرسل المغرب موظفاً من وزارة الخارجية متدني الرتبة لتمثيله في المؤتمر.

انتهت الدراسة التقيمية في هذا المحور، لتشير أنه “لم ينمُ حضور الرباط في الشرق الأوسط في عهد محمد السادس. وبدلاً من ذلك، ركّز العاهل المغربي طاقاته الدبلوماسية على بناء العلاقات عبر إفريقيا وتعزيز التحالفات التقليدية في أوروبا، وربما كان جهد بناء العلاقات عبر إفريقيا هو التحوّل الأكثر أهمية مما كان عليه الوضع في عهد والده، وقد بدأ يؤتي ثماره، فقد زادت المملكة من وصولها إلى الأسواق الإفريقية في مجالات الاتصالات والتعدين والمصارف والتأمين، ووسّعت من نفوذها الإقليمي بعد انضمامها من جديد إلى الاتحاد الإفريقي في عام 2017. وكان المغرب قد ترك المنظمة في عام 1984 بعد أن قرر أعضاؤها قبول انضمام “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، وهو الاسم الذي أطلقته “جبهة البوليساريو” المدعومة من الجزائر على الصحراء ؛ و “البوليساريو” هو الخصم الرئيسي للرباط في تلك المنطقة المتنازع عليها حتى اليوم.

أوضحت الدراسة، أن “البلاط الملكي المغربي أيضاً سبب وجيه لتعميق العلاقات مع أوروبا، حيث تعيش حالياً أكثر من 50 بالمائة من جاليات المغاربة المغتربين (حوالي 4-5 مليون مواطن)، وفي عام 2000، وقّع محمد السادس اتفاقية شراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب أسفرت عن توسيع نطاق التجارة بشكل كبير، ومنذ ذلك الحين، اتسعت العلاقة لتشمل التبادلات البرلمانية، والمساعدة من الاتحاد الأوروبي (200 مليون يورو سنوياً في الفترة 2014-2017 وحدها)، والتعاون في مجال الأمن والهجرة. وأصبحت القضية الأخيرة ملحّة بشكل خاص بالنظر إلى إغلاق طرق الهجرة في الجزء الأوسط من البحر الأبيض المتوسط في العام الماضي وتزايد عدد الأشخاص الذين يسعون إلى دخول أوروبا عبر المغرب.

وفي الفترة بين عامي 2015-2018 انتكست العلاقات في أعقاب قرار “محكمة العدل الأوروبية” باستبعاد الصحراء من الاتفاقيات التجارية المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب التي تشمل المنتجات الزراعية، والزراعية الغذائية والسمكية. ومع ذلك، ففي وقت سابق من هذا العام، اعتمد البرلمان الأوروبي سلسلة من الاتفاقيات المعدّلة من خلال شمل الأراضي المتنازع عليها، مما أدّى إلى تعافي العلاقات إلى حد كبير.

انخراط قوة عظمى

قالت الدراسة الأمريكية في تقييم علاقات المغرب مع القوى العظمى في 20 سنة من حكم محمد السادس، أنه و “رغم أن علاقات الرباط مع الولايات المتحدة ليست قوية مثل تحالفاتها الأوروبية، إلا أنها أحرزت تقدماً هاماً منذ تولي محمد السادس العرش. ففي عام 2004، أدرجت واشنطن المغرب كـ “حليف رئيسي من خارج حلف الناتو”. وبعد عام، أطلق البلدان مناورة “فلينتلوك”، وهي تدريب عسكري إقليمي سنوي يركّز على مكافحة الإرهاب. وبالفعل، رسّخت الرباط مكانتها كشريك رئيسي في مكافحة الإرهاب في غرب إفريقيا والساحل، حيث سعت الجماعات الجهادية مثل تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» إلى استغلال الدول المنهارة في مالي وغيرها.

أكدت الدراسة أن، المملكة المغربية عضو في “الشراكة المعنية بمكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى”، وهو برنامج أمريكي يساعد الحكومات الإقليمية على تعزيز قدرتها على احتواء المنظمات الإرهابية المحلية وهزيمتها. كما لعبت الرباط دوراً أساسياً في تشكيل “المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب” مع الجزائر ومصر والأردن وقطر والسعودية ودولة الإمارات.

وفي غضون ذلك، يقوم المغرب منذ عام 2008 بإجراء مناورات عسكرية ثنائية سنوية مع الولايات المتحدة تُعرف باسم مناورات “الأسد الإفريقي”، التي تركّز على تحسين توافق العمل المشترك. ومنذ عام 2012، يعقد البلدان حواراً استراتيجياً يركز على تعزيز التعاون العسكري والاقتصادي ومكافحة الإرهاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى