رأي/ كرونيك

هل فيروس الكرونا أصاب القانون؟

احمد امين مهياوي
باحث بالقانون العام
كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بالدار البيضاء.
مناقشة مشروعية القرارات الصادرة عن السلطة التنفيذية في ظل زمن الازمات ، تعد بالنسبة لرجل القانون مسألة شائكة و جد صعبة نظرا لحالة الخوف التي تسيطر على النفسية العامة للمواطنين و التي هي بالمناسبة مبررة نظرا لخطورة هذه الجائحة التي ألمت ببلادنا، فعندما تفقد القاعدة القانونية من بريقها، تصبح مناقشة القانون و مدى احترام تطبيقه غير حديث الساعة ، مما يضع رجل القانون في مواجهة مع ضميره حيث تتسرب إليه عدة تساؤلات أوجب ان يجد لها الجواب المناسب.
في زمن الأزمات، هل يجوز لرجل القانون ان يلتزم الصمت عندما تسقط المشروعية ؟
الا يجب عليه ان يقلق مهما كانت الظروف عندما تصبح الحريات مهددة ؟ ان يعبر عن سخطه عندما تداس الحريات ؟ ان يتصدى عندما ينتهك اسمى قانون في البلاد ؟
ولعل المعارك التي خادها رجال القانون في جميع أنحاء العالم قصد ان تستعيد القاعدة القانونية مكانتها،عندما باتث غير قادرة على تقييد نشاطات السلطات التنفيذية ولاسيما في الظروف الاستثنائية، و عندما لم تعد قادرة على حماية حريات الأفراد بحيوية،ان أصبحت دول امما رائدة.
ان توجيه رجل القانون اهتمامه إلى المسائل القانونية المتعلقة بكيفية تدبير الازمة الصحية الغير مسبوقة في بلادنا والتي شملت عواقبها مجالات عدة ،الاقتصادية و الاجتماعية منها ، تبدو ظرفية جديرة بالاهتمام على المستوى الأكاديمي ،و مؤلمة في نفس الوقت على المستوى الإنساني لما تشكله من تهديد محدق بحياة المواطنين،وذلك قصد الإلمام بالموارد القانونية التي من خلالها يتم تدبير الأزمة، ولفهم كيفية انتشارها و شروط استخدامها وذلك لولوج المنطق القانوني المعتمد لتنزيل جميع ترتيبات تدبير هذه الأزمة.
فقبل الشروع في تقديم بعد الملاحظات المتواضعة حول مدى احترام السلطات التنفيذية لمبدأ المشروعية في حالة الظروف الاستثنائية كما هو الحال بالنسبة لبلادنا في ظل هذه الأزمة الصحية وجب التعريف ببعد النظريات القانونية التي من دونها قد يضيع قصد هذا المقال، لنبين بتفصيل فيما هو آت ما يلي :
اولا في ظل دولة الحق و القانون يكون مبدأ المشروعية ملزما للاجهزة التنفيذية في الظروف العادية و الغير العادية مع ترتيبات خاصة في الظروف الاستثنائية تقضي بتوهين مبدأ المشروعية اي ما مفاده أن في الظروف الطارئة كما هو الحال بالنسبة لهذه الأزمة : سلطان القانون لا يعطل و التدابير و الإجراءات الغير العادية المتخدة في هذه الظروف تتخذ في ظل سيادته.
ثانيا ان القرارات الرامية إلى إعلان وتحديد كيفيات تطبيق الأنظمة القانونية الاستثنائية (حالة الاستثناء ،حالة الحصار،إعلان حالة الحرب)، يجب أن تكون قرارات ذات الصبغة القانونية (ظهير،قانون، مرسوم) مع مراعاة الاختصاصات المنصوص عليها في الدستور وانه في نازلة الحال (الازمة الصحية/حالة الطوارئ الصحية) لم تعلن و لم تطبق بهذه الكيفية حيث جاء ذلك وفقا لبلاغ لسيد وزير الداخلية،الشيئ الذي تضعف معه دولة الحق و القانون.
ان النظرية القانونية لدولة الحق و القانون تلزم الأجهزة التنفيذية و جهاز الإدارة الخاضع لها في الظروف العادية و الاستثنائية الانصياع لسطان القانون على قدم المساواة مع المواطنين بينما لا يخضع للقانون ويلتزم به في الأنظمة البوليسية الا المواطنون.

ثلاثة عناصر تتميز بها دولة الحق و القانون :

وجود تراتبية للقواعد القانونية و يعني ذلك مجموعة متسقة من القواعد القانونية مرتبة وفق طبقات تأخذ شكلا هرميا.
وجود سلطة قضائية مستقلة مؤهلة لمعاقبة الأنتهاكات التي تطال تراتبية القواعد و التي يمكن أن تصدر من طرف السلطة التنفيذية و السلطة التشريعية.
احترام القيم الداعية إليها أدبيات حقوق الإنسان.
وجب الاشارة في هذا الصدد إلى عدم الخلط بين الدولة الديمقراطية و دولة الحق و القانون. وذلك انه من الناحية النظرية فإن الدولة الديمقراطية ماهي الا الدولة التي يمارس فيها الشعب السلطة السياسية اما مباشرة و هو ما يصطلح عليه الديمقراطية المباشرة او بواسطة نوابه و هو ما يعرف ب الديمقراطية التمثيلية.
ووفقا لهذا التعريف فإن إخضاع الأجهزة التنفيذية و الأجهزة الإدارية للسلطان القانون عبر الزامها بالتقيد بمبدأ المشروعية مهما كانت الظروف يحصر نشاطها في منظومة من الواجبات و و القيود.
لكنه و على الرغم من ذلك ،فإن النظرية القانونية لدولة الحق و القانون أتاحت للاجهزة التنفيذية و الأجهزة التابعة لها حيزا مهما من الحرية يتجلى في السلطة التقديرية التي تمتاز بها لكي تحدد حسب الحالة الاختيارات المتناسبة مع المصلحة العامة الا انه و في بعد الحالات الاستثنائية ما يعرف فقها بالظروف الاستثنائية فان السلطة التقديرية تصبح عاجزة عن تحقيق المصلحة العامة فيقبل حينئذ مبدأ المشروعية التوهين ليسمح للاجهزة التنفيذية مواجهة الظرف الاستثنائي.
ان حلول ظرف استثنائي يمكن أن يجعل غير مناسب و لفترة مؤقتة التطبيق العادي لمبدأ المشروعية ولكن لايمكن تعطيله او اسقاطه.فالنظرية الفقهية للظروف الاستثنائية ان وجدت تمكن آنذاك الأجهزة التنفيذية من مواجهة الظرف الاستثنائي الا انه وجب عدم الخلط بين هذه النظرية الفقهية و الأنظمة القانونية الاستثنائية المؤطرة من خلال نصوص قانونية (حالة الاستثناء ،حالة الحصار،إعلان حالة الحرب).
ففيما يخص النظرية الفقهية للظروف الاستثنائية فهي صيغت بفرنسا بواسطة الاجتهاد القضائي الشهير هرياس 1918 (مجلس الدولة 28 يونيو 1918).
حيث ان الظروف الاستثنائية المشار إليها في هذا الاجتهاد القضائي هي الظروف التي تصبح فيها المشروعية الاعتيادية غير ملائمة للظرف الحاصل مما يوجب معه حلول مشروعية استثنائية. فبشكل ملموس تستوجب هذه النظرية الفقهية لتطبيقها توفر شرطين :
1 توفر ظرف غير طبيعي كحالة حرب أو كارثة طبيعية أو توثر مجتمعي لا يصل حد حالة الحرب الأهلية ،
2 يجب أن يرافق هذا الظرف الغير طبيعي استحالة تقيد الأجهزة التنفيذية بالمشروعية الاعتيادية.
ان اهم آثر لهذه النظرية الفقهية عند تطبيقها هو التوسيع من مجال سلطات الأجهزة التنفيذية ومن يخضع لها بحيث :
تصبح التدابير التي تكون في ظل المشروعية الاعتيادية غير مشروعة ذات طابع مشروع اذا اقتضته ذلك الظروف الاستثنائية.
تصبح التدابير التي تعتبر في ظل المشروعية الاعتيادية اعتداءات مادية،مجرد قرارات ادارية.
ان المستخلص من هذه النظرية الفقهية أنها ترتكز على فكرة انه فوق المشروعية الاعتيادية توجد على عاتق الأجهزة التنفيذية مسؤولية تحقيق الصالح العام مهما كان الظرف و انه في حالة خطر تخول السلطة القضائية للاجهزة التنفيذية تجاوز القانون ولكن لا يكون ذلك ابدا متاحا في ظل غياب هذه النظرية الفقهية و هذا الإذن.
كما وجب في هذا الصدد تقديم ملاحظة حول هذا الاجتهاد القضائي المذكور أعلاه ،إذ شكل السند القانوني الذي من خلاله أصدرالوزير الاول الفرنسي بتاريخ 16 مارس2020 المرسوم رقم 260-2020 القاضي بتطبيق الحجر الصحي و الحد من حرية التنقل.
غير أنه لا توجد في بلادنا نظرية فقهية للظروف الاستثنائية كالتي شيدها القضاء الفرنسي نلجأ اليها مما يجعل متاحا عندنا عند حلول ظرف استثنائي، وحدها الأنظمة القانونية الاستثنائية المؤطرة بنصوص قانونية (الدستور : حالة اىاستثناء ،حالة الحصار و حالة إعلان الحرب) التي هي غير مناسبة التطبيق في حالة الازمات الصحية الخطيرة مما قد يستشف معه ان نشاط الأجهزة التنفيذية قبل إعلان حالة الطوارئ الصحية كان خارج اي إطار قانوني يتيح المراقبة و المسائلة. إذ أن القانون لا يعطل حتى في الظروف الاستثنائية.
بحيث أن السلطات التنفيذية ببلادنا اتخدت العديد من التدابير التي بالمناسبة نحي فعاليتها و التي من بينها ما شمل حريات دستورية نسرد منها على سبيل المثال لا الحصر حرية التنقل الفقرة الرابعة من الفصل 24 من الدستور غير انه و في ظل غياب نظرية فقهية للظروف الاستثنائية و نظام قانوني استثنائي يؤطر حالة الطوارئ بصفة عامة أو الصحية بصفة خاصة يحدد إطار ممارسة الصلاحيات المخولة للسلطات الساهرة على تدبير الازمة ويحدد عتبة المشروعية الغير مسموح تجاوزها في ظل ظروف استثنائية كالتي تعرفها البلاد ، تكون هذه التدابير حتى وإن تأكدت محاسنها و فعاليتها غير مطابقة لمشروعية الظروف الاستثنائية وتفقد معها دولة الحق و القانون شئ من توهجها.

إن هذه التدابير موضع نقاشنا ، و الرامية إلى السيطرة على هذه الأزمة الصحية قد تم اتخاذها بواسطة مجموعة من البلاغات الصحفية للاجهزة التنفيذية و التي كما ذكرنا خصت عديد الأنظمة القانونية المتعلقة بحقوق و حريات سياسية، اقتصادية،اجتماعية و ثقافية،إذ أن هذه الأنظمة القانونية المؤطرة لهذه الحقوق و الحريات مكرسة من طرف الدستور ليضمن لها الحماية اللازمة و من طرف قوانين تنظم كيفية ممارستها مما يستحيل معه قانونا تقليص نطاق تطبيقها او الحد منها أو تعطيلها الا بواسطة قاعدة قانونية حائزة على نفس القوة أو أكثر من التي أقرتها وليس اقل درجة فما بالك ببلاغ صحفي.

وحيث أن تحليلنا يمكن تبيانه من خلال سرد بعض الأمثلة لهذه البلاغات الصحفية منها البلاغ الصحفي المشترك الصادر عن السيد وزير الداخلية و السيد وزير الصحة الرامي إلى الأمر بمجموعة من التدابير قصد تطبيق الحجر الصحي ،تدابير شملت على سبيل المثال لا الحصر : حرية التنقل،حرية التجارة،الصناعة، حرية المبادرة…..مما استوجب معه الوقوف عند وضع القانون ببلادنا في حالة الازمات من خلال طرح مجموعة من التساؤلات وهي كالآتي :
ما هي القيمة القانونية للبلاغ الصحفي ؟ هل توجد نظرية قانونية تتيح الحد من الحريات الدستورية و تتيح توسيع صلاحيات السلطات بواسطة بلاغات صحفية ؟ اي جهة قضائية مختصة للبث في مشروعية البلاغات الصحفية اذا اعتبرها مواطن غير مطابقة لقاعدة قانونية معمول بها في نظامنا القانوني ؟ كيف يمكن التصدي للشطط الصادر عن تطبيق هذه التدابير عندما يكون سندها القانوني بلاغ صحفي ؟
وحيث انه من اجل المزيد من التوضيح لقرائتنا المتواضعة ، وجب التطرق إلى بلاغ ثاني صادر هذه المرة عن وزارة الداخلية بتاريخ 19 مارس الجاري ، والذي له تداعيات قانونية ليست بالهينة حيث اعلن من خلاله (و من العدم لأنه لاوجود لأي قرار قانوني سابق و لا لحق لحد الساعة) عن تطبيق ما سمي بحالة الطوارئ الصحية دون أن يكون نظامها القانوني معروفا ولا ان يكون معروفا حجم الاختصاصات المفوضة لمن يقع عليهم تطبيق هذا النظام الاستثنائي و دون ان تكون معروفة العقوبات المطبقة ولا الضمانات المقدمة ان وجدت لمن سيخضعون لهذا النظام في حال وقعت تجاوزات عند تطبيقه ،وكأن الأنظمة القانونية العادية تستبدل باخرى استثنائية بمجرد بلاغ صحفي ، مما يجعل مشروعا هنا كذلك طرح مجموعة من التساؤلات حول الطريقة التي تم بها تدبير الازمة من منطلق القانون فقط :

هل يمكن فعلا في دولة الحق و القانون تطبيق أنظمة قانونية استثنائية بواسطة بلاغات صحفية ؟ الا يخضع النظام القانوني المنظم للحريات للمواد الحصرية التي تدخل في نطاق السلطة التشريعية (الفصل 71 من الدستور) ؟ علي اي سند قانوني يقوم نظام الطوارئ الصحي ؟ هل يقوم على ظهير، قانون أو مرسوم ؟

هل يمكن للبلاغات الصحفية ان تغير الدساتير و القوانين ؟ هل البلاغات الصحفية مصدر من مصادر المشروعية ؟ هل وظيفة البلاغات الصحفية هي إحداث التزامات ذات طابع عام و مجرد.؟
فعلا نحن لا نتوفر على نظرية فقهية للظروف الاستثنائية ،وجب ربما الشروع في التفكير فيها منذ الان ولا على نظام قانوني استثنائي يتناسب مع الازمات الصحية الخطيرة التي قد تتعرض لها البلاد لا قدر الله، ولكن وجب علينا نحن رجال القانون دون غيرنا الدفاع عن القانون في اضعف حالته ومهما كان الظرف لنحافظ على المكتسبات المتحصل عليها و ذلك بالحرص على ان تحترم مصادر المشروعية المعمول بها في بلادنا ،و الحرص كذلك على الحد من نطاق الحريات في الظروف الاستثنائية الا بواسطة قرارات مهيبة كالقانون و المراسيم ان جاز لها هذا الاختصاص ،كما وجب الحرص على ضرورة تطبيق الأنظمة القانونية الاستثنائية في الظروف الطارئة من قبيل حالة الطوارئ الصحية بواسطة قوانين او مراسم حسب توزيع الاختصاص وتقييد تطبيقها بوجود ضمانات واضحة لفائدة المواطنين تمكنهم من التصدي لأي شطط قد ينجم عن تدابير التطبيق النظام كالنشر بالجريدة الرسمية لضمان دخول حيز التنفيذ دخولا قانونيا مع إنتاج الاثار القانونية الصحيحة إذ أن البلاغات الصحفية لا تتيح للأسف هذه الضمانات الأساسية ، وهكذا نكون قد انتصرنا للقانون وأعدنا التذكير بالمكانة المتقدمة التي تحوزها الحقوق و الحريات في منظومتنا القانونية.
وفي سياق هذه التدابير المعتمدة قصد مواجهة هذه الازمة الصحية من طرف الأجهزة التنفيذية في بلادنا وجبت الاشارة الى أنها تشابه تماما التدابير المعتمدة في فرنسا و بنفس التدرج الا ان الوزير الأول الفرنسي تفطن إلى عدم امكانيته قانونا الحد من مجال الحريات بواسطة المراسيم رغم أن مرسوم الحجر الصحي جاء مؤسسا قانونا وفق استشارات مجلس الدولة( انظر استشارة 18 مارس2020 )وذلك انه اعتمد على النظرية الفقهية للظروف الاستثنائية لسنة 1918 و على الرغم من ذلك و لأن الخطوة التي تلت الحجر الصحي كانت في غاية الحساسية بالنسبة للحقوق و الحريات فإنه تدارك الموقف حيث تداول مجلس الحكومة الفرنسي يوم 18مارس 2020 حول مشروع قانون يجيز إعلان حالة الطوارئ الصحية و يخول للوزير الأول الحد من نطاق بعد الحريات عن طريق المراسيم و الذي أقره البرلمان الفرنسي يومه الاحد 22 مارس 2020 ليدخل حيز التطبيق مباشرة بعد النشر بالجريدة الرسمية. ولعل احترام الدستور و القوانين هو من الزم الحكومة الفرنسية تصحيح الوضع.
وحيث انه يأسف للقانون في بلادنا ،ان تكون تدابير خطيرة تؤثر على نطاق الحريات قد قررت و طبقت بواسطة مجرد بلاغ صحفي بتاريخ 19مارس 2020 للسيد وزير الداخلية لايرتكز على اي قانون او مرسوم سابق التطبيق او تم اصداره في خضم هذه الازمة قصد إعلان حالة الطوارئ الصحية .
فهل يجب أن نفكر ان السلطات التنفيذية في بلادنا تولي اهتماما أكبر للمسائل المالية حيث تم اصدار مرسوم قصد انشاء الصندوق التضامني للمواجهة تداعيات آفة كورونا و انه عندما تعلق الأمر بالحقوق و الحريات بلاغ صحفي يكفي ؟
ألم يكن أكثر تناسبا من اجل دولة الحق و القانون في بلادنا و لصيانة هبة القانون ان تتم هذه التدابير التي نؤكد مرة أخرى على ضرورتها و محاسنها من خلال تنزيل قرارات قانونية مع كل ما يترتب عن ذلك من ضمانات لفائدة المواطنين المشمولين بهذه التدابير وفقا للدستور الذي يوزع الاختصاصات بين السلطة التشريعية و التنفيذية ، ألم يكن الاجذر اللجوء إلى الفصل 70 من الدستور ولا سيما اننا في أزمة و ان السلطة التنفيذية هي الساهرة على تدبيرها و التي تقتضي لمواجهة حالات الاستعجال الناتجة عن تداعياتها مجموعة من التدابير المندرجة في نطاق القانون (الفصل 71 من الدستور ) و التي تخص القطاع الاقتصادي و ملائمة بعض القوانين مع الظرفية الحالية كقانون الشغل وغيره من القوانين لتفادي بطء دارة التشريع ،(الفصل 70 من الدستور loi d’habilitation ) :
‘ للقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف من الزمن محدود، ولغاية معينة، بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها، ويجري العمل بهذه المراسيم بمجرد نشرها. غير أنه يجب عرضها على البرلمان بقصد المصادقة، عند انتهاء الأجل الذي حدده قانون الإذن بإصدارها، ويبطل قانون الإذن
إذا ما وقع حل مجلسي البرلمان أو أحدهما’.
اخيرا وليس آخرا حان الوقت ربما، للشروع في التفكير بالموارد القانونية المتاحة في بلادنا في ظل وقوع أزمات أخرى لا قدر الله ، يتيح للقضاء تطوير نظرية للظروف الاستثنائية تتناسب مع الازمات الصحية الخطيرة و يتم اللجوء إليها عند الغاية اذا ما لم تتناسب الازمة الحاصلة مع الأنظمة القانونية الاستثنائية المتاحة و المؤطرة بنصوص قانونية كما أوجب على المشرع اصدار قانون يتعلق بالنظام القانوني لحالة الطوارئ بصفة عامة و الصحية خاصة يطبق عند حلول الازمات الصحية، يحدد من خلاله نطاق اختصاصات السلطات التي تم تكليفها بتطبيق هذا النظام الاستثنائي ، وتحديد نطاق الضمانات المتاحة للمواطنين عند الحد من حرياتهم عند حلول ظروف استثنائية ، عندها فلا مجال لأدنى شك ان دولة الحق و القانون ستخرج اقوى في أعقاب كل أزمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى