كورونامجتمع

عمال النظافة.. ملائكة في زمن كورونا

منعم وحتي

تَأْلَفُ بلامبالاةٍ سماعَ صوتِ أزيزِ ارتطام مكبات الأزبال في ساعات متأخرة من الليل، وأنت على أريكتك المريحة، تحتسي فنجان قهوتك..
هل تخيلتَ ولو للحظة ماذا يجري في تلك البؤرة الآسنة لتجمع أزبال حيك..؟

إنهم أناس طيبون، تركوا أسرهم في تلك الليلة الباردة، ووضعوا قبلات حنان على جبين أطفالهم قبل خروجهم… أقَلَّتْهُم شاحنة الأزبال المتهالكة وعصارة زيوت الموت تَشِمُ مسارها، تخترق بهم حواري البؤس والأحياء الراقية، وواجهات القصور، وتختلط روائح الطبقات بامتزاج أنظمة عيشها، وتباين عاداتها وأزبالها..
في كل مكب نفاياتٍ حكايةٌ، حتى أصبح عمال النظافة يميزون الأزقة بروائحها، وطريقة تكديس أزبالها وألوان أكياس فضلاتها..،

إذن تذكر، وأنت على شُرفَةِ بيتكـ تسقي أزهارك، وتستنشق عبق عبيرها.. أن أرواحاً طيبة تصارع روائح كريهة من إنتاجك، حتى يبقى حيك نظيفا، وكي تستفيق صباحا وقد أُفْرِغَتْ أزبالك النتنة في جوف شاحنة النفايات، بمجهود جنود الخفاء الذين أنجزوا بشرف مهام يحتقرها البعض، وتصل السفالة بالبعض حد إهانة عمال النظافة.

تذكر وأنت تُنْزِلُ أحمالَ أزبالكَ، ونحن في الزمن الوبائي الأسود، أن عامل النظافة ذاك، مُعَرَّضٌ لخطر الموت بفيروس كورونا، بسبب إهمالك واستهتارك، فاحرص على الإقفال المحكم لأكياس قمامتك، وليكن حرصك أشد وأنت ترتب رمي كماماتك وقفازاتك التي يمكن أن تكون موبوءة، وذلك بوضعها في كيس خاص ومتين ومغلق بشكل جيد.

إنهم شرفاء يحرصون على بيئتنا، في أوسخ مكان تتصوره في الكون، فحاول فقط تسهيل مؤموريتهم بالعودة سالمين لصغارهم.
وقس على ذلك بالنسبة لعاملات النظافة بالمستشفيات والمؤسسات العمومية والخاصة، إن احترامهن واجب إنساني، ليس فقط بفعل الظرفية الوبائية العصيبة والخطيرة، بل وحتى خارجها وعملهن أشرف من الشرف.

إن أطفالهم/هن يستحقون أن تستمر ذات القبلات الحنونة على جبينهم، فملابس الشغل المتسخة عكس صفاء ونقاء قلوبهم/هن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى