رأي/ كرونيكسياسة

اليسار ما بعد كورونا

أظن أن اليسار اليوم لا يحتاج الى خلق وإثارة نقاشات واهية ومعارك وهمية حول قضايا دينية، كالصيام والإرث والمثلية أو سقوطه في “نقاشات” شعبوية، بحيث أنها لا يمكن أن تؤدي إلا إلى نتائج عكسية، أخذا بعين الاعتبار طبيعة المجتمع.

إن الممارسة السياسية تقاس بالمكتسبات والنتائج، والحالة هذه أن هذه المعارك تتم إثارتها إبان محطات مهمة وحساسة ومصيرية، كفترة الوباء وحالة الطوارئ هذه، كما يلاحظ أنها أصبحت الميزة العامة، بإثارتها قبيل الاستحقاقات الانتخابية، مما يجعلها معارك في الأخير خاسرة ومجانية، تقوي نفوذ وحظوظ الطرف الذي تتصارع معه، إن المجتمع اليوم في حاجة إلى أجوبة حقيقية ومعقولة عن أسئلته الحارقة، حول البرامج وسلم الأولويات ومدى تفعيلها.

إن اليسار مجبر حاليا، أكثر من أي وقت مضى، على إثارة النقاش الحقيقي والموضوعي، حول القضايا الجوهرية والمشاكل الحقيقية، والتعبير عن هموم وانشغالات الجماهير الشعبية وتطلعاتها، عبر استحضار قيم اليسار الفكرية والإنسانية.

إن اغتيال الشهيد عمر بنجلون، لم ينفذ لأنه كان يناقش الصيام أو الإفطار والمثلية، الشهيد عمر اغتالته أيادي المكر والقمع والظلام، لأنه كان يحمل فكرا متنورا وبرامج، تهدد الجهل والتخلف والاستبداد وتهدد أعداء الديمقراطية والتحرر، وقد كانت تستفزهم داخل أوكارهم.

أما نحن، فكفانا هدرا للزمن السياسي والفكري، كل مرة، وعبر التجييش بكذا شعار من نوع “كلنا احماد أو محماد” وكفانا تهريبا للتضحيات الجسام لليسار، وتاريخه النضالي المجيد.

فلقد أبان اليسار، عبر جميع المحطات التاريخية، والمحن والمعاناة، أنه لا يشكو من العقم. واليوم ومع ما أصبح يعيشه العالم من أزمات، وصاعقات جراء ما وصلت إليه الرأسمالية من احتباس يستدعي المبادرة عبر الاستحضار القوي، والتجديد لأفكار اليسار وملامستها وملاءمتها مع الواقع والوضع الراهن.
تحية للجميع.
26 أبريل 2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى