ثقافة وفنون

عين على التلفزيون: “روتيني الرمضاني” يكشف عورة الفن في بلدنا المحجور

أيها العابسون.. الرافضون للضحك الذي تفرغه قنواتكم التلفزية بـ”نمطية قاتلة”على موائد إفطاركم.. اضحكوا وتفكهوا، وقولوا لمن يسهر على احتكار الضحك، وإظهاره فينا: لقد افلحتم في جعلنا “ضَحكة”، تبيعون القرد وتضحكون على “للي شراه”.

أيها العابسون.. سموه ما شئتم، “طنز عكري”، “ضحك على الذقون”، الضحك الحامض”.. فلن “تُصوِّرُوا” شيئا من فكاهيينا وإضحاكيينا، ولن تشوشوا على أدائهم “الفريد” في الإضحاك، ولن تبدلوا آراء بعض الذين يُقبلون على ما تسمونه حموضة، بالرغم من كونه منتوجا حامضا فعلا.

المشكل ليس في الكوميديين الموسميِّين الذين يبحثون عن الخبز قبل الإبداع.. هؤلاء، “الله يحسن لعوان” هُم أنفسهم كما رأيناهم أول مرة، بنمطيتهم المعروفة، وسذاجتهم المملة، و”روتينهم الرمضاني” الذي يكشف عورة الفن في هذه البلاد المحجورة.. إذ لم يتغيروا قط، منذ فرضهم التلفزيون “بزَّز” على المشاهد المغربي في موسم الصيام، ولم يتبدلوا في شيء، مادام هناك نظام صارم خلف الشاشات، يصر على قتل الموهبة والإبداع فيهم، على حساب التهريج والابتذال وصفاقة الذوق وقتل القيم..

المشكل يكمن في مستوى ذوقكم الذي أصبح يطلب المستحيل، والمشكل أيضا في تجنيكم على كومديين، ينطبق عليهم المثل القائل “فاقد الشيء لا يعطيه”، وأيضا في تركيزكم على القفة وغلائها في زمن الحجر وحظر التنقل، مقابل أطنان من الإشهارات التي تُمرر عمدا داخل كل “سكيتش” بليد.. وهي أشياء تأكل من رصيد الصبر المتبقي للمشاهد، إن لم ترفع مستوى “الخَز” في رؤوس عباد الله.

إن المشاهد المغربي ذكي للغاية، وله ذاكرة تجعله في مستوى تقيم المنتوج الإضحاكي في رمضان، ويعرف جيدا أن العقل المدبر للكاميرا الخفية “مشيتي فيها” عاقر عن إنجاب فكرة جديدة.. لذلك، ظل رهينة لاستوديوهات “وارزازات” ومطاردات في الوديان، وصناعة الخوف بواسطة الحيوانات الضارية، وهي كلها أفكار مستوردة من إنتاجات عدد من المبدعين في بلدان عربية وغربية.

المشاهد المغربي أيضا أكبر من التفاعل مع حملات تحسيسية تحتقر ذكاءه.. ففي سيتكوم “الكوبيراتيف” مثلا، لجأ صُنّاعه إلى تطعيم الحلقات التي تم تصويرها قبل الإعلان عن حالة الطوارئ في المملكة، ببعض المشاهد التحسيسية الجديدة التي تتناول تيمة “الحجر المنزلي”، لكن طريقة التحسيس زادت الطين بلة، وأسقطت صُناعه مطب احتقار ذكاء المشاهد..

تصوروا أن الممثل الفلاني مندمج في مشهد ما، وفجأة يتوقف، وينظر إلى الكاميرا (المشاهد)، ثم يقول: مانسلموش بإيدينا، نخليوْ مسافة باش ما نعادييك ما تعاديني.. ثم يعود للمشهد القبلي.. وكأنه يقدم برنامج ضمن “القناة الصغيرة”.. لقد كان ممكنا أن يتم تصوير حلقات خاصة عن “كورونا” تخدم الجانب التحسيسي بحرفية عالية، خاصة وأن زمن الحجز والطوارئ أفرز أطنانا من النكت التي يتداولها الناس بنهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي لكن “لمن تعاود زابورك أداوود”.

(يتبع)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى