رأي/ كرونيكسياسة

رئيس الحكومة القلق…أو في الذي سكت عن الحديث فيه ولم يكن مستعدا لقوله…

عزالدين بونيت

المشكلة في التعاليق التي أعقبت مرور رئيس الحكومة المتلفز هي انها ركزت اهتمامها على ما قاله ولم تأبه بما لم يقل. ركزت على الشكل وعلى الإنجاز (بلغة اهل الشو بيز)، ولم تلتفت إلى ما لم يكن مستعدا لقوله، وبدأ جاهدا في إخفائه، أو أنه ومن معه فضلوا تقطيره علينا تقطيرا، خلال الأيام المتبقية على تاريخ العشرين من ماي، وذلك في أسلوب بدائي من أساليب تحضير الرأي العام.

هنا تطرح مرة أخرى مشكلتنا المزمنة مع الإعلام المهني المفروض فيه أن يتناول تصريحات رئيس الحكومة سياسيا وتقنيا بمعية مختصين وسياسيين لتسليط الضوء على هذا الخفي المسكوت عنه الذي أحجم رئيس الحكومة عن قوله

حين أنفق الرئيس جزءا من وقت مروره وجهده في كيل الشكر الجزيل لكل الأطر والموظفين والعاملين والمواطنين الصامدين والصابرين، ثم بدأ يخبرنا أنه ومن معه يفكرون ويقدرون ويضعون السيناريوهات ويستبعدونها ويلائمون بينها، حين قال ذلك كله، كان ينبغي أن نفهم أن الحجر لن يرفع في 20 ماي، وأننا مدعوون إلى مزيد من الصبر والصمود. كان مطلوبا منا أن نفهم، من تلقاء أنفسنا، أن السيناريوهات موجودة ولكنها غير قابلة للتفعيل في الوقت الراهن، في ضوء مؤشرات الحالة الوبائية القائمة.

كان علينا ان نفهم إجمالا أن مصدر القلق الأول الذي يشغل بال الرئيس ومن معه هو: كيف سيخبروننا بأن الحجر باق ولن يرفع؟ وكيف سنستقبل قرارا من هذا القبيل ليلة العيد؟ هل سنطيع ونلتزم أم سنتمرد كما تمرد الذين من قبلنا؟ والحال أن تحليل المعطيات المتعلقة برد فعل المحجورين بين المرحلتين الأولى والثانية بينت أن إعلان تمديد الحجر في 19 أبريل الماضي أعقبه تمرد غير معلن على صرامة الإجراءا، وارتفاع في أعداد الذين يخرقون الحجر كما توضح ذلك الأرقام التي تعلنها النيابة العامة بشكل شبه يومي.

هناك تبرم واضح من طرف الشارع، وعياء اوضح للسلطات المختلفة الترابية والأمنية والقضائية الساهرة على تطبيق الحجر. كيف سيكون الأمر عند عتبة 20 ماي؟ كيف سيستجيب الرأي العام والمجتمع؟ خاصة وأن منسوب الثقة والإجماع حول قرارات السلطات العمومية قد عرف تراجعا، منذ حادثة “صندوق التفاح” وما أعقبها من تصدعات ناتجة عن تداعيات مشروع قانون 20/22 .

ومن جهة أخرى، فإن الألفة التي أصبحت تطبع علاقتنا باخبار الوباء القادمة من هنا وهناك، والروتين الذي يسم الأداء الإعلامي الوطني بهذا الخصوص، وما يعرض من صور وروبورتاجات مطمئنة للمرضى المتعافين، ومظاهر الاحتفاء المحيطة بهم؛ كل ذلك أسهم في التقليل من حدة القلق والحذر من إمكانية الإصابة بالعدوى. ومن ثمة فإن السلطات العمومية تستشعر وتتوقع بعد 20 ماي نوعا من الخرق شبه العارم الإجراءات المرتبطة بالحجر، مما سيضع قوة الدولة وهيبتها على محك حقيقي. ويبدو لي ان السؤال الحقيقي الذي يشغل بال السلطات هو كيف ستواجه هذا التمرد الضمني؟ وهذا مصدر قلق جاد لا تساعد على تخفيفه او المساهمة في مواجهة اسبابه موجة الاستهجان التي أعقبت مرور الرئيس.

لهذا، ولكل ما سبق، كنت وما زلت أتحاشى التعليق العابر على بعض الوقائع التي هي من قبيل البوز، ولا قيمة لها ولا تستحق في الوقت الراهن أن نركز عليها، أو نسهم في انتشارها، لما تتركه من ندوب تافهة المردود، على الوجدان والرأي العامين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى