اقتصادسياسة

حلقات أكورا.. بنعبدلاوي وعالم ما بعد كورونا وآية انعكاسات على المغرب 3/1

المختار بنعبدلاوي

لابد من إعادة النظر في السياسات الاجتماعية بمنطق يقوم على مركزية الإنسان في العملية التنموية، وتكافؤ الفرص والاستثمار على المديين المتوسط والبعيد…

تغطية: علي بنساعود

 اعتبر الأستاذ المختار بنعبدلاوي أستاذ الفلسفة بكلية الآداب بنمسيك، وعضو مركز مدى، أن جائحة كورونا جاءت لتذكرنا أننا جميعا، أغنياء وفقراء، بمختلف أعراقنا وأدياننا ومصالحنا نركب السفينة نفسها، وأن هذه السفينة إن وصلت إلى بر الأمان فالجميع سينجو أما إن أصابها خلل، فالجميع سيدفع الثمن، وأضاف أنه، منذ ظهور الشبكة العنكبية، ونحن نتحدث عن أن العالم أصبح قرية صغيرة، لكن هذا الحديث ظل، في قسم كبير منه، جزءا من المتخيل الاقتصادي والسياسي، لكن، مع كورونا، اكتشفنا أن العالم هو فعلا قرية صغيرة؛ حيث إذا أصيب بلد في أقصى العالم بضرر، انتقل هذا الضرر إلى محيطه المباشر ثم البعيد فالأبعد (نفس منطق الأزمة المالية مثلا).

وذكر المتدخل أن من الأشياء التي أُدخلت طي النسيان، منذ بداية هذا القرن، أن الهدف من أي نظام سياسي أو اقتصادي هو خدمة الإنسان وضمان سعادته، وراحته، وأن هذه الأفكار هي التي كانت من وراء انبثاق ما يسمى ب: “الأنوار”، التي أسست حقيقة لثقافة وقيم كونية جديدة اصطلح عليها بـ: “الحداثة”.

وكشف أستاذ الفلسفة أنه منذ وصول المحافظين الجدد إلى الحكم، بدءا من سبعينيات القرن الماضي، (مع تاتشر في بريطانيا وريغن بالولايات المتحدة الأمريكية…) أصبحنا نرى أن هدف السياسة والاقتصاد لم يعد هو الإنسان، بل إن هذا الإنسان أصبح ضحية الاقتصاد والسياسات العمومية والدولية، وفي الدرجة الأخيرة من سلم الاهتمامات… وعَمَّ الحديث عن السوق ومنطق السوق وقوته وقيمه، حيث أصبح من الصعب على المثقف العضوي أو الفاعل المدني الوقوف في وجه هذا الطوفان… غير أننا اليوم، يضيف عضو مركز مدى، وبعد أن مست الجائحة الجميع، أغنياء وفقراء، حكاما ومحكومين، انتبه البعض، وبخلفية انتخابوية أحيانا، إلى أن الإنسان ينبغي أن يعود إلىقلب السياسات العمومية، والسياسية الاجتماعية والاقتصادية…

واستطرد الأستاذ بنعبدلاوي أنه منذ الحرب العالمية الثانية تقريبا، بل منذ الموجة الإمبريالية للقرن 19، والتخطيط جار من أجل تعميم حرب الإنسان ضد الإنسان، وإبادة الإنسان للإنسان، ونهب الثروات والمواد الأولية والسيطرة على الأسواق… غير أنه اليوم، ولأول مرة، تجري الحرب بين جميع بني الإنسان ضد خطر مشترك هو هذا الوباء الذي يتهدد الناس جميعا.

وختم المتدخل ملاحظاته هذه بقضية البيئة وخطر التحولات المناخية، وما يمكن أن يؤول إليه العالم، موضحا أن الجائحة، والتحولات البيئية التي حدثت خلال فترة الحجر الصحي، وما استلزمته من توقيف للصناعات وحد من التنقلات، كشف لنا جميعا أن النظام الاقتصادي القائم على الوفرة والتخمة يخنق العالم بحارا وهواء وغابات ويلوث الإنسان… وأن الجائحة فرصة لالتقاط الأنفاس، والتفكير والتأمل في الضرر الكبير الذي مس الإنسان والطبيعة والبيئة، بسبب النشاط الاقتصادي، والإنتاج المبالغ فيه والذي لا حاجة إليه أحيانا…

وخلص بنعبدلاوي من ملاحظاته هذه، التي افتتح بها عرضا قيما تحت عنوان: “عالم ما بعد كورونا: أية انعكاسات على المغرب؟ وما أولويات السياسات العمومية بعد الجائحة؟” قدمه عن بعد، عبر تطبيق “زوم”، في إطار الأنشطة التي تنظمها جمعية “أكورا للثقافة والفنون” مساء الثلاثاء 26 ماي الحالي، (خلص) إلى أن التمعن في الجائحة، يبين أن هناك معطيات ينبغي أن نأخذها بعين الاعتبار، وأهمها:

  • أن الجائحة ليست حالة عابرة، لأيام أو أسابيع أو أشهر، بل هي حالة ممتدة سيما أن منظمة الصحة العالمية أكدت في بلاغ لها، قبل أيام أن إنتاج المصل يحتاج إلى سنة على الأقل…

 

  • ما يعني ضرورة التكيف مع هذه الحالة، خصوصا وأنه لا يمكن تجميد الأنشطة الاقتصادية بشكل كلي، وبالتالي، فنحن أمام حاجة إلى الخروج إلى الحياة العامة والعملية، رغم استمرار وجود الجائحة معنا. لذلك، على كل دولة دولة، أن تتخذ الإجراءات التي تعبر عن مسؤوليتها اتجاه شعبها، وعلى كل فرد فرد، أن يعبر عن وعيه اتجاه مجتمعه.
  • أن الجائحة، حالة متشعبة، إذ حتى في حالة علاجها، لن يكون مرورها عابرا، لأن لها مضاعفات مكلفة وخطيرة تتهدد حياة الإنسان، حيث إن العديد ممن عولجوا منها، أصيبوا بعد أسابيع بجلطات وسكتات قلبية، وبفشل كلوي وتأثير سلبي على الشرايين والقلب…
  • أننا نتعامل الآن مع الجيل الثالث من هذا الفيروس، أي أننا أمام فيروس يتطور مع الزمن ليصبح أكثر تعقيدا ومكرا، وبالتالي، هناك خشية من أن تكون هناك عودة قوية للجائحة بعد الصيف، ما قد يؤدي إلى فرض الحجر الصحي مرة أخرى، وحتى في حالة توفير مصل الآن، قد نحتاج بعد ثلاث أو أربع سنوات إلى مصل جديد، لأننا قد نكون أمام جيل جديد من هذا الفيروس الذي قد يحتاج إلى متابعة دائمة…

ودعا بنعبدلاوي إلى التفكير في ما يلي:

لسنا أمام حالة عرضية عابرة، بل إننا، ربما، أمام تحول كبير كالتحول الذي حصل مع الثورة المعلوماتية، وبالتالي ستكون هناك إجراءات جديدة متعلقة بالسفر، والمطارات، والوقاية ونظام العمل، وهي إجراءات قد تمتد فترة طويلة…

وأثناء مناقشته لانعكاسات الجائحة على المغرب، أوضح الأستاذ المختار بنعبدلاوي أن الجائحة حلت بالمغرب وهو:

  • في ظروف اقتصادية صعبة خصوصا في المجال الفلاحي الذي هو مورد أساسي وحيوي للناتج الداخلي، حيث إن السنة الفلاحية الحالية سنة سيئة جدا بسبب قلة التساقطات وعدم انتظامها، بل إن عدم الانتظام هذا جرى تسجيله طوال السنوات القليلة الماضية…

  • يغرق في المديونية…

وأن المغرب يعاني بسبب الحجر الذي أثر على الفنادق والنقل خصوصا بالنسبة للمدن التي تعتمد على السياحة كمراكش وأكادير علاوة على الأعباء الاقتصادية الكبرى التي تطلبها الأمر إن على مستوى الوقاية ووقف الإنتاج وتحمل تكاليف العلاج ودعم الأسر الفقيرة…

وبخصوص الحل الذي طرح لمواجهة هذه الأعباء فهو حل استثنائي، تمثل في تبرع بعض الأغنياء، والاقتطاع من رواتب الموظفين، وهذا حل استثنائي لحالة استثنائية… غير أنه إذا كانت الحالة الاستثنائية ستتكرر، كما تتكرر الجوائح بسبب التحولات المناخية والجفاف والجراد وغيرها، فلابد من التفكير في حل مؤسساتي عوض الحلول العرضية…

يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى