رأي/ كرونيك

ما بعد كورونا: هل هي ولادة عالم جديد؟

أدت جائحة كوفيد– 19، الى فضح العديد من نقط الضعف في النظام الرأسمالي العالمي، الذي اسس على سلطة اقتصادية متوحشة، فبالرغم من التقدم خاصة بدول الشمال ،فان الجائحة الزمت بقانونها سكان الكرة الارضية بالعزل في البيوت والحضر الصحي .ومن هنا تتزاحم الاسئلة و تتولد الافكار . هل العالم مقبل على نظام عالمي جديد كالعوالم السابقة التي سجلها التاريخ،باعتبار ان الهزات الكبرى في تاريخ البشرية ينتج عنه نظام جديد في اطار علاقات دولية جديدة ؟

هل سيؤخذ بعين الاعتبار، ان نتائج الجائحة ستشكل مادة دسمة للمؤرخ والاقتصادي والديموغرافي والسوسيولوجي والفيلسوف والمبدع الاديب . على غرارما كان من نتائج الحرب العالمية الاولى و نتائج الازمة الاقتصادية لسنة 1929 ثم نتائج الحرب العالمية الثانية ؟وهل العالم سيعيش ارهابا اقتصاديا، في الانتاج الفلاحي والصناعي والمالي ،اكثر مما عاشه مع ازمة 2008/2009 ؟.

بناء على قراءات، اعتقد ان العالم سيشهد هيكلة جديدة لقيادة النظام العالمي، و التي يمكن رصدها في عدة جوانب منها :

اختلال موازن القوى العالمية في صراع ثنائي القطب ،بين الولايات المتحدة الامريكية وجمهورية الصين الشعبية . فالولايات لا تريد باي حال من الاحوال التخلي عن قيادة النظام الرأسمالي العالمي،لا سيما ان هناك ترابط قوي بين السياسي والاقتصادي مع الرئيس الامريكي دولندترامب الذي يعتبر مالك الرأسمالية بامتياز .

أما الصين ،فإنها تسعى إلى نزع هذه القيادة ،ومن زمان في اللقاءات السياسية بين زعماء الصين و أمريكا، إذا هذه النزعة القيادية للصين، يمكن اليوم ان تجر العالم إلى حرب كونية ثالثة، غير أن بعض الخبراء و محللي الخطابات السياسية يتنبؤون بحصول توافق بين القطبين الجديدين ،امريكا والصين حول قيادة العالم .

كما سيشهد العالم ،توجها نحو ظهور ادوات إنتاج جديدة ،لتخفيض كلفة الإنتاج وتحسين الجودة ،بالتقليل من ساعات العمل للإنسان. بمعنى زيادة الثقة في قطاع التكنولوجيا ، وبالتالي ستتراجع حركية وتنقلات الاموال اكثر من السابق، كما سيزداد اهتمام الدول بالاستثمار في القطاع الصحي ،على مستوى الاطر و الاليات والدفع بتشجيع العلماء في اطار شركات جديدة ومتخصصة في تقنيات التكنولوجيا الطبية .

وفي مستوى آخر سيزداد الاهتمام بقطاع التعليم ،واعطائه مكانته التي يستحقها ،خصوصا بدول الجنوب، حيث إن هذه الأزمة الوبائية العالمية، أبانت عن فشل التعليم عن بعد ،نظرا لغياب رؤية واضحة بعيدا عن الارتجالية.

فالتعليم عن بعد، من جهة اخرى، أعاد للأسر دورها الأصلي في تربية أبنائها ،بعدما تخلوا عن هذا الدور قبل الأزمة.

ومن هنا نطرح سؤالا : هل يمكن أن يكون التعليم عن بعد بديلا للتعليم بقاعات المدرسة؟ والذي سيعيدنا إلى النظرية التعليمية عند المربي إيفان إليتش .

لقد أبانت هذه الأزمة كذلك عن روح التعاطف الدولي، والتي تمظهرت في المساعدات الدولية بعيدا عن الصراعات الايديولوجية ، بحضور البعد الانساني ،هذه المساعدات فيها ما هو مؤسساتي كما شهد العالم بحضور اطباء كوبيين و روسيين الى ايطاليا . وفيها ما هو ذاتي كالمساهمات المالية التي تبرع بها بعض اغنياء العالم .

تأكد أن فضاء الكرة الأرضية، عرف تراجعا في نسبة التلوث ، حيث قدر مركز البحوث المناخية في مدينة اسلو انخفاض بنسبة 1,2% في انبعاث ثاني اكسيد الكاربون ، فاكد هذا المركز ،ان ثقب الاوزون قد أغلق.

كما يدفعنا الفضول المعرفي، إلى طرح مجموعة من القضايا نحو مختبر التفكير. هل سيعاد النظر في العديد من المفاهيم على سبيل المثال :

اتهامات الشر ومصدره في الأنظمة السياسة – الدولة ووظيفتها – الهشاشة في المجتمع – المراهنة على العلم وحدوده –تأسيس دولة الرعاية الاجتماعية – دور وأهمية الصحة والتعليم رهانا استراتيجيا – تراجع سلطة تجار الدين ثم الاستغناء عنهم في السياسة – وضع خطة استراتيجية في انتظار جوائح أخرى أتية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى