رأي/ كرونيك

الفساد المالي والإداري… ودوره في تعطيل التنمية بالمغرب

كشفت العديد من الدراسات عن ظاهرة الفساد المالي، الذي يعيق التنمية الشاملة بالمغرب، ومن بين هذه الدراسات نذكر: دراسات المندوبية السامية للتخطيط و تقارير المجلس الأعلى للحسابات و تقاريرمنظمة ترانسبرانسي بالمغرب ، والشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة ،و تقاريرخبراء مغاربة في الشأن الاقتصادي، ثم التقارير الصادرة حول افتحاص مالية الجماعات الترابية .

كل هذه الدراسات، سواء الرسمية او غير الرسمية، كشفت عن فضائح التدبير المالي و الاداري الفاسد، كما اجمعت الدراسات غير الرسمية،أن الفساد بالمغرب محصن بشبكة من العلاقات الحاضنة له، و التي تتجاوز رشوة صغار الموظفين الى عمليات تطال الاستثمارات الخاصة والعامة ،وتبقى المالية العمومية مدخلا للفساد.

بفعل لوبيات اخترقت الإدارة المغربية لإقرار امتيازات وإعفاءات ضريبية ضخمة، على مستوى التوظيفات، فإنها تتم عبر طرق غير قانونية بمنطق الزبونية و المحسوبية و منطق القرابة العائلية، فالأشخاص الذين يوظفون يفتقدون للكفاءات العلمية، بل أحيانا نجد بعضهم لا يتوفرون على شواهد، هذه الكائنات نجدها منتشر بإدارات الجماعات الترابية ،عربونا على جزاءات الانتخابات .اما بالنسبة لتدابير الصفقات العمومية ، بالجماعات الترابية فإنها تتم بالتحايل على القوانين المنظمة .

بعيدا عن لغة الارقام، فان الفساد يتمظهر في التوظيف و الاستثمارات و التهرب من الضرائب و الاختلاسات، واستغلال النفوذ والاثراء غير المشروع . ومن فضائح الفساد المالي التي راجت في الصحف الوطنية : سرقة الاموال المرصودة لإصلاح التعليم والصحة وصندوق التقاعد ، واختلاسات أموال الموظفين المنخرطين في تعاضدية الوظيفة العمومية .

ساهم هذا الوضع الرث ، في الحد من الإقلاع الاقتصادي و التنمية الاجتماعية، بفعل انتشار لوبيات الفساد بمراكز القرار، التي أغرقت المغرب في ازمات اقتصادية و اجتماعية نشرت الفساد في مرافق الدولة من مؤسسات عمومية الى جماعات ترابية، نموذج تفويت الملك العمومي الى شخصيات نافذة وبعلاقات مشبوهة .

يلاحظ ، أان تقارير قضاة المجلس الاعلى للحسابات يتم تعطيل مقاصدها في المساءلة و المحاسبة ، كلما تم تسجيل خروقات في تدبير المالية العمومية ،علما ان دستور 2011 ربط المسؤولية بالمحاسبة ،ولا يمكن تحت أي مبرر كان ،أن يستمر هذا الوضع، في استنزاف المال العام في بلد تظل موارده جد محدودة أو على الأقل ما يبدو ، و يظل أيضا ناتجه القومي الخام جد ضعيف، بحكم استمرار سيطرة الفساد المالي و مراكمة ثروة في اقلية من المجتمع .

فكل تقارير المنظمات الحكومية و غير الحكومية، بما فيها الخبراء،تجمع على أن الفساد المالي يعيق التنمية بالمغرب ، ويظل يغذي و يقوي اقتصاد قائم على الريع، يخدم و يشجع المصالح الشخصية على المصلحة الوطنية . ملفات الفساد التي صرحت بها تقارير المجلس الأعلى للحسابات ، تحولت إلى ملفات يحتفظ بها في الرفوف، لها مدخلات وليس لها مخرجات و كأن المجلس يقول للمنظمات الدولية ، إن المغرب ينعم بالديمقراطية ، لكن هذه التقارير تبقى بدون محاسبة و لا محاكمة ،و بذلك يعيش المغرب حالة الزواج و التطبيع مع الفساد.

اذن ما العمل؟ علينا الاستناد إلى الحكامة الجيدة ، ومفاهيمها و التي تستوجب استحضار الشفافية في التدبير ، وأيضا تفعيل مبدأ المحاسبة، وإعمال القوانين الزجرية لمواجهة حالة التسيب و الانفلات من العقاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى