رأي/ كرونيك

“كورونا” صرخة تحذير واضحة ضد التدمير المتصاعد للطبيعة

الإنسان والطبيعة جزءان من نظام واحد مترابط، وتوفر الطبيعة الطعام والأدوية والمياه والهواء النقي والعديد من الفوائد الأخرى التي سمحت للناس بالازدهار.
فهناك علاقات متبادلة بين الكائنات الحية وبيئتهم والكائنات الحية نفسها، هناك علاقة متبادلة بين البيئية وأسلوب الحياة وسلوك الكائنات الحية ومحيطها.

يوجد داخل النظام البيئي دورات تنقل فيها المواد والطاقة بين مكوناتها في إطار نظام إيكولوجي ثابت،و التوازن الديناميكي هو نتيجة لآليات التغذية المرتدة التي تنظم حجم السكان ومعدل تدفق المواد والطاقة في النظام. الإنسان يؤثر ويغير محيطه كما يتأثر بالبيئة، والنظم الإيكولوجية الطبيعية تزود الإنسان بالخدمات والسلع.

يعتبر الإنسان أهم عامل حيوي في إحداث التغيير البيئي والإخلال الطبيعي البيولوجي، فمنذ وجوده وهو يتعامل مع مكونات البيئة، وكلما توالت الأعوام ازداد تحكماً وسلطاناً في البيئة، وخاصة بعد أن يسر له التقدم العلمي والتكنولوجي مزيداً من فرص إحداث التغير في البيئة وفقاً لازدياد حاجته إلى الغذاء والكساء.
يقول الصحفي البيئي “ايشن هيزويزكي “في كتابه ” تاريخ الأمراض المعدية “،بان التدمير البشري للطبيعة يأتي من الأسباب الأكثر شيوعا للأمراض المعدية.

الكثافة السكانية التي عرفتها الإنسانية وتقلص الفضاء الحيوي للحيوانات والكائنات الحية الأخرى ، أدى إلى انتشار الأوبئة المنقولة عن طريق الحيونات، وظهرت أمراض معدية جديدة تسببها الفيروسات جديدة أو مستجدة.

استنزاف الموارد الطبيعية وتدمير الغابات والثلوت المؤدي إلى الاضطراب في النظام البيئي والمجال الحيوي للحيونات، ينقل إلى الإنسان لفيروسات الجديدة عن طريق الحيوان.

يقول خبراء البيئة إن التدمير المتصاعد للحياة البرية وأزمة المناخ تضر بالإنسانية ويعتبر مدير البيئة في الأمم المتحدة أنغر أندرسن بأن كوفيد19 “صرخة تحذير واضحة”.

الطبيعة تحذر من تدمير المحيط الحيوي وتغيير المناخ ومن العواقب الضارة للاستغلال المفرط وبدون حدود للطبيعة.

الاعتداء المستمر على الطبيعة وما يصاحبه من أمراض هو نتيجة للسلوك البشري . الفيروسات التاجية هي فيروسات حيوانية المصدر، مما يعني أنها تنتقل بين الحيوانات والناس. وجدت التحقيقات السابقة أن متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد تنتقل من قطط الزباد إلى البشر، بينما تنتقل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية من الإبل إلى الإنسان .

وقالت منظمة الصحة العالمية في بيان و كقاعدة عامة، “يجب تجنب استهلاك المنتجات الحيوانية الخام أو غير المطبوخة جيدا”.و ” يجب التعامل مع اللحوم النيئة أو الحليب النيئ أو أعضاء الحيوانات النيئة بعناية لتجنب التلوث المتبادل مع الأطعمة غير المطبوخة.” .

ويحذر خبراء الأمم المتحدة من أسواق الحيوانات الحية العشوائية والتجارة غير القانونية في الحيوانات

التغييرات المناخية واكتظاظ الطيور في فضاءات الشتاء، أدى إلى زيادة كبيرة من انتقال فيروسات الطيور . التحضر في جميع أنحاء العالم أدى إلى زيادة الأوبئة و البيئة عير الصحية المكتظة بالسكان أدت إلى الزيادة من انتشارها . 75 في المائة من الأمراض الناشئة تأتي من الحياة البرية يقول مدير البيئة في الأمم المتحدة.

بقول ارون بيرنشتاين الأستاذ الباحث في كلية هارفاد للصحة العامة في الولايات المتحدة، بان تدمير المجال الحيوي وتغيير المناخ يؤدي إلى استقبال حيوانات ومعهم مستضيفين جدد حاملين معهم الأمراض المعدية.

ووفقًا للتقارير منظمة التجارة العالمية ، ففي العقدين الأخيرين، تسببت الأمراض الناشئة في تكبد خسائر مباشرة تزيد عن 100 مليار دولار أمريكي.

إعادة التوازن في استعمال الموارد الطبيعية أصبح يساءل الحياة نفسها على سطح كوكبنا وهناك حاجة الآن لإتباع مقاربة فكرية جديدة للعلاقات بين الكائن البشري والطبيعة . بالمرور من مفهوم الاستغلال إلى مفهوم المعايشة .أي عكس فكرة التقدم بدون حدود وعكس فكرة الطبيعة الغير القابلة للنفاذ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى