رأي/ كرونيك

الحل الديمقراطي لمهزلة القاسم الانتخابي الأخير

الواضح أن السحر انقلب على الساحر وأن البعبع الذي أنشئ لمحاصرة اليسار قد أصبح عفريتا ماردا لم يعد يقبل دخول الزجاجة. لذا فان المشكل هنا ليس مشكل اليسار، بل مشكل من احتضن الشبيبة الإسلامية ُ وسلحها أيديولوجيا ومعنويا لمواجهة اليسار في الجامعة منذ سبعينات القرن الماضي.

ثم فيما بعد فتح لها قنوات الانتعاش داخل المجتمع وعبر تشكيلها لحزب اسلامي دائما لمواجهة المد الشعبي اليساري. ولنفس الغرض، أي مواجهة اليسار، بوأها فضاء الحقل السياسي العام مما أهلها ولوج البرلمان فسيادة الحكومة. الى حدود معينة كان الدور المنوط بالمخلوق الحزبي الإسلامي المفبرك اداريا يؤد ى دوره حسب التعليمات، الا أنه على ما يظهر استحلى السلطة ولم يعد يرض بالعقد الضمني الذي سارت علية السلطة المخزنية في تغيير الأغلبيات المتعاقبة. حيث تنفخ في الحزب أو الأحزاب التي تحتاجها لتدبير مرحلة معينة وتقلص من قضى دوره أو لا ترغب فيه.

اذا كنا نعى اللعبة المخزنية المتبعة، هل سنكون مع من يريد اقناعنا بأن الشمس تطلع من مغربها لغرض واحد لا علاقة له بالديمقراطية و انما لإزاحة ابنه العاق من كرسي السلطة التنفيذية؟ أم أن مرجعتينا هي الاحتكام للقوانين العقلية التي تثبت أن الشمس تطلع من الشرق وأن أسس الديمقراطية التمثيلية في جوهرها ثابتة فيما خص التصويت الفردي المباشر. طبعا يمكن اختيار نوع معين للاقتراع -في دورة أو دورتين، ترشيح فردي أو عبر اللوائح أو الدمج بينها…الخ -، لكن دائما في إطار احترام القاعدة الثابتة التي هي التصويت الحر الفردي المباشر. الذي يصوت ينوب عمن لا يصوت والمنتخب ينوب عن المصوتين في المؤسسة التشريعية.

حسب مفهومنا لتجاوز العملية الهشة المتبعة في ممارسة الاقتراع الانتخابي بالمغرب الذي يقر بتعدد الأحزاب، وجب اعتماد الاقتراع عبر دورتين. حيث يتاح في الدورة الأولى لكل حزب أن يزن ثقله الانتخابي والدورة الثانية تفرز الأغلبية المنبثقة عن التحالفات المنبثقة عن الدورة الأولى. هذا النمط من الاقتراع يوفر تحالفات حزبية عبر مشاريع معينة واضحة. خلافا للتحالفات الحزبية الهشة والمفتعلة من أجل قيادة الحكومة كما هو حاصل. الاقتراع الانتخابي عبر دورتين وحده يحل المشكل الانتخابي المزمن بالمغرب. علما أن اعتماد دورة واحدة يخص فقط الدول الديمقراطية التي بها قطبين أساسين مثل بريطانيا و من سار في نهجها و كذا الوليات المتحدة، لسبب ظاهر هو وجود قطبين بها و ليس أحزاب عديدة و كون الفرز الأول الذي يوازي الدورة الأولى يكون عبر انتخابات داخل كل قطب الممثل لأحدى الحزبين الأساسين مثل نجد في الوليات المتحدة، الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري. وبريطانيا حزب العمال وحزب المحافظين أما في الدول التي تتعدد فيها الأحزاب كفرنسا ومجمل الدول الأوروبية فان المسطرة الانتخابية المتبعة هي اعتماد الاقتراع السري المباشر في دورتين.

اذن ليس هناك مجال لتبرير ما لا يمكن تبريره بشأن القاسم الانتخابي الذي يعتمد المسجلين في اللوائح الانتخابية للحسم في عملية الاقتراع لأنها عملية واهية تتعارض وجوهر الديمقراطية التمثيلية اللهم إذا تم فرض التصويت المباشر على كافة المسجلين والمسجات في اللوائح الانتخابية كما هو حاصل في بعض التجارب القليلة التي بها وعي رفيع للمواطنة. الاقتراح الحالي للقاسم الانتخابي لم يقل بتعميم فرض التصويت المباشر لعامة المسجلين والمسجلات ومنه لا مصداقية له غير استعمال المسطرة الانتخابية لضرب القاعدة الثابتة للديمقراطية التمثيلية

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. فعلا فالبوادر المخزنية كانت تهدف إلى تبوء”إبنها العاق” المرتبة التي لن يدركها أي من اللاعبين الأخرين…. لكن ماحدث هو إنقلاب الطاولة على اللاعب، لنعود من جديد إلى نقطة البدايه، وهكذا دواليك….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى