التدبير المؤسساتي لجائحة كوفيد-19 من منظور الساكنة المغربية (صور)
التدبير المؤسساتي لجائحة كوفيد-19 من منظور الساكنة المغربية
د. محمد عبابو، دة. وسيلة بنكيران، د. صلاح الدين لعريني
مختبر السوسيولوجيا والسيكولوجيا
جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس
لقد أخل الفيروس التاجي سارس كوف-2 بنظام المؤسسات والروابط والمشاعر والأفكار والعلاقات في الحياة اليومية المألوفة، ولم يقتصر تأثير مفعولات الجائحة على نظام الجسد فحسب، بل تعداه ليشكل تهديدا حقيقيا على كل البنيات والتنظيمات الصحية والاقتصادية والسياسية والإعلامية والأسرية والتعليمية…إلخ، واضعا إياها أمام امتحان مواجهة وتدبير اللامتوقع الناجم عن الأزمة. مما دفع بالدولة إلى التدخل من أجل حماية وحفظ الأمن الصحي للمغاربة، وذلك عبر اعتماد العديد من الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية المتسقة والشاملة (حالة الطوارئ الصحية، الحجر الصحي، دعم بعض الفئات والقطاعات المتضررة، التلقيح…إلخ).
لفهم أشكال التدبير المؤسساتي للجائحة في المغرب، سعى فريق البحثالعلمي “الصحة والمجتمع” بمختبر السوسيولوجيا والسيكولوجيا، بقيادة مدير المختبر البروفيسور محمد عبابو، ومنسق الفريق الأستاذ الباحث صلاح الدين لعريني والأستاذة الباحثة وسيلة بنكيران، إلى المشاركة بورشة موضوعاتيةتحت عنوان: «التدبير المؤسساتي للجائحة من منظور الساكنة المغربية ومقدمي الرعاية الصحي«، في فعاليات اليوم الوطني الرابع للسوسيولوجيا المنظم بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس يومي 1 و2 أبريل 2021.
استندت الورشة إلى نتائج البحث الوطني الذي أنجزه فريق الصحة والمجتمع بمختبر السوسيولوجيا والسيكولوجيا حول: «الإدراك الاجتماعي للمخاطر المرتبطة بفيروس كورونا وتأثيرها على الوقاية لدى الساكنة المغربية”. وقد شملت عينة البحث 1750 مبحوث يتوزعون على خمس جهات من التراب المغربي، تم استجوابهم عبر تقنيتي الاستمارة (1600 فرد) والمقابلة (150 فرد) ما بين أكتوبر 2020 وفبراير 2021. تجدر الإشارة إلى أن البحث هو تمرة عمل مؤسساتي مشترك بين جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، والمركز الوطني للبحث العلمي والتقني بالرباط، وجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، وجامعة الآخوين بإفران.
رامت أعمال الورشة بلوغ الأهداف اللآتية:
• أهداف علمية: تقديم نتائج الدراسة الوطنية حول: “الإدراك الاجتماعي للمخاطر المرتبطة بفيروس كورونا وتأثيرها على الوقاية لدى الساكنة المغربية” ومناقشة أبعادها العلمية خاصة منها تلك المرتبطة بالتدبير المؤسساتي للجائحة من منظور الساكنة المغربية والعاملين في القطاع الصحي.
• أهداف تواصلية: تقديم نتائج الدراسة أمام أساتذة وخبراء وباحثين مهتتمين بموضوع الوقاية والصحة وأمام الإعلام المحلي والوطني.
• أهداف تكوينية: تشكل هذه الورشة حصيلة تجربة بحثية جماعية تروم تكوين الطلبة الباحثين بسلك الدكتوراه في المنهج السوسيولوجي (اختيار العينة، بناء تقنية البحث، تنفيذ البحث الميداني وجمع المعطيات، تحليل النتائج وتقديمها…إلخ).
شهدت الورشة مشاركة واسعة للباحثين والمهتمين، وتمحورت أعمالها حول تقديم بعض نتائج تحليل تمتلاث ومواقف وتقديرات الساكنة المغربية للكيفية التي تصدت بها بعض المؤسسات إلى واقع الأزمة الذي خلفته جائحة كورونا. ويعد هذا التحليل بمثابة تقييم اجتماعي خارجي لأداء المؤسسات العمومية استنادا إلى مؤشر الثقة في عمل هذه المؤسسات ومؤشر الرضى عما قدمته من خدمات وما اتخذته من قرارات وما أنجزته من أعمال وإجراءات تدبيرية لمواجهة تداعيات الجائحة على المجتمع والدولة معا.
توزعت أعمال الورشة إلى قسمين: انصب القسم الأول على إنجاز وتقديم خمس ملصقات علمية، تشمل موجزا عن أهم نتائج البحث معززة بتحليل سوسيولوجي، وبأهم التحديات الميدانية التي واجهها الباحثين في ميدان البحث بالجهات الخمس التي استهدفتها الدراسة (جهة فاس –مكناس، الرباط-سلا-القنيطرة، مراكش-آسفي، سوس-ماسة). بينما سلط القسم الثاني الضوء على تقديم نتائج أولية للبحث -على المستوى الوطني-تظهر أشكال التدبير المؤسساتي للجائحة وتداعياتها على المجتمع، عبر مقاربة المحاور الكبرى الآتية:
المحور الأول: تدبير الدولة المغربية لجائحة كوفيد 19 بين المقاربة الموضوعية والمقاربة الأمنية
قاربت هذا المحور الذي البروفيسور محمد عبابو الأسئلة الآتية: ما هي تمثلات الساكنة لتدخل الدولة في تدبير الجائحة؟ كيف تفاعلت الساكنة مع الإجراءات التي وضعتها الدولة؟ كيف كان مفعولها على أرض الواقع؟ هل حضور الدولة كان بمثابة صمام أمان أمام التهديد الذي تشكله الجائحة؟ هل نحن أمام رجوع الدولة/الأمة الحامية للمواطنين؟ ما هي تداعيات تدخل الدولة في المجال الصحي؟
المحور الثاني : المؤسسة الأسرية و دورها في التدابير الوقائية
سلطت الدكتورة وسيلة بنكيران في هذا المحور الضوء على وظائف أفراد الأسرة بخصوص الوقاية واحترام التدابير الصحية من خلال متغيرات: النوع الاجتماعي، وعدد أفراد الأسرة، ووسط الإقامة، والمستوى الدراسي، ومهنة معيل الأسرة…إلخ، كما أبرزت مدى تأثير الجائحة على الديناميات الأسرية من خلال مقارنة طبيعة العلاقات الأسرية قبل وبعد فترة الحجر الصحي الأول. انطلاقا من نتائج الدراسة الكمية التي شملت الساكنة المغربية، قاربت الأسئلة الآتية: من هم أفراد الأسرة الذين كانوا أكثر حرصا على التعقيم والنظافة خلال هذا الوباء؟ ومن هم أفراد الأسرة الذين أبدوا التزاما لتدابير الحجر الصحي الأول؟
المحور الثالث : التدبير الإعلامي لجائحة كوفيد-19 من منظور الساكنة المغربية
حلل الدكتور صلاح الدين لعريني في مداخلتهالتدبير الإعلامي للجائحة من منظور الساكنة المغربية؛ عبر مساءلتهلأشكال التلقي والتفاعل الاجتماعي مع الوسائط الإعلامية في زمن الجائحة، محاولة الإجابة على الأسئلة الآتية: ما مصادر المعارف المتبادلة اجتماعيا بين أفراد الساكنة المغربية -المشاركة في البحث-حول كوفيد-19؟ وهل كانت معلوماتهم بشأن الوقاية من خطر كوفيد-19 كافية؟ كيف تابعت الساكنة المغربية تغطية وسائل الإعلام لجائحة كوفيد-19؟ وما حجم هذه المتابعة؟ وأي نوع من الوسائط الإعلامية حضي بالإقبال الاجتماعي أكثر؟ ما موقف الساكنة من الكيفية التي حضر بها موضوع الجائحة في الوسائط الإعلامية، ومن الطرق التي تناولت بها هذه الوسائط مسألة الوقاية؟ هل استجابت التغطية الإعلامية للجائحة إلى انتظارات الساكنة المغربية المشاركة في البحث؟ ثم كيف تلقت هذه الساكنة المعلومات الطبية وشبه طبية المتعلقة بالواقية من خطر كوفيد-19 وما يرتبط بها من علاج ووقاية؟