رأي/ كرونيك

حمزة محفوظ يكتب: المعركة ضد السلطوية لا تموت برحيل المناضلين الكبار

هناك سردية تنتشر مضمونها أن الرجال العظماء الذين يرحلون عنا، ليس بوسعنا تعويضهم، في خلط بين الحزن من الفقد  والإحباط من الحاضر والنوسطالجيا العبيطة.

بقلم حمزة محفوظ

هذه الفكرة تفترض أنه  في زمن سابق، كان الناس شجعانا أكثر من الآن، أو أنهم كانوا أذكى من الآن، أو أنهم كانوا داخل سياق دفع أقوى مما نعيش.

هذا اللحن سُمع في وفاة مربينا الأستاذ عبد الله زعزاع، ويُسمع اليوم مع تغييب الموت لأستاذنا خالد الجامعي. وتسمعه تقريبا كلما حرمنا الموت من أحد القامات التي تعلمنا منها أو قرأنا لها.

 

حسب متابعتي للشخصين سواء في الحضور أو عن بعد يمكن أن نقول إن خالد الجامعي وعبد الله زعزاع أكثر من كانو ضد هذه الفكرة وكانا دائما شديدي التمسك بالأمل في الآن وفي الغذ بدون بكائيات على الماضي

كلاهما شارك في عشرين فبراير منصتاً ومساهما ومؤمنا بالشباب، وفي الديناميات قبل 2011 وبعده، مؤكدين أن الأمور لم ولن تحسم بالسلطوية أو الإحباط   الذي يؤبدها علينا.

لكن، ماذا بوسعنا أن نفعل اليوم لنستكمل مسيرتهم؟

أن  ندعم الأمل في الغذ بالدفاع عن حرية الفاعلين في المساهمة بدون السماح بتجبر الدولة ضدهم، لقد كان خالد مدافعا عن أنوزلا وعن المهداوي وعن هاجر وعن سليمان وعن عمر وعن الشباب وعن الجميع، ولم يقتصد جهدا إلا بدله. وكان زعزاع دينامو بنفس القدر في سياقه وفعالياته مؤمنا بحقوق أولاد الشعب ضد احتكارات أولاد  الذوات. وتموضع الرجلين بعيدا- مقاومةَ لتحالفات الريع والتي كانت تجعلهما دائما أقلية، لكن ذلك لم يثنهم عن الأمل.

رجعت منذ نزول الخبر الصاعقة بوفاة السي خالد الجامعي لأقرأ  سلسلة الحوارات التي أنجزها معه سليمان -المسجون من الدولة المغربية-. كنت أفكر في كيف أن الرجلين -السائل والمسؤول- -الفقيد والمسجون- هما امتداد لبعضهما بأشكال مختلفة، كلاهما برز كاتبا قديرا لافتتاحيات الرأي والتحليل، وكلاهما شديد التحفز للحركة في المعارك التي يحس بعدالتها،

وكلاهما بتكوين نظري قوي في التراث والسياسة، وكلاهما لم يخف من مواجهة رأس الدولة المغربية بحقيقته، وكلاهما داعم لمن حوله، وكلاهما قريب المشاعر والحب والتأثر.

دعوكم من الكلام أن برحيل الجامعي انتهت معركة ما، المعركة مستمرة مع الدولة السلطوية، التي تسجن وتنتهك امتداد الجامعي بأشكال مختلفة. إخلاصا لذكرى الراحلين، ادعموا حاملي الأمل… كفكف الدموع وكف عن خطاب البكائيات الذي يأخذ للإحباط، وافعل ما استطعت. “أنقذ حياة من استطعت لذلك سبيلا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى