رأي/ كرونيك

تأجيل الانتخابات: مطلب دستوري قبل أن يكون صحي وليس مطلب الفاشلين…

السيد ” وهبي ” … أنت مخطئ … تأجيل الانتخابات هو مطلب دستوري … لا مطلب الفاشلين …

الدستور المغربي و تأجيل الانتخابات …. هذه رؤيتي … و تذكروا … عن ما كتبته قبل إعلان حالة الطوارئ الصحية … و أثبتت الأيام صحتها …

السري
بقلم جمال العسري

صرح أحد الأمناء العامين … لإحدى الأحزاب المغربية… للقناة الأولى ” قائلا “بعض العاجزين والفاشلين وبعض الخائفين من نتائج الانتخابات هم من يرفعون شعار التأجيل حتى يؤخروا شيء ما فشلهم” …

هذه هي رؤية السيد وهبي … و لكن ما رؤية الدستور المغربي لمسألة تأجيل الانتخابات و تمديد عمر البرلمان الحالي ؟؟

بداية يمكن الإشارة أن المغرب عرف مجموعة من الحالات التي تجاوز فيها البرلمان أحكام الدستور … سواء عبر انتخابات سابقة لأوانها مثل انتخابات 2011 … أو التمديد للبرلمان كما حصل في عهد الحسن الثاني حيث مدد للبرلمان سنتين .

المغرب يعيش اليوم و منذ 20 مارس 2020 ، أي منذ حوالي السنة و النصف تحت حالة الطوارئ الصحية ، حيث اتخذت الحكومة و لازالت تتخذ مجموعة من الإحراءات التدابير لضمان تطبيق حالة الطوارئ الصحية للحد من انتشار جائحة كورونا ، و قد استند إعلان حالة الطوارئ الصحية على الفصل 59 من الدستور المغربي ، حيث تم إعلان حالة الإستثناء تحت إسم ” حالة الطوارئ الصحية ” و هي أو حالة من هذا النوع يعلن عنها المغرب .

فماذا يقول الفصل 59 ؟؟ و هل يمكن الاستناد عليه لتأجيل الانتخابات ؟؟؟ و ما هي الفصول الدستورية الأخرى التي يمكن الاستناد عليها لتأجيل الانتخابات ؟؟

يقول الفصل 59 من الدستور المغربي ” إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة ، أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية ، أمكن للملك أن يعلن حالة الاستثناء بظهير ، بعد استشارة كل من رئيس الحكومة ، و رئيس مجلس النواب ، و رئيس مجلس المستشارين ، و رئيس المحكمة الدستورية ، و توجيه خطاب للأمة . و يخول الملك بذلك صلاحية اتخاذ الإجراءات التي يفرضها الدفاع عن الوحدة الترابية ، و يقتضيها الرجوع ، في أقرب الآجال ، إلى السير العادي للمؤسسات الدستورية .

لا يحل البرلمان أثناء ممارسة السلطات الاستثنائية .

تبقى الحريات و الحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور مضمونة .

ترفع حالة الاستثناء لمجرد انتفاء الأسباب التي دعت إليها ، و باتخاذ الإجراءات الشكلية المقررة لإعلانها .”

و الآن ألم يهدد و لازال يهدد ڤيروس كورونا التراب الوطني ؟؟ ألم يسبب هذا الڤيروس في توقيف السير العادي للمؤسسات الدستورية ؟؟؟ ألم يساهم في إغلاق الحدود البرية و البحرية و الجوية ؟؟ ألم يكن سبا في الحد من الحريات أو على الأقل التقليص منها و هي المنصوص عليها دستوريا ؟؟ ألم يعمل على إلغاء التجمعات … و التقليص من ممارسة الأعمال التجارية … و الإغلاق الليلي … و منع النقل و التنقل … و الحد من حرية السفر … و إغلاق المساجد … و وقف بعض العبادات كصلوات الأعياد و صلاة التراويح … ألم يقنن حضور البرلمانيين لقبة البرلمان ؟؟؟ أ فلا تعتبر هذه الإجراءات و غيرها مسا بالمؤسسات الدستورية ؟؟ بل ألا تعتبر مسا بالدستور نفسه ؟؟

و الآن و نحن على بعد أسابيع قليلة عن موعد الانتخابات … ألا يمكن تأجيلها … تأجيلها دستوريا ، و استنادا على الدستور و فصوله ، لا على رغبات البعض ، و هذه بعض الفصول الدستورية التي تحتم على الدولة تأجيل الانتخابات :

– الفصل 20 ، و الذي يقول بالحرف ” الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان ، و يحمي القانون هذا الحق ” …أمام انتشار جائحة كورونا ، و أمام الارتفاع الهائل في عدد المصابين و الذي أصبح يتجاوز العشرة آلاف مصاب في اليوم ( البارحة تجاوز العدد اثنا عشر ألفا ) و عدد الموتى وصل السبعين ، أمام كل هذا أليست المؤسسات الدستورية ملزمة بضمان سلامة الساكنة و المواطنين جسديا أي صحيا ، أليس السماح بالانتخابات و ما يرافقها من حملات و تجمعات و إجراءات و محطات … كلها عوامل تساعد على انتشار ڤيروس كوڤيد 19 ، و بالتالي نعمل على ضرب ” الحق في الحياة ” باعتباره ” أول الحقوق لكل إنسان ” كما يقول الفصل 20 من الدستور ، ألا يمكن الاستناد على هذا الفصل و على خطورة الوضع الصحي بالوطن للإعلان عن تأجيل الانتخابات ؟؟

– الفصل 21 من الدستور المغربي يقول ” لكل فرد الحق في سلامة شخصه و أقربائه و حماية ممتلكاته ” … فكيف يمكننا حماية سلامة المواطنين و أقربائهم في عز الحملة الانتخابية ؟؟ كيف يمكن ذلك مهما كانت الاجراءات الاحترازية و التي ستكون بدورها ضربا لمجموعة من فصول الدستور المغربي ؟؟ ألا تسمو و تعلو سلامة المواطنات و المواطنين على كل القوانين و كل الأبواب و الفصول و المود ؟؟ أليس من أولى أولويات الدولة تبني أنجع و أنجح الوسائل لحماية المواطنين ؟؟؟ و اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لمواجهة الأزمات الخطيرة المهددة لسلامة المواطنين و لحقهم في الحياة ؟؟ أليس من أولى هذه الإجراءات تأجيل الانتخابات باعتبارها ستكون عاملا أساسيا لانتشار الڤيروس المميت ؟؟
– الفصل 31 من الدستور المغربي ، و يقول ” تعمل الدولة و المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية ، على تعبئة كل الوسائل المتاحة ، لتيسير أسباب استفادة المواطنات و المواطنين ، على قدم المساواة ، من الحق في :

* العلاج و العناية الصحية
* الحماية الاجتماعية و التغطية الصحية ، و التضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة ”
ألا يمكن للدولة و لمؤسساتها الدعوة إلى تأجيل الانتخابات حماية لصحة المواطنين ؟ و اعتناءا بصحتهم ؟؟

– الفصل 59 من الدستور و ينص كما أشرنا أعلاه إلى إمكانية إعلان حالة الاستثناء إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة ، أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية ، و قد أثبتنا أعلاه أن كورونا فعلا هددت و لازالت تهدد حوزة التراب الوطني ، كما أن هذه الجائحة عرفلت السير العادي للمؤسسات الدستورية و ضمنها مؤسسة البرلمان نفسه ، و استنادا على هذا الفصل ألا يمكن إقرار تأجيل الانتخابات ، و التمديد للبرلمان الحالي ، إلى أن ترفع حالة الطوارئ الصحية ؟؟
و ختاما إن مطلب تأجيل الانتخابات هو مطلب دستوري يجد دعائمه في كل من الفصل 20 و 21 و 31 و 59 ، هو مطلب دستوري ، مطلب يرمي لحماية أول مبدأ من مبادئ حقوق الإنسان ، الحق في الحياة ، و ليس مطلب الفاشلين و لا الخائفين من الانتخابات … و في الختام علينا أن لا ننسى أن خبراء الصحة يعتقدون أن السقف الأعلى للفيروس سيكون شهري ستنبر وأكتوبر… و عليه فقرار التأجيل لا ينبغي أن يحسمه السياسيون و لكن أن يحسمه المختصون في ميدان الصحة و وفق المعطيات التي توفرها اللجنة العلمية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى