الرئسيةسياسة

عصيد: الوضع بالمغرب يتميز بتراجع النقاش العمومي وتصاعد للسلطوية وازدواجية الدولة والاستخفاف بالقانون والثقل الكبير للتقليدانية في السلطة

أحمد عصيد اعتبر أنه ومع تراجع النقاش العمومي تصاعدت السلطوية والتي يشعر بها اليوم الحقوقيون من خلال سلوك السلطة والقوات العمومية في الشارع مع المتظاهرين،، ومع كل من يريد أن يعبر عن رأي معارض نشعره في سلوك السلطة تجاه الإعلامين

قال الباحث والناشط الحقوقي، أحمد عصيد، إن الوضع في المغرب يتميز بتراجع النقاش العمومي ، الذي كنا وصلناه في 2019، لأن سنتين من أزمة كورونا جعلت العديد من أوراش الحوار الوطني والنقاش العموني والتي كانت محتدمة وهامة ومفتوحة على تبادل الأراء والمواقف، وفيها أيضا تفاعلا مع البرلمان ومع الأحزاب تراجعت ووقع فيها نوع من الهمود خلال هاتين السنتين.

وأضاف أحمد عصيد خلال حلوله ضيفا على برنامج المغرب في أسبوع، في بث مباشر أمس الأحد، في برنامج “المغرب في أسبوع”، بعد أن أكد أن الواقع في المغرب لا يسر، خاصة بعد أن انضافت له تأثيرات الحرب في أوكرانيا ومعها ارتفاع الأسعار فازداد الأمر فداحة. ذلك أنه ومع أزمة كورونا، طرح احتمالين، الأول إما أن موجة هذا الوباء ستخلق تضامنا وطنيا بين المغاربة وكذلك بين المجتمع والدولة، ومن خلالها يمكن أن يتم تجاوز ذلك المطب المتمثل في التصادم بين السلطة والمجتمع والفرقاء الذين يمثلون القوى الحية للبلاد، فيما يشير، أحمد عصيد، أن الاحتمال الثاني هو أن تستغل السلطة سياق الوباء، لتعميق السلطوية في تعاملها مع المجتمع مع الحقوقيين ومع الصحافيين.

أحمد عصيد وفي مداخلته ذاتها، اعتبر أن الاحتمال الثاني هو الذي حدث، وأنه ومع تراجع النقاش العمومي، تصاعدت السلطوية والتي يشعر بها اليوم الحقوقيون، من خلال سلوك السلطة والقوات العمومية في الشارع مع المتظاهرين،، ومع كل من يريد أن يعبر عن رأي معارض، نشعره في سلوك السلطة تجاه الإعلامين، والطريقة التي أصبحت تطبخ بها الملفات للإعلاميين المعارضين سواء للسلطة أو أحيانا للنظام، من خلال طبخ ملفات أخلاقية تتعلق بالحياة الخاصة، وهو أسلوب جديد تريد منه السلطة أن تبعد من خلاله عن نفسها، أن توصف بأن لديها معتقلين سياسيين.

في السياق ذاته، سجل عصيد في معرض تشخيصه الواقع السياسي في المغرب في علاقته بالحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان، ما سماه بالضعف الكبير للأحزاب السياسية، التي كفت عن إنتاج أفكار سياسية، بمعى أننا اليوم نعيش في المغرب حياة سياسية تقنية، أو ما أسميه بالسياسة الصغرى، وليس حياة سياسية مستندة إلى مبادئ وأفكار سياسية كبرى، والتي تهيكل مشروع وطني واضح المعالم والذي نتعاون فيه جميعا للذهاب إليه،

وتابع عصيد، أننا اليوم نعيش في ظل أحزاب سياسية ضعيفة تنتظر ما يملى عليها، لدرجة أننا سرنا نعيش وجود مؤتمرات أحزاب ليست سيدة نفسها، وأن هذه الأحزاب التي جرى إضعافها بسبب معضلة أن السلطة تعتبر وجود قوة سياسية طليعية يشكل خطرا عليها، ما يعتبر مشكلا كبيرا، ذلك، أنه يضيف عصيد، بدون قوة سياسية قوية وذات مصداقية، لا يمكن أن تكون عندنا حياة سياسية فعلية مقنعة وتسترجع الثقة للمواطنين.

في المداخلة ذاتها، التي جرى بثها من خلال برنامج “المغرب في أسبوع”، أكد على ضعف المجتمع المدني، والذي جرى اضعافه خلال العشر سنوات الأخيرة من طرف الحزب الأغلبي السابق، والذي عوض أن يجري شراكة مع المجتمع المدني الموجود، خلق مجتمعه المدني من خلال آلاف الجمعيات في خمس سنوات الأولى وبدأ يتعامل معها ويجري معها التعاقدات وترك مجتمعا مدنيا كبيرا فقير، وهي مسألة سلبية جدا وأدت إل مزيد من تفقير المجتمع المدني بالإضافة للدور السلبي التي مارسته السلطة تجاهه.

في السياق ذاته، اعتبر المتحدث نفسه، أننا أصبحا أمام أحزاب سياسية و مجتمع مدني غير مؤثرين، وبالتالي يمكن القول أنه ليس لدينا قوة سياسية ولا مدنية مؤثرة، بمعنى أن تتخذ الموقف ويكون له صدى في السياسات العمومية، وفي قرارات الحكام، باستثناء حركة 20 فبراير التي عشناها في ظرف خمسة أشهر وهي مدة قليلة وأعطت ما يمكن من خلال دستور 2011، ليتم بعد ذلك العودة للسلطوية بغاية الاستيعاب récupération الوضع/

واسترسل عصيد، خلال عرضه لسمات الوضع السياسي الحالي في المغرب، بالحديث عن التحديات الإقليمية والدولية التي تواجه المغرب، ومنها التحدي الذي يواجه المغرب مع الجارين الجزائري والإسباني، والتي وقعت فيها توافقات بالنسبة لاسبانيا حسب ما يظهر من الاتفاقات الأخيرة، ولكن العلاقة مع الجزائر مازالت متوترة إن لم نقل أنها وصلت في أحد المراحل إلى مرحلة دق طبول الحرب، ما اضطر النخب المغاربية أن تتحرك وفؤاد عبدالمومني كان من الأوائل للعودة إلى العقل، وهذا التحدي يضيف عصيد، يطرح على المغرب مرة أخرى نوع من التضامن الوطني، لكن المبني على ترسيخ ديمقراطي، وليس المبني على السلطوية.

إلى ذلك أشار أحمد عصيد أن قضية الصحراء التي تهمنا جميعا مجتمعا وحكاما تقتضي إضافة للتحديات التي يواجهها المغرب، ومنها التحدي الدولي من خلال هذه الحرب الدائرة و اليوم، والتي بدون شك تؤثر على باقي دول العالم بما فيها القوى العظمى، والتي أصلا خرجت بعد عامين من كورونا منهكة، تضامنا وطنيا، مبني على اساس توجهنا نحو انتقال للديمقراطية مؤسسات وقوانين على جميع المستويات، ونظرة بجد من المغرب لمحاولة استنهاض جميع قواه الذاتية لمواجهة هذا الوضع، والذي اعتبر فيه أن أكبر مواجهة فيه هو بناء التكتل الوطني الداخلي المبني على الترسيخ الديمقراطي، وليس على هيمنة طرف واحد في الحياة السياسية.

في السياق ذاته، شدد عصيد التأكيد في مداخلته، أننا مازلنا نرث مظاهر المراحل السابقة، منها ازدواجية الدولة، بحيث لدينا لجان ومؤسسات تم خلقها بإرادة عليا ملكية بالأساس، ولدينا الحكومة، لكن العلاقة بينهما ليست علاقة تساعد على تطور بلدنا، وعلى إنجاح مشاريع التنمية، ثم يضيف عصيد، لدينا استخفاق وقفز على القانون، مازلنا في دولة التعليمات ومازلنا بعد لم نمر لدولة القانون الذي يحترم فيها من أعلى هرم في السلطة إلى أسفلها، ثم مازال عندنا أيضا قضايا تدخل في باب ربط المسؤولية بالمحاسبة وهو مبدأ دستوري والذي بقي حبرا على ورق، بل إننا اليوم نفاجأ بتصريح لوزير العدل الذي يتحدث عن تعديلات في القانون الجنائي ستمس مادة لتحجم الدور الذي تلعبه الجمعيات في رفع الشكايات ضد الفساد، وهو مسألة في غاية الخطورة، وأيضا مازلنا في ظل الثقل الكبير لتقليدانية السلطة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى