سياسة

أباطرة شركات الإنتاج التلفزيوني يسخرون من تقرير مجلس جطو

الملاحظ أن الإنتاج التلفزيوني المغربي يكرر نفسه مع كل رمضان، الشركات نفسها، الأسماء نفسها، وحتى كتاب السيناريو أنفسهم، والمخرجون، والممثلات والممثلون أنفسهم، كأن المغرب عاقر لا ينتج وأن من يظهر، ويستفيد من “بزولة” رمضان هم خيرة ما في السوق.

إن الأمر أكبر من ذلك، وأشد فظاعة، عندما تجد الجمهور والصحافة تنتقد تلك الأعمال، وبدل أن يقف المسؤولون وقفة تأمل، تجدهم يغدقون الأموال على الشركات نفسها، التي فشلت في إرضاء المشاهد المغربي، بل استهجن الأعمال التي أنتجتها، بشكل غريب وغير مفهوم.

واليوم، مع اقتراب موسم رمضان التلفزيوني، الذي يشهد سنويا أعلى نسبة للإنتاج الدرامي بالمغرب، بدأت تطفو على السطح مجموعة من الممارسات التي تثير الكثير من المداد في ما يخص هذا الإنتاج، وشركات تنفيذه، في تعاملها مع المال العام وطرق الحصول عليه.

وسوف لن نستغرب، مرة أخرى، حين نجد الشركات نفسها تحصل بل تحصد حصة الأسد من هذا الإنتاج، فيما تهمش الشركات، التي لا تتوفر على “خالتها في دار العرس” في دار البريهي.
وسنجد الشركات ذاتها، تنفذ تلك الإنتاجات بالمخرجين أنفسهم، وقد تمنح شركة لمخرج عملين واحد بالعربية والثاني بالأمازيغية، ولو كانت إنتاجات بالفرنسية والإنجليزية، لكانت كلها من نصيبه.

وسيتكرر السيناريو مادام أن التلفزة ليس لها رب يحميها، بإنتاج إنتاجات رديئة، وهزيلة، تثير الشفقة والسخرية، ما دام أن طرق اشتغال شركات الإنتاج، وتعاملها مع الفنانين والتقنيين العاملين في هذه الإنتاجات، والظروف العامة المحيطة بهذه الإنتاجات لا مهنية، ويغلب عليها طابع الربح المادي الجشع، بدل منح كل دي حق حقه، وتقديم منتوج في مستوى تطلعات الجمهور المغربي، بدل ذلك المنتوج الهزيل الذي يغرق الجمهور في مستنقع الرداءة التي تكاد تصبح قدرا محتوما على المغاربة، إلا من بعض الاستثناءات النادرة، وكما هو معلوم النادر لا حكم له.

الغريب في الأمر هو رغم الانتقادات والشكوى بل وحتى السخرية من هذه الإنتاجات التي تضج بها الصحف والمجلات المتخصصة، وحتى مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت تعبر عن المزاج العام للجمهور العادي والمتخصص. نلاحظ سنويا عودة الشركات نفسها لتقديم أعمال في الظروف نفسها و المنطق الإنتاجي نفسه! الذي أثبت منذ سنوات فشله وفشل نتائجه، بدل الانفتاح على شركات أخرى وإعطائها فرصة العمل، وفق منظور وطرق أخرى. مما أصبح يثير الكثير من الريبة والشك في نفوس المتتبعين للحقل الفني في بلدنا.

وحين استبشرنا خيرا بعد تقرير قضاة المجلس الأعلى للحسابات، الذي أماط اللثام عن صفقات تثير التساؤل في القناة الأمازيغية، وخص بالذكر وبالاسم شركتين استفادتا من أكبر رقم معاملات مع هذه القناة في فترة تمتد على أربع سنوات من 2013 إلى 2017، شركة أغلال للإنتاج، برقم معاملات يساوي ثلاثة ملايير وثلاثمئة مليون سنتيم، وشركة سبيكطوب، بما يناهز الثلاثة ملايير سنتيم! فيما العشرات من الشركات لا تحصل على شيء مما بدفعها للإفلاس وتشريد العاملين فيها.. وَمِمَّا يخلق حالة من الاحتكار تدفع هذا النوع من الشركات إلى فرض شروطها على المتعاملين معها بحكم انعدام البديل وقلة فرص الشغل… استبشرنا خيرا وانتظرنا نتائج هذا التحقيق وآثاره، “نفاجأ” أن دار لقمان بقيت على حالها، ومر التقرير في صمت مريب، كأن الأمر لا يتعلق بمال عام، ومرتبط به مصائر المئات من عائلات العاملين في هذا المجال من تقنيين وفنانين… وجدنا الشركة الأولى لم تعد تستفد فقط، من إنتاجات القناة الأمازيغية، بل أيضا، ضاعفوا استفادتها، وهذه المرة، أمازيغية والأولى، وكأنهم يقول للمجلس الأعلى للحسبات “طز في قضاتك وخلاصاتهم”، ويقولون نحن لنا من يحمينا، وهنا يبرز السؤال الكبير من يحمي هذا النوع من الشركات ومن الواقفين من ورائها وهل من يديرونها أو من باسمهم مجرد واجهة لأباطرة يستنزفون المال العام؟
سؤالنا الحقيقي الآن للسادة قضاة المجلس الأعلى للحسابات عن مصير هذا التقرير وعن الخطوات التي ستتبعه؟
إن غدا لناظره لقريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى