الرئسيةسياسة

“الجماعة بعيون الأخرين”..البوحسيني في ظل تحولات مجتمعية كبرى العدل والإحسان اختارت في قضية النساء”الانتظارية..وازدواجية القول مع الفعل”

أكدت الباحثة والفاعلة الحقوقية لطيفة البوحسيني، أنها اختارت أن تناقش في الندوة المنظمة من طرف جماعة العدل والإحسان، القضية النسائية، من خلال ملاحظتين اثنتين، الأولى، وهو ما اعتبرته تناقضا بين تصريحات الجماعة بهذا الشأن وبين الممارسة، مؤكدة، أن هذه الملاحظة تنطلق من مناسبة التدافع الذي جرى خلال مراجعة مدونة الأسرة، او ما سمي بالخطة الوطنية لإدماج المرأة، وحتى وإن كانت تصريحات أعضاء الجماعة غير منسجمة، حيث هناك من كان يدفع في اتجاه التفاعل الإيجابي مع الإصلاح ، وهناك من اعتبر من الجماعة، أنه لا ينبغي الانجرار نحو القضايا الجزئية.

وأضافت البوحسيني ضمن نفس العنوان والملاحطة خلال حلولها ضيفة على الجماعة وندوتها “الجماعة بعيون الأخرين”، أنها تتبعت تصريحات لأعضاء وعضوات وازنات أكدوا من خلالها أن نص المدونة ليس بالنص المقدس، ودافعن عن الاجتهاد، وإعمال العقل مع الحرص على التمييز بين النص الديني والترات “الفقهي الذكوري”، الذي سعى للي عنق النص الديني وتطويعه بما يخدم الدكورية، وشكل ذلك، في حينه صوتا متميزا من داخل أطروحة العائلة الإسلامية، وكان لو كتب لها الاستمرار ستحدث رجة وستميزنا نحن كبلد وكجماعة.

واستدركت البوحسيني في المداخلة ذاتها أن السلوك السياسي للجماعة ذهب في اتجاه اخر، حيث اختارت لحظة الامتحان الاصطفاف إلى جانب الاتجاه الثاني، الذي عارض وقاوم بشراسة أي إصلاح للمدونة، بمبررات لا مجال للدخول في تفاصيلها الان، وهي المبررات التي تغيرت لدى أصحابها ومنها الهيئة الوطنية لحماية الأسرة المغربية، مشيرة أنها تعرف التبريرات السياسية التي رافقت هذا الاصطفاف، وتعرف أن من كان وراء مسيرة الدارالبيضاء كانت له حساباته السياسية، غير أنه تضيف البوحسيني، لا شيء في نظرها يجيز السقوط في التبريرية، واعتبار موضوع التدافع لاقيمة له، وصياغة موقفا عمليا يضعنا أمام تناقض الفعل مع القول، ولا نقيم لذلك وزنا مادمنا نعتبر أن الاصطفاف السياسي هو الأهم ويستحق أن نضحي دونه بقضايا لا تدخل ضمن الأولويات.

إلى ذلك، اشارت البوحسيني، أنه وبعد مرور عشرين سنة على ذلك، لأيبدو لي أنه حصل تقدما، بل حصل خفوتا وتراجعا، وهو ما يسمح تضيف البوحسيني الانتقال للملاحظة الثانية المتعلقة بالانتظارية، وفيها أكدت المتحدثة ذاتها، أن مجتمعنا يعيش على إيقاعات تحولات كبرى مست مختلف جوانب الحياة، بل إنها مست كذلك سلم القيم، ومست تمثلات ومست معتقدات ثقافية واجتماعية، وهي نفسها التحولات التي مست التقسيم النمطي للأدوار بين الجنسين، وبات الطلب على الشغل والعمل الماجور يتزايد تعلق الامر بالنساء او الرجال.

في السياق نفسه، دعت البوحسيني لملاحظة الكثافة التي تميز خروج النساء في الحركات الاحتجاجية، حراك الريف، جرادة، الأطباء الأساتذة إلى غير ذلك، غير أنه ومع ازدياد كثيف لخروج النساء للعمل، لم يصاحبه سياسات و إجراءات تحد من العراقيل والتميزية التي تسمح لهن بالاندماج في سوق الشغل والحصول على العمل اللائق، والتمكين الاقتصادي كما هو متعارف عليه، وظل التمييز في هذا المجال هو القاعدة، مؤكدة أنه وفي ظل نمط راسمالية متوحشة وما يرتبط فيها عندنا من ريع وفساد وضعف الية المحاسبة، فإن اثره السلبية تمس النساء والرجال أيضا، مع أن اثرها باديا على النساء بشكل أفضع.

وأضافت البوحسيني، أن هذه التحولات المصحوبة بانتظارات كبيرة، تسائل الجميع وتسائل الدولة بشكل رئيسيـ وتسائل أيضا جماعتكم، وهي تحولات ينبغي أن نرتب عليها تصورنا للمجتمع، ونعيد النظر اخذا بعين الاعتبار الأدوار الجديدة التي باتت تلعبها النساء، وفي ارتباط به تضيف البوحسيني، طرحت العديد من القضايا على كافة المستويات، فإضافة على سبيل المثال زواج القاصرات التي بات ظاهرة مؤرقة، الأراضي السلالية وحرمان النساء من الانتفاع منها، ويتعلق الأمر بحوالي 4000 سلالة و10 ملايين من دوي الحقوق ومن المعنيين بهذا الأمر، إضافة للعنف القائم على أساس النوع، والعلاقة الرضائية بين أشخاص بالغين، ألخ.

إن كل ذلك، يعني تقول البوحسيني أننا اليوم أمام قضايا مستجدة وأننا غدا ستطرح قضايا أخرى، تفرض أن نبدع بدائل وحلول وتحتاج لتفاعل الفاعلين ومن ضمنهم جماعة العدل والإحسان، وفي مختلف هذه القضايا لا نسمع للجماعة مقترحات، لا نسمع لها رأي إذا هي إما تختار أن تصمت، أو تعتبر أن الأساسي والأولوية هي التصدي أولا للطابع النسقي السياسي وانتظار التغيير على هذا المستوى، ولتذكير هنا فإن مكونات الكتلة الديمقراطية، تضيف البوحسيني، سبق وأن اعتمدت نفس المنطق، حينا طرحت الحركة النسائية مطلب إصلاح مدونة الأحوال الشخصية، قيل لها يومها من طرف المكونيين الأساسيين حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، أن الأولوية للاصلاح الدستوري، بل قيل لهن إنكن تشوشن على الأولويات السياسية.

وقالت الباحثة والفاعلة الحقوقية لطيفة البوحسيني، إن قضية النساء وبغض النظر هل تهم النساء أم تهم الرجال، هي قضية الرؤية التي تحكم تصورنا العام لطبيعة النهضة التي نتطلع إليها، فهل هي رؤية تهم فقط طبيعة النظام السياسي، الذي نتطلع إليه، أم هي رؤية منفتحة على نوعية المجتمع الذي نحلم به.

و تسألت البوحسيني، في السياق ذاته، هل هذه الرؤية تكتفي بمسألة التراتبية التي تسم طبيعة النسق السياسي، أم هي رؤية منتبهة للتراتبية التي تطبع العلاقات في المجتمع، وفي القلب منها العلاقات بين الجنسين، بمعنى اخر، هل هي رؤية منتبهة واعية بأن المجتمعات كل المجتمعات قاطبة وبدون استثناء، قامت على أساس تراتبية بين الجنسين، تراتبية كان لها أثرها على كل المجالات، واخترقت وهيكلت مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع، بل إنها اخترقت الوعي الفردي والوعي الجمعي.

في السياق ذاته، استرسلت البوحسيني في تساؤلاتها بخصوص الرؤية التي تحكم بالنسبة لها التصور العام للنهضة التي نريد، ما إذا كان ينظر للتراتبية بين الجنسين باعتبارها معطى طبيعي لا يتغير، ومن هنا لا أهمية له، مؤكدة، أن هذا النقاش مهم ومهم جدا، هل هذه التراتبية معطى طبيعي، أم هي معطى اجتماعي وثقافي.

المتحدثة ذاتها، اعتبرت أنه حين يجري إدراك أن هذه التراتبية هي من فعل الإنسان ومن فعل المجتمع، نفهم أنه من غير المستساغ رفض التراتبية العمودية التي نفعل كل ما يلزم لتغييرها، ونعتبرها ليس قدرا منزلا، ونسعى بكل ما أوتينا لإسقاطها، ونرفض معها الاهتمام بالتراتبية الأفقية اي في العلاقات بين الجنسين، والتي تشير البوحسيني، انها لا تعتبرها كذلك قدرا منزلا.

البوحسيني، وفي معرض تفسيرها الأسباب التي جعلتها تختار هذه القضية عنوانا لمداخلتها في ندوة “جماعة العدل والإحسان بعيون الأخرين، أكدت أنه اختيار بسبب الاختلافات حولها الموجودة في المجتمع، ولأنها كذلك تضيف البوحسني، واستحضارا لمخرجات ما عشناه كشعوب في خضم الربيع العربي المجهض، أستنتج أنه مفيد وضروري للتصدي للقضايا الخلافية، والقضية النسائية تدخل ضمن هذه القضايا الخلافية، وتجنب إرجائها لما بعد، فكما أنه لا يصح إرجاء الديمقراطية حتى القضاء على العدو باختلاف العدو هنا، فإنه في نفس الان غير مستساغ إرجاء قضايا المجتمع ومن ضمنها القضية النسائية.

البوحسيني شددت التأكيد، أنها من المعارك الفعلية، تتغدى من بعضها البعض ويخترقها طموح واحد، من المفروض على الاقل نظريا ومبدئيا، ألا وهو تحقيق العدالة بمعناها الواسع وتحقيق المساواة بمعناها الشامل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى