الرئسيةمجتمع

لا يتلاءم مع وحشية وفظاعة الجريمة المرتكبة بحقها..حكم “مخفّف” في قضية اغتصاب طفلة يثير غضبا و استياء في المملكة

الحكم يعبر للأسف عن ممارسة قضائية مختلة و مناقضة لأسس الأمن القضائي و لكل المجهودات التي يبدلها المجتمع المدني و الدولة بمختلف مؤسساتها الدستورية السياسية و الحقوقية و القضائية لحماية حقوق الأطفال

إعداد وتقديم: بثينة المكودي/ أكادير

أثارت الأحكام المخففة الصادرة عن غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط والقاضية بسنتين سجنا في حق المغتصبين اغتصابا جماعيا للطفلة سهام وهي في عمر 11 سنة لتجد نفسها أما عازبة، موجة غضب بالمغرب،  اعتبرتها منظمات حقوقية نسائية أحكام جائرة وغير منصفة في حق الطفلة والمجتمع، بل  حتى  وزير العدل اعتبرها بمثابة الصعقة.

المنطمات النسائية والهيئات الحقوقية دعت للعديد من الوقفات الرمزية والاحتجاجية على إثرها ومنها الوقفة الرمزية يوم المقررة الأربعاء 5 أبريل الجاري أمام محكمة الاستئناف بالرباط ابتداء من الساعة الثانية بعد الزوال.

و في هذا الصدد صرحت لطيفة بوشوى عضوة المكتب التنفيذي للفدرالية رابطة حقوق النساء ل”دابا بريس”، أن هذه العقوبات أي عقوبات لا يتجاوز أقصاها سنتين حبسا نافذا من أجل جناية التغرير بقاصر و هتك عرضها بالعنف ،لا تتلاءم مع وحشية وفظاعة الجريمة المرتكبة في حق الطفلة، التي اغتصبت مرارا وهددت بالقتل إن هي أخبرت أسرتها بالواقعة، كما أشارت أن جمعيتها ستنوب عن الطفلة لاستئناف هذا الحكم الجائر، موضحة أن جريمة اغتصاب قاصر في القانون الجنائي المغربي الحالي تتراوح ما بين 10 و20 سنة سجنا، وفي حالة حدوث فض للبكارة كما هو شان الطفلة، تتراوح العقوبة ما بين 20 إلى 30 سنة سجنا.

وأصدرت فدرالية رابطة حقوق النساء بيانا تضامنيا  مبدئيا مع الطفلة وعائلتها تطالب من خلاله بإعادة النظر في هذا الحكم الظالم الذي يسيء لسمعة العدالة المغربية في المرحلة الاستئنافية مع تشديده في حق الجناة ما أسمتهم بالعصابة لكي يكونوا عبرة لكل من سولت له نفسه الاعتداء على حرمة جسد الآخرين طفلات كن أو نساء أو اطفالا،

وشدد  البلاغ ذاته، على  ضرورة توفير المواكبة النفسية والعلاج النفسي للطفلة الضحية التي اصبحت اما في الحادية عشر من ربيعها وجبر ضررها؛ مجددة  طلب توفير الحماية الواجبة من طرف الدولة للفتيات والنساء المعنفات والناجيات من العنف.

هذا، وفي إطار الاستنكار والصدمة لكل الغيورين و الغيورات على طفلات بلادنا وجه المكتب التنفيذي لاتحاد العمل النسائي وشبكة مراكز إنجاد، رسالة مفتوحة للرئيس المنتدب للسلطة القضائية ورئيس النيابة العامة، يثير من خلالها ملاحظات لاذعة متمثلة في كون تمتيع المتهمين باغتصاب طفلة دون سن التمييز القانوني بأقصى ظروف التخفيف، وجعل جزء من العقوبة الحبسية موقوف التنفيذ لاعتبارات مرتبطة بشخص المتهمين، وبمستوى خطورة الفعل التي هي في الأصل ظروف تشديد واضحة و ثابتة.

في السياق ذاته، اعتبرت الرسالة الحكم يعبر للأسف عن ممارسة قضائية مختلة و مناقضة لأسس الأمن القضائي و لكل المجهودات التي يبدلها المجتمع المدني و الدولة بمختلف مؤسساتها الدستورية السياسية و الحقوقية و القضائية لحماية حقوق الأطفال، وتكريس الحقوق الإنسانية للنساء من خلال الإرادة المعبر عنها في مختلف مراكز القرار والتي تروم تقوية قواعد سياسة جنائية فعالة و رادعة للقطع مع كل الممارسات و الأفعال و السلوكات المفضية الى الإفلات من العقاب ، وكذا مع نزوعات الانحياز لظروف المتهم عندما تكون الضحية في وضعية هشاشة بسبب جنسها و حداثة سنها و انتمائها الاجتماعي المثقل بالعزلة و القهر و الفقر.

اقرأ أيضا…

لم يكن عمرها يتجاوز 11 ربيعاً عند وقوع الجريمة..حكم “مخفّف” في قضية اغتصاب طفلة يثير استياء في المملكة

وأضافت الرسالة ذاتها أن التساهل البادي في حيثيات الحكم و منطوقه مع مغتصبين عبثوا بجسد طفلة باتفاق و تواطئ و تناوب بينهم، يعيد التساؤل حول مفهوم السلطة التقديرية، وحدودها و النتائج الخطيرة التي تترتب عنها عند الميل غير المبرر لانتقاء مقتضيات قانونية دون غيرها من القانون الجنائي بشكل يبرر أفعال جرمية في غاية الخطورة و البشاعة ، ويلغي الحماية الجنائية للطفلات و يستبيح أجسادهن و كرامتهن و انسانيتهن، ويستكثر عليهن انزال العقوبة الجنائية المقررة قانونا رغم ان الامر يتعلق باغتصاب بشع نتج عنه حمل وولادة.

في السياق ذاته، نبهت الرسالة إلى كون هذه الأحكام انتصارا للمغتصبين على حساب طفلة هي أولى بالحماية والاعتبار و ان تمتيع المغتصبين بظروف التخفيف اعتبارا لظروفهم الاجتماعية وتغيب تداعيات الاغتصاب على الضحية، وعدم استحضار حجم المآسي والمشاكل التي ستواجهها هي وابنها طوال حياتهما سواء على المستوى النفسي أو الجسدي أو الاجتماعي يشكل حيفا آخر ينضاف لمعاناة الضحية.

رسالة اتحاد العمل النسائي أشارت أن الأحكام التي تساهم في إفلات المغتصبين من العقاب قد تؤدي الى التطبيع مع جريمة الاغتصاب والتشجيع على الاعتداءات الجنسية بمختلف أنواعها ضد النساء والفتيات، مما سيؤدي الى استفحال الظاهرة وتقويض كل الجهود المبذولة في هذا المجال، منبهة  ان الحكم الصادر ضد المغتصبين يشكل اجتهادا خارج سياق مغرب اليوم، و بعيدا عن مكتسبات النص الدستوري في باب الحماية الجسدية والنفسية للطفلات، وغير آبه بالاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ولا علاقة له بقواعد العدل والانصاف التي هي أساس العدالة الجنائية وقوامها.

وتبعا لذلك تعبر الرسالة عن استياء اتحاد العمل النسائي الشديد لما تمثله هذه الأحكام من ظلم وانتهاك لحقوق الطفلة الضحية وتطالب بإعمال السلطة التي يخولها للمعنين بالرسالة الدستور والقانون وفق ما يوطد الثقة في القضاء ويسمو بمعنى الامن القضائي ويحمي الحقوق والحريات.

جدير بالذكر أنه جاء في الفصل 486 من مجموعة القانون الجنائي، أن الاغتصاب هو مواقعة رجل للمرأة بدون رضاها، ويعاقب عليه بالسجن من خمس إلى عشر سنوات. غير أنه إذا كانت سن المجني عليها تقل عن ثمان عشرة سنة أو كانت عاجزة أو معاقة أو معروفة بضعف قواها العقلية أو حاملا، فإن الجاني يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة.

اقرأ أيضا…

لامناص من تغيير جذري للقانون الجنائي..فوزية ياسين: الحكم الصادر بحق مرتكبي جريمة الاغتصاب الجماعي نوعا من الإفلات من العقاب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى