الرئسيةسياسةمغاربية

أعاد قرار إسرائيل الأخير ترتيب الأوراق..أوريد: السياق الدولي والإقليمي تغير وعلى مقاربة فرنسا تجاه المغرب أخد ذلك بعين الاعتبار

يتزايد سعي ومحاولات المغرب لدفع فرنسا، لكي تحذو حذو إسرائيل، التي اعترفت مؤخرا بسيادة المملكة على الصحراء  المتنازع عليها، في ظل أزمة مستمرة بين الرباط وباريس.

وتشهد علاقات الحليفين التاريخين منذ عدة أشهر جفاء يكرسه فراغ منصب سفير المغرب في باريس، رغم نفي مسؤولين فرنسيين وجود أزمة مع الرباط. ولا تقدم الأخيرة أي تفسيرات رسمية بشأن الأزمة.

ويعود أصل التوتر الحاد، حسب وكالة فرنس بريس، إلى قرار السلطات الفرنسية عام 2021 خفض عدد تأشيرات الدخول للمغاربة على خلفية رفض المملكة إعادة مهاجرين غير مرغوب فيهم، وقد تراجعت باريس عن قرارها في ديسمبر الماضي.

ووفق المصدر ذاته، سرعان ما تعمق الجفاء في يناير عندما تبنى النواب الأوروبيون قرارا ينتقد تدهور حرية الصحافة في المغرب، اعتبرته الرباط مؤامرة “دبرها” نواب حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في البرلمان الأوروبي.

وقبل ذلك، اتُهم المغرب في تحقيق نشرته وسائل إعلام دولية صيف 2021 باستعمال برمجية “بيغاسوس” الإسرائيلية للتجسس على هواتف سياسيين فرنسيين بينهم الرئيس ماكرون، وهو اتهام نفته الرباط.

كما أن من أسباب التوتر محاولات باريس، غير المجدية حتى الآن، للمصالحة مع الجزائر، التي تجمعها علاقات متوترة بالمغرب.

وأضافت “أ ف ب”، لكن الرباط تلوم فرنسا خصوصا على عدم حذوها حذو كل من الولايات المتحدة وإسرائيل اللتين اعترفتا “بمغربية” الصحراء المغربية، التي تعد “قضية وطنية” في المملكة.

وفي هذا الصدد، يرى أستاذ العلوم السياسية عبد المغيث بنمسعود تريدانو أن “العلاقات مع القوى الدولية ينظر إليها في المغرب من زاوية الموقف من الصحراء”.

والصحراء المغربية مستعمرة إسبانية سابقة غنية بالفوسفات والموارد السمكية.

ويسيطر المغرب على 80% من الإقليم الصحراوي ويقترح منحه حكماً ذاتياً تحت سيادته، فيما تدعو الجبهة الانفصالية، المدعومة من الجزائر، إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير نصّ عليه اتفاق وقف إطلاق النار المبرم عام 1991.

وقد أعاد قرار إسرائيل مؤخرا الاعتراف بسيادة المغرب على الإقليم ترتيب الأوراق في المنطقة.

وجاء الاعتراف الإسرائيلي في إطار اتفاق ثلاثي رعته الولايات المتحدة أواخر العام 2020 تضمن تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والدولة العبرية.

وكتب محرر موقع “بانورابوست” المغربي عزيز بوستة مقالا تساءل فيه “على من الدور الآن؟” للاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء المغربية.

وأضاف “موقف فرنسا مهم لأن الموقف الأوروبي يرتهن به.. يمكن إذن أن نتوقع ضغطا أشد من طرف الرباط على باريس”.

بيد أن باريس تعتبر أن موقفها من هذا النزاع “واضح وثابت” ويقوم على إيجاد “حل سياسي عادل ودائم ويحظى بقبول متبادل، تماشيا مع قرارات مجلس الأمن الدولي”.

وفي الوقت نفسه، تعتبر باريس مقترح الحكم الذاتي المغربي “جادا وذا مصداقية”، منذ إعلانه عام 2007.

وقد أكد السفير الفرنسي في المغرب، كريستوف لوكوتوريين في حوار أجراه مؤخرا مع صحيفة “ليكونوميست” المحلية، أنه “منذ البداية كان موقفنا مؤيدا بوضوح للمغرب”.

لكن المملكة تنتظر تأييدا أكثر وضوحا.

“مقاومة الضغوط”؟

وتساءلت مجلة “فينانس نيوز إيبدو” المحلية “هل ستستمر فرنسا في دفن رأسها في الرمال؟”، معتبرة أنها “في نوع من الازدواجية تستعمل ملف الصحراء للحفاظ على مصالحها الاقتصادية في الجزائر”.

بينما تدين وسائل إعلام مغربية أخرى “ميولا جزائرية” لدى ماكرون، في خضم الأزمة بين الجزائر والرباط، وفي ظل حملات إعلامية شبه دائمة مناهضة لفرنسا.

ويوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس بالرباط، حسن أوريد، أن “بعض الصحف في المغرب تنتقد برودة الموقف الفرنسي من قضية الصحراء، الذي تعتبر الرباط أنه بات متجاوزا”.

والعام الماضي، أعلنت إسبانيا القوة المستعمرة سابقا للإقليم، تغيرا في موقفها من النزاع معتبرة المقترح المغربي للحكم الذاتي “القاعدة الأكثر جدية، واقعية ومصداقية لحل هذا النزاع”.

وأضاف أوريد، الذي سبق له تولي منصب ناطق باسم القصر الملكي، “السياق الدولي والإقليمي تغير، ويفترض أن تأخذ المقاربة الفرنسية هذه التغيرات بعين الاعتبار”.

وفي فرنسا نفسها، تطالب المعارضة اليمينية بالاعتراف “بمغربية” الصحراء المغربية.

وفي هذا السياق، تساءل الدبلوماسي الفرنسي السابق جيرار أرو على تويتر “فرنسا التي كانت دائما الداعم الأكثر ثباتا للمغرب بخصوص هذه المسألة تجد نفسها اليوم متجاوزة من على يمينها بسلسلة من الاعترافات بمغربية الصحراء . فما العمل؟ هل نتبع ونخرق قرارات مجلس الأمن؟ أم نقاوم الضغوط؟”.

ورغم الجدل، تبقى فرنسا شريكا لا محيد عنه للمغرب. وقد كانت العام الماضي أول مستثمر أجنبي فيه، كما قدم منها حوالى مليون سائح إلى المملكة خلال الفصل الأول من هذا العام، فيما يمثل الطلبة المغاربة، وعددهم نحو 45 ألفا، أكبر جالية طلابية في فرنسا.

ويشدد تريدانو على أن “القضايا الدبلوماسية يجب أن تحل بلطف، وبدل الاندفاع والأنانيات يجب أن تتخذ مصالح البلدين بعين الاعتبار”.

ومن جهته، يدعو أوريد “إلى ترك المسألة للوقت… أحيانا يكون عدم التحرك أو عدم رد الفعل، فعلا في حد ذاته”، معربا عن أمله في “العودة إلى وضع طبيعي”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى