الرئسيةثقافة وفنوندابا tvشواهد على التاريخ

على أي شيء تفاوضني الان في هذا القبر..8 غشت محمود درويش أيها الغالي، كم رخُصت الأشياء بعدك لو تدري +صور وفيديوهات

جاءت الوفاة غير المتوقعة للشاعر الفلسطيني محمود درويش مفاجأة غير سارة على عكس مفاجآته السابقة كلما تجاوز أزمة صحية أو أصدر ديوانا جديدا كان النقاد والقراء يعتبرونه حدثا ثقافيا.

محمود درويش

ترك محمود درويش، الذي تحل اليوم الذكرى 15 على رحيله، آثاراً أدبية عديدة، ما زالت دور النشر تتسابق على طباعتها في مجموعات كاملة أو منفردة، وترجمت أعماله إلى 39 لغة حية، وما زالت تترجم إلى عدد من اللغات الأخرى، ومن الأعمال التي تركها دوريش: ذاكرة للنسيان، وهو نص طويل عن حصار بيروت، عابرون في كلام عابر، شعر، ورد أقل، شعر، أحد عشر كوكباً، شعر، هي أغنية، شعر، أرى ما أريد، شعر، أعراس، شعر، حصار لمدائح البحر، شعر، تلك صورتها وهذا انتحار العاشق، شعر، محاولة رقم 7، شعر، العصافير تموت في الجليل، شعر، أوراق الزيتون، شعر، حبيبتي تنهض من نومها، شعر، رسائل محمود درويش وسميح القاسم، أنا الموقع أدناه، حوار طويل مع إيفانا مارشليان، خطب الدكتاتور الموزونة، لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي، شعر، وهي آخر إصداراته، أقول لكم، آن لي أن أعود، أثر الفراشة، حيرة العائد، مقالات، يوميات الحزن العادي، نثر، في حضر الغياب، نثر، كزهر اللوز أو أبعد، شعر، لا تعتذر عما فعلت، شعر، حالة حصار، شعر، الجدارية، شعر، سرير الغريبة، شعر، لماذا تركت الحصان وحيداً، شعر.

يمثل درويش ظاهرة شعرية لم تتكرر كثيرا إذ جمع بين النجومية على المستوى الجماهيري والعمق الفني الذي يبهر النقاد لانه هضم التاريخ والفلسفات والاديان والاساطير ليصنع منه سبيكة ينتصر فيها لفن الشعر حتى انه استطاع تحرير الشعر الفلسطيني من وطأة الايديولوجيا.

وكان درويش الذي أجريت له عمليتا قلب مفتوح عامي 1984 و1998 قد خضع لعملية قلب مفتوح بمستشفى ميموريال هيرمان بولاية تكساس الامريكية لكن مضاعفات العملية أدت الى جلطة دماغية خفيفة وخضع للتنفس الصناعي وتدهورت حالته الصحية، ووافته المنية يوم 8 غشت 2008.

العملية الجراحية، لن تمنح درويش أن يكتب عنها كما كتب عام 1988 عن عملية مشابهة قصيدته-ديوانه (جدارية) وفي بعض سطورها قال..

“هذا هو اسمك/ قالت امرأة وغابت في الممر اللولبي/ أرى السماء هناك في متناولِ الايدي/ ويحملني جناح حمامة بيضاء صوب طفولة أخرى/ ولم أحلم بأني كنت أحلم/ كل شيء واقعي/ كنت أعلم أنني ألقي بنفسي جانبا وأطير/ سوف أكون ما سأصير في الفلك الاخيرِ/ وكل شيء أبيض.. البحر المعلق فوق سقف غمامة بيضاء/ واللا شيء أبيض في سماء المطلق البيضاء/ كنت ولم أكن/ فأنا وحيد في نواحي هذه الابدية البيضاء/ جئت قبيل ميعادي فلم يظهر ملاك واحد ليقول لي.. “ماذا فعلت هناك في الدنيا..

“ولم أسمع هتاف الطيبين ولا أنين الخاطئين/ أنا وحيد في البياض أنا وحيد/ لا شيء يوجعني على باب القيامة/ لا الزمان ولا العواطف/ لا أحس بخفة الاشياء أو ثقل الهواجس/ لم أجد أحدا لاسأل.. أين “أيني” الان../ أين مدينة الموتى وأين أنا../ فلا عدم هنا في اللا هنا.”

كان درويش قد منح اخر قصائده عنوان (سيناريو جاهز) وهي دراما بين شخصين يقول فيها “لنفترضِ الان أَنا سقطنا/ أنا والعدو ( سقطنا من الجو في حفرة.. فماذا سيحدث..”

وللخروج من هذه المحنة يضع عدة محاولات للخروج “في البداية ننتظر الحظ) قد يعثر المنقذون علينا هنا/ ويمدون حبل النجاة لنا/ فيقول.. أَنا أولا/ وأَقول.. أَنا أولا/ ويشتمني ثم اشتمه/ دون جدوى/ فلم يصل الحبل بعد… أَنا وهو خائفان معا/ ولا نتبادل أي حديث عن الخوف أَو غيرِه/ فنحن عدوان. ماذا سيحدث لو أن أفعى أطلت علينا هنا من مشاهد هذا السيناريو/ وفحت لتبتلع الخائفين معا/ أَنا وهو… يقول السيناريو.. أنا وهو سنكون شريكين في قتل أفعى/ لننجو معا/ أو على حدة/ ولكننا لن نقول عبارة شكر وتهنئة على ما فعلنا معا/ لان الغريزة -لا نحن- كانت تدافع عن نفسها وحدها/والغريزة ليست لها أيديولوجيا…

“ومع الوقت والوقت رمل ورغوة صابونة/ كسر الصمت ما بيننا والملل. قال لي.. ما العمل.. قلت.. لا شيء/ نستنزف الاحتمالات. قال.. من أين يأتي الامل.. قلت.. يأتي من الجو. قال.. ألام تنس أني دفنتك في حفرة مثل هذى.. فقلت له.. كدت أنسى… شدني من يدي/ ومضى متعبا. قال لي.. هل تفاوض الان.. قلت.. على أي شيء تفاوضني الان في هذه الحفرة القبر.. قال.. على حصتي وعلى حصتك/ من سدانا ومن قبرنا المشترك. قلت.. ما الفائدة. هرب الوقت منا/ وشذ المصير عن القاعدة/ ههنا قاتل وقتيل ينامان في حفرة واحدة/ وعلي شاعر اخر أن يتابع هذا السيناريو/ الى اخره.”.

ولد درويش فى 13 مارس من عام 1941 فى قرية البروة، وهى قرية فلسطينية تقع فى الجليل قرب ساحل عكا، خرجت الأسرة برفقة اللاجئين الفلسطينيين فى العام 1948 إلى لبنان، ثم عادت عام 1949 بعد توقيع اتفاقيات الهدنة.

فى الفترة الممتدة من سنة 1973 إلى سنة 1982 عاش فى بيروت وعمل رئيسًا لتحرير مجلة شئون فلسطينية، وأصبح مديرًا لمركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية، قبل أن يؤسس مجلة الكرمل سنة 1981 بحلول سنة 1977 بيع من دواوينه العربية أكثر من مليون نسخة، لكن الحرب الأهلية اللبنانية كانت مندلعة بين سنة 1975 وسنة 1991.

رحل عن عالمنا وهو فى الولايات المتحدة الأمريكية بعد إجرائه لعملية القلب المفتوح فى مركز تكساس الطبى فى هيوستن، تكساس، التى دخل بعدها فى غيبوبة أدت إلى وفاته بعد أن قرر الأطباء فى مستشفى “ميموريال هيرمان”، وتم نزع أجهزة الإنعاش بناءً على توصيته.

قالت عنه أحلام مستغانمي، موت محمود درويش ترك تلك القضية المقدّسة عارية، سوى من حناجر وخناجر أبنائها.

وأضافت في تدوينة لها في وقت سابق، رَحل درويشهم وبقي محمودنا: “ميم المغامر والمُعدّ المستعدُ لموته / الموعودُ منفياً مريض المُشتهى”.

وتابعت، إنه الشاعر الأبهى مضى فتىً كما جاءنا. لم يشِخ. ظلَّ يحمي صورة الشاعر في وسامته الأبدية، وعنفوانه الأزلي.

قالت أيضا في تدوينة عممتها في 9 غشت 2017، كلّما نجا محمود درويش من “سرير الغريبة” وبُعث حياً، ازدهر الشعر بعودته, وازداد منسوب الجمال في العالم.

كم من مرة وُلد هذا الشاعر, مقابل موتٍ واحد؟

موتا ً واحداً.. لا.. لقد مات عنَّا جميعاً.. بعدد محبّيه .

هو القائل: “لا تعتذر عما فعلت” عليه الآن أن يعتذر لنا واحداً واحداً عن يُتمنا بعده.

محمود..” لماذا تركت الحصان وحيداً؟” ألم تعثر له عن فارس ؟

محمود.. أيها الغالي، كم رخُصت الأشياء بعدك لو تدري ، وكم تواضعت أحلامنا!

الكاتب الإسبانى خوان غويتيسلولو

قال عنه، الكاتب الإسبانى خوان غويتيسلولو: “محمود درويش أحد أفضل الشعراء العرب فى القرن الحالى ويرمز تاريخه الشخصى إلى تاريخ قومه استطاع تطوير هموم شعرية جميلة مؤثرة احتلت فيها فلسطين موقعاً مركزياً، فكان شعره التزاماً بالكلمة الجوهرية الدقيقة، وليس شعراً نضالياً أو دعوياً، هكذا تمكن درويش شأنه فى ذلك شأن الشعراء الحقيقيين من ابتكار واقع لفظى يرسخ فى ذهن القارئ باستقلال تام عن الموضوع أو الباعث الذى أحدثه”.

قال عنه الشاعر أدونيس،”بين ضوء الكلام، وظُلمة الزمن، عاش محمود درويش، الأول أسنده إليه الفلسطينيون والعرب لكى يُطفئ الجحيم بماء الفراديس. جعلوا منه مَطْهَراً يتجاوزون به خيبة العدل والسياسة، ورمزاً يلجأون إليه لكى يحنّوا ويتذكروا حيناً، ولكى يستشرفوا ويأملوا، حيناً آخر.

وأضاف، وهو عبء احتضنه، وإن كان طاغياً عليه، وهذّبه وارتقى به، وقرَنَ فيه بين الألم المرير والمتعة العالية، وبين الفجيعة والجمال. وفى ذلك صارع العبءَ الآخرَ، عبء الزمن، وآخاه واحتضنه كذلك.

وتابع أدونيش، كتب شعره كمثل كيمياء تحوّل الموت الى حركة حية، وتخترع الشطآن حتى للقوارب المحطّمة، وحيثما اغتربَ، أقام عاصمة للأمل، جاعلاً من الشعر أرضاً أخرى، وسماء أخرى”.

قال عنه، مارسيل اخليفة، “لسنين طويلة ارتبطت موسيقاى بشعر محمود درويش فتآلفت أعمالنا فى ذاكرة الناس حتى صار اسم أحدنا يستذكر آلياً اسم الآخر. ولا عجب فى ذلك، فكل محطات مسارى الموسيقى ولثلاثين عاماً، مملوءة بالإشارات الى أعمال درويش، بدءاً بـ “وعود من العاصفة” ووصولاً الى “يطير الحمام” التى لم تسجل حتى الآن، فمنذ أولى محاولاتى وقبل ان يتعرف واحدنا الى الآخر، كنت أحس ان شعر محمود قد أنزل عليّ ولي، فطعم “خبز” امه كطعم خبز امي، كذلك عينا “ريتاه” ووجع “يوسفه” من طعنة أخوته و “جواز سفره” الذى يحمل صورتى أنا، وزيتون “كرمله”، رمله وعصافيره وسلاسله وجلاديه، محطاته وقطاراته، رعاة بقره وهنوده… كلها كلها سكناها فى أعماقي”.

 

قال عنه، الراحل أحمد فؤاد نجم، “على كل من يريد أن يتعرف جيدا على الشاعر الكبير محمود درويش الذى خدم قضية بلاده أكثر من زعمائها أن يقرأ أشعاره، عند ذلك فقط سيعرف من هو محمود درويش الذى لا تكفى الكلمات مهما كانت كثيرة وكبيرة لاعطائه حقه كشاعر كبير، فقدنا رمزا من رموز الشعر العربى الحر، واحد المناضلين ضد الاحتلال، فقد كان صوتا للكفاح الفلسطينى ومعبرا عن المجاهدين فى فلسطين، كلماته أمضى من السيف وأقوى من جنود الاحتلال وبرحيله أصبحنا من دون صوت الوطن”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى