مجتمع

تقرير: الصحة بالمغرب .. بين معاناة المريض ومطالب الطبيب 2/1

دلال المخنطار

 صدرت في ال25 من الشهر المنصرم، دجنبر، معطيات رسمية، مغربية، تؤكد جليا، “احتضار” المنظومة الصحية، بالمغرب، من خلال تردي بنيتها التحتية، من جهة، وتفاقم عدد من الأمراض، لدى المغاربة، من جهة أخرى.

 فقد أوردت هذه المعطيات، معاناة 40% ممن يفوق سنهم 15 عاما، من أمراض نفسية وعقلية، بسبب أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية المزرية، أي أن، وبصيغة أدق،  9.6 ملايين مغربي من أصل 24 مليونًا يعانون من المرض النفسي، وما يزيد من معاناتهم، نقص عدد الأطباء النفسيين، بالمغرب، خاصة في القطاع العام. فقد أظهر المصدر، نفسه، وجود 290 طبيبًا نفسيًا، فقط، يعملون في القطاعين العام والخاص؛ أي  0.85 طبيبا لكل 100 ألف نسمة، بل يصل عدد الأطباء   النفسيين المختصين في الأطفال لخمسة، فقط. إضافة لكل هذا،نجد  تأثير تدهور البنية التحتية على حياة المرضى، فالمغرب لا يتوفر إلا  2238 سريرًا مخصصا للمرضى النفسيين، أي ما يمثل 0.67 سرير لكل 10 آلاف نسمة، حسب ذات المعطيات.

وفي سياق آخر، لا تتوفر عدد من المستشفيات العمومية، على التدفئة، ويشهد المرضى المرتادون عليها، على عطل كثير من أجهزتها، واقتصارها على مصالح دون أخرى،  مع النقص الكبير في الأدوية ومادة الأوكسيجين، والحاضنات الزجاجية، التي يحتاج لها المواليد الجدد الخدج،  فور ولادتهم لإنقاذ حياتهم؛ ما يزيد من المشاكل الصحية،  وخطر الإصابة بعدد من الأمراض، خاصة لدى  المسنين، والأطفال الرضع،  والمرضى المصابون بأمراض مزمنة، خاصة في الجو البارد، الذي يرفع، هو الآخر، من عدد الوفيات، لتصل إلى ما بين 30 و 40  في المائة، حسب المناطق والجهات؛ أخذا بما جاء في دراسة للشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، توصلنا بنسخة منها.

 

وتزامنا مع الحراك المستمر للجسم الطبي، المغربي، منذ سنة، تقريبا، والذي أسفر عن  استقالات جماعية للأطباء، وإضرابات منظمة، واحتجاجات ما كان لها إلا أن تؤثر، سلبا، على المنظومة الصحية، بالمغرب، بل وتفاقم من مشاكلها، في ذات الوقت، الذي تشهد فيه، نفسها، ترديا لبنيتها التحتية، من جهة، وتدهور أوضاع العاملين بها، من جهة أخرى؛ فالأرقام السابقة، ما هي إلا نتاج، عن الوضع الذي يمر به قطاع الصحة في المغرب، والذي دفع بأكثر من 450 طبيبا لتقديم استقالتهم، خلال السنتين الأخيرتين، حسب تقرير قامت به الصحفية، ميرفت عوف، ل”ساسة بوست”.

 

هذا، واستعانة  بالمزيد من الإحصاءات الرسمية يتضح أن نسبة الكثافة الطبية وشبه الطبية متدنية في المغرب، فنسبة الأطباء  لكل مواطن هي ستة أطباء لكل 10 آلاف نسمة، أضف إلى ذلك، أن غالبية الأطباء لا يفضلون العمل في المناطق النائية، ويتركزون في العاصمة، بنسبة أكثر من 45%؛ في حين  أن 24%، فقط، يعملون في الوسط القروي، ما يؤدي، لا محالة، لانتكاسات عدة، على صعيد أوضاع المرضى، تصل إلى الموت.

 

وأبدا، لا تقف الأمور عند هذا الحد، بل تتعداه إلى تأجيل المواعيد، في المستشفيات العمومية، إلى آجال بعيدة، حسب ما يعلنه المرضى. وعن هذه النقطة، صدر تقرير حديث للمجلس الأعلى للحسابات، جاء فيه، أن “المواعيد التي تعطى للمرضى في المستشفيات الحكومية، بخصوص الفحوص والعمليات الجراحية تتسم بكثير من التأخير، الذي يصل شهورًا مديدة. فالمواعيد الطبية لمرضى الأنف والحنجرة تصل إلى 10 أشهر، ومرضى القلب الذين يعانون من مشاكل الأعصاب تصل أحيانًا إلى سبعة أشهر، ومرضى الغدد تصل الآجال الممنوحة من طرف المشافي الحكومية إلى ستة أشهر، وأما مرضى المفاصل فتصل إلى خمسة أشهر، بينما مواعيد جراحة الأطفال والرضع فتصل أحيانًا إلى شهرين”.

 

كما يؤكد التقرير على أن السبب في التأخير يعود إلى: “ضعف تجهيز عدد من المستشفيات حتى في المدن الكبرى، وخاصة بشأن تخصصات جراحية دقيقة مثل جراحة المخ والأعصاب وغيرهما؛ إذ أن افتقار هذه المراكز للمعدات اللازمة يدفع إلى إرجاء المواعيد الطبية مددًا زمنية طويلة“.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى