الرئسيةثقافة وفنوندابا tv

السينما و فيلم أعجبني…مسلسل “قصص الأجيال مع البابا فرانسيس” تصوير ذكي وتقاسم ذاكرة ثرية+ فيديو وصور

هذه المادة يتم إنجازها بشكل مشترك بين ّدابا بريس” ومجموعة عشاق الفن السابع التي يديرها الكاتب عبد العزيز كوكاس.

حلقة اليوم:”قصص الأجيال مع البابا فرانسيس”

 

“قصص الأجيال مع البابا فرانسيس” مسلسل وثائقي فاتن يضم أربع حلقات، مستوحاة من كتاب “تقاسم حكمة الزمان” Sharing the Wisdom of Time، الحائز على عدة جوائز، وهو من تأليف البابا فرانسيس وتحرير أنطونيو سبادارو، أخرج هذه السلسلة الوثائقية سيمونا إركولاني بالتعاون مع المستشار التحريري أنطونيو سبادارو، عرضتها منصة نيتفليكس في دجنبر 2022.

بقلم الكاتب والإعلامي عبدالعزيز كوكاس

عبر أربع حلقات ساحرة يتناوب رجال ونساء كبار السن تتجاوز أعمارهم 70 عاماً من مختلف أنحاء العالم، على رواية قصصهم المذهلة أمام كاميرات صانعي الأفلام الشباب الموهوبين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً عبر القارات الخمس على مدار عام واحد.. جيل الحكمة والتجربة كمرسل وجيل الشباب المتقد حماسا واندفاعا والأكثر ابتكارا في مجال التكنولوجيا في وضعية المتلقي في مواضيع إنسانية مؤرقة: الحب، العمل، الكفاح والحلم…

أصوات مختلفة بين أجيال مغايرة تتقاسم حكمة الزمان مع الغير، من خلال مقابلة غير عادية بين أنطونيو سبادارو والبابا فرانسيس الذي يتقاسم تجربة حياته من خلال توزيع الحكايات والقصص الباذخة والذكريات الشخصية من جميع أنحاء العالم، والتي تعكس عمقا فلسفيا حول الحياة، الحب والحلم والعمل والكفاح من أجد غد أفضل للإنسانية.

تبدو سلسلة “قصص الأجيال مع البابا فرانسيس”، كتأريخ لتجربة ذاتية في تواصلها مع العالم والآخرين في أمكنة متعددة وفي قضايا تعتبر الجوهر الإنساني المشترك، لا وصايا هنا، لا سلطة فوقية، تصبح الحكايات كنزا حيا يجب إعادة اكتشافه، حيث تتناول كل حلقة من الحلقات الأربع من هذه السلسلة الوثائقية واحدة من الموضوعات الهامة التي تجمع البشر معاً: عبر الحب، الحلم، الكفاح والعمل، وذلك من خلال تجارب أجيال من مختلف الخلفيات الفكرية والطبقات الاجتماعية والثقافات والأديان..

مسلسل “حكايات الأجيال مع البابا فرانسيس” ليس فيلما مصممًا لإبهار المتلقي ولا حتى إمتاعه لافتقاده النواة الأساسية للحكاية كما يقول أحد النقاد الأمريكيين المتخصصين، لكن قصصه ملهمة وسيناريوه محكم والتصوير السينمائي مذهل، حيث تسمح لنا اللحظات المقتنصة بعناية لكي نلج عوالم إنسانية البابا أكثر من كافية لإحداث المتعة والفائدة معا.

تتكون سلسلة Stories of a Generation with Pope من أربع حلقات، كل حلقة مخصصة لثيمة حيوية يتقاسمها الجيلان المسن والفتي وتشترك فيها كل الأجناس البشرية، في موضوع الحب يفكر مارتن سكورسيزي وآخرون في قوة الحب والروابط العميقة التي شكلت رحلاتهم، يحكي المخرج السينمائي سكورسيزي قصته في الحياة، تلك العلاقة التي جمعته بزوجته في زيارة لحديقة ماجوريل بمراكش، وحين ولد طفلته التي هي محاورته وكيف تكفل بزوجته التي أصيبت بمرض نادر.. ومن خلالها يعبر البابا عن رؤية فلسفية غير متوقعة للحب الذي يشبه الهواء الضروري الذي لا يُرى لكنه يمنح الحياة طاقة الاستمرارية: “إنه الحرية، إذ لا حب بدون حرية”.

الحب أيضا بالنسبة لبائع المثلجات يعطي الحياة لمن ننقذهم، رجل ينفصل عن زوجته ويفتقد أولاده وينجح يوما في إنقاذ 47 حراكا في أسوأ كارثة لغرق مهاجرين سريين، حيث تبناهم وعوضوه الحب الذي افتقده بفقد أسرته. الحب هو تقاسم الاهتمامات وحرية اللعب، طبيب عيون ذي 84 سنة، زوجته تحب على كبر أن تتعلم الرقص، يشاركها زوجها العجوز حلمها، ويتقاسمان محبة جديدة، تختم هذه الحلقة بحديث عميق للباب العاشق لرقصة التانغو، عن معنى الأمل في الحب، خارج البعد البيولوجي، فالحب كما يقول هو أن تنقل روحك إلى الآخر كان زوجة أو أبناء أو العالم.

في الحلقة الثانية حول ثيمة الحلم نجد امرأة تعود بنا إلى ماضي أسلافها؛ قافز مظلي في الثمانين من العمر ورائد في علوم المناخ يتبادلون وجهات نظرهم. تبرز الشخوص “ضرورة أن نحلم إراديا أو لا إراديا لنستمر في الحياة، لأن الشخص الذي يفتقد الحلم يفتقد الشعر وإلى الابتسام في حياته، ولمعة الشغف في عينيه، وحين يكون المسنون حالمين، يمكن أن نحملهم إلى آفاق لم نتخيلها قط” يقول البابا، مثل المرأة السوداء التي عادت إلى أصول عائلتها التي كانت مستبعدة وكانت أحد اللواتي رفعن الميز العنصري من فرجينيا، ونتعرف على الكيفية التي كان يحلم بها البابا فرانسيس ذات مرة بأن يكون شاعرًا كما أنه كان متأثرا بشدة بالملحن سيرجي سيرجيفيتش بروكوف. طوال الحلقة، نلتقي بشخصيات مختلفة تتماشى أحلامها مع صوت الجيل الحالي والأشخاص الذين يمكنهم تجاوز سنهم لتحقيق أحلامهم.

أما الحلقة الثالثة المخصصة لموضوعة الكفاح نجد أن المثابرة تساعد مصورًا من جنوب إفريقيا ورائدة في ركوب الأمواج وأم مقاتل من أجل الحرية على إدراك أهداف حياتهم..

يبدأ يتقديم البابا وجهة نظره موضحًا كيف أن “النضال” حقيقة، ومع أنه لا يعجبه، لكن لا يمكن أن تكون هناك حياة بدون النضال. نلتقي في بداية الحلقة المصور عمر بادشة البالغ من العمر 75 عامًا والذي يتحدث عن تجربته مع الميز العنصري والمثابرة التي يتطلبها للوقوف قويًا وطويلًا.. وعبر تداخل حكي مسارات شخوص قدر لهم أن يناضلوا من أجل تحسين الشرط الوجودي لكينونتهم.

فيما الحلقة الرابعة حول العمل نجد أشخاصًا من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الفنانة النيجيرية المشهورة عالميًا أوينيكي مونيكا ديفيز- أوكونداي والشيف المقدسي الشهير موشيه باسون، الذي يصنع الطعام بناء على الكتاب المقدس بشغف وهو في سن السبعين، ثم صانع أحذية يبلغ من العمر 90 عاما في فيتنام، فيما تحكي امرأة مكسيكية تبلغ من العمر 73 عاماً، حكاياتها في توليد النساء بالطرق التقليدية، كيف تساعد الأمهات بشغف في تلك اللحظات النادرة لولادة طفل، منحه إنسان آخر بهاء الحياة، كلهم يساعدوننا في إظهار كرامة العمل الجاد ومكافآته التي لا تحصى..

تعد “قصص الأجيال مع البابا فرانسيس” سلسلة وثائقية عالمية فريدة من نوعها، حيث تستعرض قصصاً لها قوة التأثير في قلوب الجميع لكونها أكثر إلهاما، كل ذلك مع انتقال جيد للكاميرا وتلقائية الشخوص وهم يستعرضون تجاربهم التي تصلح أن تكون ملهمة للأجيال الجديدة.. ألم تستحق السلسلة اسمها، تقاسم الحكمة من خلال حكايات الأجيال عبر زاوية نظر البابا؟

موعدنا في القادم من الحلقات مع: الفيلم ( امرأة  من شنغهاي – 1947 ) رائعة أورسن ويلز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى