مجتمع

على هامش خرجة شوقي بنيوب: حوار الوعي “المتمرد” على حقوق الإنسان 3/1

عزيز إدامين الفاعل الحقوقي

أجرى أحمد شوقي بنيوب المندوب الوزاري المكلف بحقوق الانسان، حوارا مطولا، صعودا ونزلا، تعقيبا وردا كما سماها بنفسه، مع المجموعة الإعلامية للأحداث المغربية.

وقد تناول في “الحوار” مواضيع متفرقة ومشتت، حتى يكاد البعض يصاب بدوار حول بعض المواقع الذي اختلط فيها الحقوقي بالسياسي وأحيانا حضور الشخص الإداري وتارة كثيرة انتصرت المقاربة القانونية الضيقة على المواقف المبنية على المقاربة الحقوقية الواسعة.

من الإشكاليات المطروحة في الحقل المغربي مؤخرا، وهي الاختباء وراء الجوانب المسطرية والشكليات القانونية على حساب الجوهر الحقوقي، فيكفي أن يعلن أن قانونا ما يمنع “واقعة” معينة ولتغيب البعد الحقوقي عنه، وهذه المقاربة مقبولة من رجال القانون والقضاء ولكنها غير مقبولة من رجال ونساء حقوق الانسان.

بل إن الحوار علق دستور 2011، والقوانين المرتبط به، وبحث صاحبه على مصوغات من خارج النص الدستوري والقانون، وأعاد إحياء مضمون الدستور العرفي أو الدستور الضمني أو الدستور الخلافي أو التقليدانية الدستورية … وهي التوصيفات التي كان يطلقها مجموعة من فقهاء الدستوريين المغاربة على دساتير المملكة السابقة (1962، 1970، 1972، 1992، 1996).

في هذه المقالة سنتطرق للقانون الدستوري في الجواب المتعلقة بتعيين شوقي بنيوب، وعلاقته بمصطفى الرميد وزير الدولة المكلفة بحقوق الانسان، أما الموضوعات الأخرى من قبيل اعتقال الصحفيين ونشطاء الحسيمة، وجماعة العدل والإحسان وغيرها من المواضيع فسيكون منطلقها القانون الدولي لحقوق الانسان بشكل خالص.

أولا: الإشكاليات القانونية والإدارية للمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الانسان

ربط شوقي بنيوب تشكيل المندوبية الوزارية بمحطتين أسياسيتين، الأولى وتتمثل في توصيات هيئة الانصاف والمصالحة، والثانية بمؤتمر فيينا لسنة 1993، وإذا كان المبرر الثاني مقبول بكون من توصيات المؤتمر الدولي دعوة الحكومات العالمية الى سن سياسيات وخطط وبرنامج مندمجة في مجال حقوق الانسان، واليات للتتبيع والتقييم، ونذكر هنا التوصية الوحيدة في هذا الصدد رقم 71 “ويوصي المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان بأن تنظر كل دولة في استصواب صياغة خطة عمل وطنية تبين الخطوات التي ستحسن الدولة بها تعزيز وحماية حقوق الإنسان”، أما باقي التوصيات وخاصة منها: 27، 34، 36، 67، 68، 69، 74، 79، 83، 84، 85، 86 و100  كلها تخص المؤسسات الوطنية وأدوار المجتمع المدني.

أما هيئة الانصاف والمصالحة لم تتطرق نهائيا في توصياتها إلى إحداث بنية إدارية جديدة تتكلف بالتنسيق في مجال حقوق الانسان، باستثناء انشاء ألية تنسيق من داخل المجلس الاستشاري لحقوق الانسان (المجلس الوطني لحقوق الانسان حاليا)، من أجل تتبع تنفيذ توصياتها.

وتبقى أهم ملاحظة حول البنية القانونية والدستورية للمندوبية فيما صرح به المندوب بكون المندوب بمرتبة وزير، وأن الوضع القانوني للمندوب في نفس مستوى الوزير، وهما بنيتين متجاورتين.

والنقطة الثانية كون نقل الاختصاصات المالية والادارية من وزارة الدولة لحقوق الانسان إلى المندوب الوزاري، اختصاص اداري عادي، وان الكاتب العام والمديريات تحت سلطة المندوب الوزاري.

وأن الحل لتدبير العلاقة بين الجهازين، يكون بالتعايش العقلاني والموضوعي والمسؤول.

مرورا بسرعة على النقطتين الأخيرتين، إن نقل الاختصاصات من مسؤول حكومي إلى مسؤول إداري أخر من داخل الجهاز الحكومي يتم بمقتضى مرسوم حكومي وليس بمقتضى قرار إداري، وهذا نظمه مرسوم رقم المرسوم رقم 2.17.190 المتعلق باختصاصات وزارة الدولة المكلفة بحقوق الانسان، هياكل المندوبية الوزارية لحقوق الانسان، فهي جميعها تحت سلطة وزير الدولة لحقوق الانسان بمقتضى المادة الثانية من نفس المرسوم، التي ألغت المادة الأولى من المرسوم السابق رقم 2.11.150، المتعلق بإحداث المندوبية، وهذا الوضع لن يتغير وسيبقى على حاله إلى أن يصدر مرسوم جديد يلغي المرسوم الحالي، وبالتالي فإن المندوبية الوزارية ككل تبقى تحت سلطة وزير الدولة لمكلف بحقوق الانسان، أي أن المندوب الوزاري يجب أن يخضع لمنطوق نص قانوني ولا مجال لا للعقلانية ولا المسؤولية ولا الموضوعية في هاته الحالة.

أما القول بكون المندوب الوزاري بمرتبة وزير، فما شهد الدستور بذلك !!! فالوثيقة الدستورية واضحة لا مجال للتأويل في ذلك، إذ لا يمكن للمندوب لا أن يحضر مجالس الحكومة ولا الإجابة على أسئلة البرلمان.

ومع ذلك، فإن ما يثار من الناحية الدستورية، هو ظهير تعيين شوقي بنيوب، وهو الظهير رقم 1.18.102 الذي لا يحمل أي إحالة مرجعية قانونية أو دستورية، فإن كان تعيين أمنية بوعياش رئيسة للمجلس الوطني لحقوق الانسان يجد جوابه في القانون رقم 76.15 تطبيقالأحكام الفصل 161 من الدستور، وتعيين أحمد رضى الشامي رئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يجد جوابه في القانون التنظيمي رقم 12.128 تطبيقا لأحكام الفصل 152 من الدستور، فالسؤال يطرح، ما هو السند القانوني أو الدستوري لتعيين المندوب الوزاري المكلف بحقوق الانسان؟

بالعودة إلى دستور 2011، فإن اختصاصات الملك أصبحت محصورة صراحة بما يخوله له الدستور نفسه بمقتضى الفصل 42 منه “يمارس الملك ھذه المهام، بمقتضى ظهائر، من خلال السلطات المخولة له صراحة بنص الدستور.”

والدستور أعطى للملك التعيين في ثلاث حالات:

الأولى: المنصوص عليها صراحة بمقتضى الدستور، تعيين رئيس الحكومة والوزراء بناء على الفصل 47، التعيين في الوظائف العسكرية (الفصل 51)، تعيين السفراء (الفصل 55) ويوافق على تعيين القضاة بظهير (الفصل 57)…

الثانية: التعيين في المؤسسات الدستورية التي نصت قانونها على ذلك.

وأخيرا: التعيين في المناصب السامية، وفق القانون التنظيمي رقم 02.12 ، المعدل والمتمم بالقوانين: القانون التنظيمي رقم 12.14، القانون التنظيمي رقم 23.16، القانون التنظيمي رقم 21.17.

فمن خلال الصلاحيات المخولة صراحة للملك بمقتضى الدستور، يطرح سؤال حول السند الدستوري والقانوني لتعيين أحمد شوقي بنيوب بمقتضى ظهير رقم 1.18.102؟

فالمندوب الوزاري المكلف بحقوق الانسان، لا ينتمي للجهاز الحكومي كوحدة مستقلة، بل هو بنية إدارية تابعة لرئاسة الدولة المكلفة لحقوق الانسان، وتحت سلطة رئاسة الحكومة، وبالتالي عدم تفعيل الفصل 47 من الدستور عليه.

كما أنه لا يمثل مؤسسة دستورية أو وطنية، ولا يوجد قانون ينظم عملها بشكل مستقل، وإنما تشتغل المندوبية بمقتضى مرسوم رقم ، 2.11.150 المعدل بمرسوم رقم 2.17.190، الذي نص على اختصاصات الكاتب العام ولم يذكر بالمطلق صفة المندوب الوزاري.

وأخيرا، فإن المندوبية غير خاضعة لمقتضيات القانون التنظيمي للتعيين في المناصب السامية بالتعيين بعد التداول في المجلس الوزاري باقتراح من رئيس الحكومة وباقتراح من الوزير المعني، كما أنه غير مدرج في الملحق الأول من لائحة المؤسسات والمقاولات الاستراتيجية والعمومية المنصوص عليها في القوانين ذات الصلة.

فقول بنيوب أن له مرتبة وزير، ومفاهيم مثل الزمالة والتعايش… هو قول غير ذي موضوع في دستور سنة 2011.

الحلقة الثانية: حل جمعية جذور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى