ثقافة وفنون

رمضانيات: كتاب أثار الجدل..طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد..قضية الخلافة تابث التنظيمات الإسلاموية (الحلقة4)

تزامن صدور هذا الكتاب “أصول الحكم في الإسلام” للشيخ الأزهري علي عبدالرازق مع انهيار الخلافة العثمانية، وسقوط الدول العربية تباعا تحت النفوذ الأوروبي، ونشطت يومها محاولات لإعادة إحياء الخلافة الإسلامية كنوع من الجواب على التردي العام الذي لحق هذه الدول، في هذا السياق سيدلي علي عبدالرزاق برأيه في الموضوع الشائك القديم والمتجدد، هل يوجد شيء اسمه الخلافة في الإسلام؟.. وهي من القضايا التي تضعها جماعات الإسلام السياسي والتنظيمات الإرهابية على رأس جدول أعمالها اليوم أي قضية الخلافة، إن الشيخ الأزهري، في كتابه “أصول الحكم في الإسلام”، سينتصر للمواقف التالية: “الإسلام دين روحي لا دخل له في السياسة”، “السياسة أمر دنيوي يعود للناس اختيار وسائله ومبادئه. في هذه السلسة سنبحر في القضايا التي أثارها الكتاب، وسنقدم أهم محاوره.

قضية الخلافة أولوية الأوليات للتنظيمات الإسلاموية

إن قضية الخلافة هي من أهم بل هي القضية التي كانت أساس كتاب الشيخ الأزهري علي عبدالرازق، “الإسلام وأصول الحكم”، وهي كما سبق وأشرنا في أكثر من مرة من حلقات هذه السلسة  في عرض محاور الكتاب، القضية الأساس التي تضعها التنظيمات الإرهابية في سلم أولوياتها، وهي من القضايا التي تراق فيها الدماء وتزهق من أجلها الأرواح، والكتاب كما أكدنا تصدى لهذه الأكذوبة المزعومة منذ مطلع القرن العشرين وبالضبط عام 1925، وأثبت من خال ذلك الرؤية الاستشرافية لهذا الشيخ في حيوية وضرورة أن يتصدى الفكر، ويحسم في هذه القضية المهمة، وبالرغم من كل هذه السنين التي مرت على إصدار هذا الكتاب، ظل إحياء هذه الخلافة حلم يراود الكثير، اعتقادا من هؤلاء أنهم بذلك سيحيون أو سيعيدون للإسلام مجده وحضارته.

في الصفحات الأخيرة من الكتاب وبالضبط في المحور، الذي عنونه الشيخ علي عبدالرازق ب”الخلافة والحكومة في التاريخ”، يقول: “لم نستطع أن نعرف على وجه أكيد ذلك الذي اخترع لأبي بكر رضي الله عنه لقب خليفة رسول الله، ولكنا عرفنا أن أبا بكر أجازه وارتضاه”، ويكف أنه ديل به رسائله إلى قبائل العرب إبانه، وخاصة في فترات ماعرف بالردة، كما عهده إلى الأمراء والجنود، وكان أول ماكتبه، يضيف الشيخ في نفس السياق أنه مما لاشك فيه ان الرسول (ص)، “كان زعيما للعرب ومناط وحدتهم، على الوجه الذي شرحنا من قبل، فإذا قام أبو بكر من بعده ملك على العرب، جماعا لوحدتهم، على الوجه السياسي الحادث، فقد ساغ في لغة العرب أن يقال أنه، بهذا الاعتبار، خليفة رسول الله، كما يسوغ أن يسمى خليفة بإطلاق، لما عرفت في معنى الخلافة، فأبوبكر كان إذن بهذا المعنى، خليفة رسول الله، لامعنى لخلافته غير ذلك”.

وفي هذا الإطار يؤكد الشيخ أن نفر حسب أن خلافة أبي بكر للرسول (ص) خلافة حقيقية، بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فأكدوا أن أبا بكر هو خليفة محمد، وبما أن محمد خليفة الله، ادعوا أن أبا بكر بالصفة التي حمل هو أيضا خليفة الله تعالى، (وماكانوا يكونون مخطئين في ذلك لو أن خلافة الصديق للنبي عليه السلام كانت على المعنى الذي فهموه ومايزال يفهمه كثير غيرهم إلى الآن. ولكن أبا بكر غضب لهذا اللقب، وقال “لست خليفة الله، ولكني خليفة رسول الله”)،

ومن هذه الزاوية، أي من زاوية اعتبار الانقياد انقيادا دينيا، كالانقياد الذي ميز المسلمين مع الرسول، كان الخروج عن طاعة أبا بكر خروج عن طاعة الله وخروج عن الدين، ومن هذا المنطلق تأسست كل المقومات التي سينتصر فيها البعض للخلافة كأمر ديني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى