سياسة

تقييم 20 سنة من حكم محمد 6 بعيون دراسة أمريكية..التعليم والألواح الشمسيةوالصوفية 4/1

في تقرير مطول، أو مرصد سياسي في جزئيين، نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، تقييما للتطورات الرئيسية في عهد الملك محمد السادس، الجزء الأول بحث في السياسة المحلية، فيما الجزء الثاني تعرض بالبحث في قضايا السياسة الخارجية.

بدأت الدراسة، المنجزة من طرف، سارة فوير  مساعدة في معهد واشنطن، و رضا عيادي، الذي عمل مساعداً باحثاً في الفترة 2018-2019، بتقديم جاء فيه أن الملك محمد السادس، البالغ من العمر، والذي يحتفل بعيد ميلاده  خمسة وخمسين عاماً، و بمرور عشرين عاماً على توليه العرش، قد ورث في عام 1999 مملكة من ثمانية وعشرين مليون مواطن كانوا يواجهون تحديات اجتماعية واقتصادية كبيرة، “بما فيها الافتقار إلى الضروريات الأساسية في المناطق الريفية، وارتفاع معدلات الفقر، وسوق عمل و”ناتج محلي إجمالي” اعتمدا اعتماداً كبيراً على الزراعة، ونسبة بطالة بلغت حوالي 14٪ على الصعيد الوطني وما يقرب من ضعف تلك النسبة بين أوساط الشباب. وعلاوة على ذلك، اتسم عهد والده، الذي دام أربعة عقود، بالقمع السياسي الشديد وانتهاكات حقوق الإنسان، وإن تُوِّج ذلك بانفتاح مُخطط للنظام السياسي والمجتمع المدني قبل الخلافة بفترة وجيزة.

الدراسة، اعتبرت أنه وفي السنوات العشرين التي مرت، تمكن المغرب من قطع أشواطاً كبيرة في العديد من مجالات التنمية الاقتصادية والبشرية. وفي الوقت نفسه، يضيف البحث”تبنّى محمد السادس إلى حد كبير ميل والده للانفتاح السياسي المحدود، متجنباً التحرر الأعمق الذي كان كثيرون يأملون في أنه سيبدأ العمل على استحداثه. وفي العقود المقبلة، من المرجح أن تعتمد قدرة المغرب على البقاء استثناءً مستقراً للقاعدة الإقليمية المضطربة، على قابلية نجاح هذه المساومة الضمنية”.

المدارس، الألواح الشمسية.. والصوفية

في هذا المحور، قالت الدراسة إنه “في رصيد محمد السادس عدد من الإنجازات الاقتصادية الجديرة بالملاحظة. فخلال ثمانية عشر عاماً من فترة حكمه ارتفع “الناتج المحلي الإجمالي” للمغرب من 42 مليار دولار في عام 1999 إلى 110 مليار دولار بحلول عام 2017 (وفقاً لسعر الدولار الأمريكي في عام 2017). أمّا معدل النمو الاقتصادي، الذي لا يزال رهينة التأثيرات المناخية المتغيرة على الزراعة، فبلغ متوسطه 3-4٪ سنوياً، مع توقّع “صندوق النقد الدولي” مؤخراً حصول تحسن في الآفاق الاقتصادية على المدى المتوسط.

أشار البحث أن المغرب يحتل اليوم “المرتبة الثانية في المنطقة بعد الإمارات العربية المتحدة من حيث مؤشر سهولة ممارسة الأعمال الخاص بـ “البنك الدولي”، وذكر البحث أنه، وفي خطوة تشير إلى الابتعاد عن نهج والده،  استثمر محمد السادس منذ البداية في شمال المغرب المهمل منذ وقت طويل، وكان من نتائج ذلك ميناء طنجة المتوسط – أكبر ميناء على البحر الأبيض المتوسط وفي كل أفريقيا.

يؤكد البحث الصادر عن معهد واشنطن، أنه ظهرت نقاط إيجابية إضافية فيما يتعلق بالالتحاق بالمدارس، والنهوض بالمرأة والحد من الفقر،  ففي عام 1999، كان ثلث الأطفال ممن بلغوا سن التعليم الابتدائي غير ملتحقين بالمدارس، وبعد سلسلة من الإصلاحات، أصبح معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية يبلغ الآن 97٪، مع تحقيق الفتيات الصغيرات أكبر نسبة من المكاسب.

يوضح البحث، أنه  وفي عام 2004، أصلح النظام الملكي مدوّنة الأسرة، حيث منح النساء حقوق الطلاق وحضانة الأطفال والوصاية الذاتية مع رفع الحد الأدنى لسن الزواج إلى 18 عاماً.

يتحدث المصدر نفسه، عن ما سماه تراجع الفقر بشكل ملموس منذ عام 1999، عندما كان حوالي 16٪ من السكان و30٪ من سكان الريف يعيشون عند خط الفقر أو تحته، بينما وصلت هذه الأرقام اليوم إلى 4٪ و 19٪ على التوالي، وبصرف النظر عن ارتفاع معدلات الفقر في المجتمعات الريفية، يحصل اليوم ما يقرب من 100٪ من هذه المجتمعات على الكهرباء، مقارنة بنسبة 18٪ فقط في عام 1999.

يقول التقييم الأمريكي، أنه وفي “أعقاب المساعي التي بُذلت لتوفير الطاقة الكهربائية بصورة شاملة، شرع المغرب في مشروع كبير لتطوير الطاقة المتجددة، وذلك لتقليل اعتماده على واردات النفط والغاز من جهة ولتخفيف الآثار الضارة للتغيرات المناخية من جهة أخرى. وكانت إحدى النتائج تطوير محطة “نور” للطاقة الشمسية، التي هي أكبر مجمع من نوعه في العالم، والذي يمكن أن يجعل المغرب مُصدِّراً للطاقة إلى أوروبا وإفريقيا في نهاية المطاف”.

مواجهة التطرف الإسلامي

يعتبر البحث التقيمي، الذي أنجز من طرف معهد واشنطن، أن  المملكة المغربية اتخذت أيضاً منحى “غير نموذجي على الصعيد الإقليمي فيما يتعلق بمقاربتها لمواجهة التطرف الإسلامي، فبعد انقضاء أربع سنوات على اعتلاء محمد السادس العرش، هزّ المغرب أسوأ هجوم إرهابي في تاريخه، حيث قام 12 انتحارياً بتفجير أنفسهم في مواقع سياحية ويهودية مختلفة في العاصمة، مما أسفر عن مقتل ثلاثة وثلاثين مدنياً. ودفع الهجوم العاهل المغربي – الذي كونه “أميراً للمؤمنين” يعتبر أيضاً المرجع الديني الرئيسي في البلاد – إلى إطلاق عمليات إصلاحية شاملة كإخضاع المساجد والمدارس الإسلامية للسيطرة المشددة للدولة، وتجريد مناهج التعليم الديني من المحتوى المتطرف، وتعزيز الصوفية وتيارات الإسلام الأخرى التي يُعتقد أنها تروّج للاعتدال، وتأسيس أكاديمية لتدريب الأئمة للطلاب المنحدرين من شمال وغرب إفريقيا، وعلى نحو متزايد، من أوروبا.

بيد، إن هذه الإصلاحات لم تُحصِّن المملكة من التطرف الداخلي، كما يتبين من المغاربة الذين انضموا إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» وغيره من الجماعات الجهادية في سوريا بين عامي 2012 و 2016، والذين بلغ عددهم نحو 2000 فرد. ومع ذلك، فمن خلال التدابير الأمنية المشددة والإصلاحات الدينية، من الواضح أن المغرب نجح في احتواء تهديد التطرف بشكل أفضل من معظم أقرانه في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى