ميديا و أونلاين

الإذاعي عمورة يلقن وزير الصحة “الببساوي” الدكالي درسا لن ينساه

في رد شديد اللهجة، وجهه الصحافي بالإذاعة الوطنية، محمد عمورة، رسالة مفتوحة إلى وزير الصحة، أنس الدكالي، على خلفية مطالبة الأخير رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، لطيفة أخرباش، بالتدخل لإيقاف بث حلقة من البرنامج الإذاعي دائع الصيت “احضي راسك” الذي يقدمه عمورة.

في ما يلي نص الرسالة كما كتبها الصحافي محمد عمورة إلى وزير الصحة أنس الدكالي:

اطلعت على مراسلتك الموجهة إلى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري أو كما أسميتها الشكوى، ويبدو أنك تقصد الشكاية؛ لأن الفرق كبير بين الاثنين، وهنا أحيلك على أي قاموس عربي أو بنود القانون الخاص لتستزيد في الموضوع.

قبل أن أتطرق لجزء من المغالطات التي جاءت في شكايتك، أصدقك القول أنني أمضيت وقتاً طويلاً أحاول خلاله إيجاد جواب مُقنع لعدة أسئلة.

فإذا كان بإمكان المرء تفهم دوافع الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء ونقابة أطباء القطاع الخاص لتقديم شكايتهم إلى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري فما علاقتك أنت بالجدل الدائر حول هل يجوز انتقاد عدماء الضمير من الأطباء أم لا؟ ثم هل كتبت مراسلتك كوزير ينتمي إلى حزب تقدمي أو باسمك الخاص؟ وهل اتخذت المبادرة من تلقاء نفسك أم استشرت رئيسك المباشر السيد سعد الدين العثماني رئيس الحكومة الذي ينتمي إلى حزب اتخذ من محاربة الفساد شعاراً لحملاته الانتخابية وخطاباته السياسية؟ فإن كنت قد كتبت شكايتك بصفتك الحزبية فلعلك أسأت إلى حزب عرفنا فيه كمغاربة نساء ورجالاً ضحوا بحريتهم وأرواحهم فداءً لمبادئهم؛ وفي مقدمة تلك المبادئ محاربة الاستبداد والظلم والفساد ألا وهو حزب التقدم والاشتراكية، وإن كنت قد أقحمت نفسك في الموضوع بصفتك الشخصية فما كان من حقك توقيع شكايتك بصفتك الوزارية.

وإن كنت اتخذت مبادرتك هذه دون استشارة رئيسك في الحكومة فإني أترك له اتخاذ القرار المناسب في حقك، أما إن كنت استشرته وأعطاك الإذن فقد خان ثقة المواطنين الذين أوصلوه إلى رئاسة الحكومة، وما أظنه يفعل ذلك لما عهدت فيه من تبصر واتزان.

بعد هذا وذاك، دعني أقف عند نقطتين فقط مما جاء في شكاية الوزير بالصحافي، أولاً ادعيت أنني عممت حكمي السلبي على كل الأطباء وهو قول باطل قد تسيء به إلى مصداقيتك بحجة تأكيدي لأربع مرات في فترات متفرقة من عمر حلقة البرنامج أنني لا أعمم حكمي وأنني أتحدث عن عُدماء الضمير من الأطباء، وأحيي الشرفاء منهم وأشير هنا إلى أن تسجيل البرنامج موجود على منصات التواصل الاجتماعي ومتاح للجميع للتأكد من ذلك.

والنقطة الثانية هو اعترافك في مراسلتك بأن القطاع الصحي يُعاني من اختلالات ذكرت أن مفتشية الوزارة والهيئة الطبية تعملان على تصحيحها، وبذلك تكون قد أكدت ما جاء في البرنامج ومنحته من حيث لا تدري شهادة الاعتراف بالمصداقية.

ودعنا نتوقف عند هذه الاختلالات، فهل قُمت بحل مشاكل المستعجلات بمختلف المستشفيات؟ وهل توقفت أعطاب أجهزة الفحص بالأشعة على اختلاف أنواعها؟ وهل تقلصت مدد مواعد الفحوصات والاستشفاء من سنة وتسعة أشهر وستة أشهر إلى بضعة أسابيع وأيام؟ وهل وجدت حلاً لأطنان الأدوية التي تقتنيها وزارتكم بملايين الدراهم من أموال دافعي الضرائب لتجد طريقها إلى انتهاء الصلاحية دون أن يستفيد منها المواطن الفقير؟ وهل يسرت سبل الشفافية لصفقات بالملايير لاقتناء الآليات والتجهيزات الموجهة إلى المستشفيات العمومية؟ وهل وجدت حلاً لاستقالات الأطباء هروباً مما يصفونها بظروف العمل المزرية؟ وهل وفرت مستشفيات أو مجرد مستوصفات لسكان المغرب العميق؟ وهل جففت دموع النساء الحوامل اللواتي يلدن في العراء؟ وهل عاقبت يوماً طبيباً من عُدماء الضمير الذين يتاجرون بالمريض المغربي؟ وهل أغلقت مصحة من المصحات غير المواطنة التي تستنزف جيوب المرضى؟ هل سألت طبيباً ممن يصبحون بعد فترة وجيزة من ممارسة الطب من أصحاب الضيعات والقصور والفيلات والسيارات الفارهة من أين لك هذا؟ هل نفذت التعليمات الملكية السامية بجعل كرامة المواطن المغربي في صلب السياسات العمومية؟ هل قمت بكل هذا وغيره كثير بقي لك وقت لتتفرغ لكتابة شكاية بمحمد عمورة؟

سيسجل التاريخ أنك أول وزير مغربي تقدم بشكاية ضد صحفي مغربي قام بواجبه المهني في فضح الفساد وفي إطار ما يمنحه له الدستور المغربي من حق في حرية التعبير، وأول وزير يطالب بوقف بث حلقة من برنامج إذاعي لا أحد يعرف مضمونها بعد في تدخل سافر في تخصص السلطة الرابعة.

اعلم، سيدي الوزير المحترم، أن صاحب الجلالة ملك البلاد عينك وزيراً للصحة لا وزيراً للأطباء.. واعلم أن زمن تكميم الأفواه وسنوات الرصاص قد ولى، ولن يعود أبداً؛ لأن خيار الديمقراطية وحرية التعبير وربط المسؤولية بالمحاسبة خيار لا رجعة فيه.. وهنا أحيلك على الخطابات الملكية السامية، وأطلب منك التركيز جيداً على مضامينها لعلك لا تكن من الغافلين، مع تحياتي الخالصة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى