سياسة

المفارقة: مشهد سياسي بمؤسساته في واد وحقل سياسي غاية في الحيوية والعنفوان في واد آخر

لا يستقيم  أي تشخيص للوضع السياسي في المغرب، بدون أن ننتبه أن تمت حالة تيهان مصدرها اليوم ليس فقط نظام الحكم، ولا أدواته، وإنما أيضا بدائله الممكنة، والذي مفروض أن  يتوفر له القدرة على إنجاز مسار سياسي واقتصادي واجتماعي مختلف، وبالتالي لا معنى في حالتنا الحالية، أي حديث عن أزمة النظام السياسي المغربي، إلا بربطه بأزمة بديله.

بلغة أهل التنظير، المغرب دخل ومنذ سنوات مفارقة واضحة وظاهرة للعيان، مشهد سياسي بمؤسساته وبرلمانه وحكومته وبأحزابه وجمعياته، وحقل سياسي فيه  دينامية وحيوية وعنفوان، بل ويعلن في كل حين تبرمه من كل تجليات وعناصر ومقومات المشهد السياسي بكل عناوينه، نقابات وأحزاب ومؤسسات تمثيلية والخ..

حين انتفض الريف ولشهور، لم يكن فقط يدين سياسة النظام، بل وأيضا كان يدين مشهدا سياسيا غاية في المفارقة بين وضعه كمشهد سياسي، وبين حاجيات وضغوطات مطالب مجتمع يشرئب فعليا وواقعيا للحرية والعدالة، ويحس فعليا وواقعيا أن المشهد السياسي يغني في مربع غير مربع السلطة الفعلية، ولذلك أصر قادته عن رفض التحاور مع الحكومة، وتوجهوا رأسا للحاكمين الفعليين.

يختار نظام الحكم مقاربة مختلفة ويطرح نفسه معارضا شرسا لهذا المشهد، ولا يتردد في وصفه بكل النعوتات التي تنتهي أنه العجز كله، ويقتفي المشهد السياسي بكل ألوانه ونحله مجاراة نفسه خطاب سيستام الحكم، ليتكرس وضعا عبثيا، غاية في السوداوية وانسداد الأفق، حد يمكن أن نقول بلا تردد أن مسار السياسة في المغرب قد ينتهي لنفسها التجارب اليتيمة التي انتهت لتدمير كل شيء.

يختار نظام الحكم طريقة مختلفة في معالجة أوضاعا فعلية تسائل بعمق  فائدة جوهر العملية السياسية، وفائدة مسارات مسلسلات تكاد لا تنتهي، ونضال ديمقراطي ومختلف استراتيجياته،  من خلال اقتراح لجنة خاصة بمناقشة نموذج التنموي البديل، وفيها يجلس وبانتباه  كل تشكيلات الحياة السياسية المغربية، ليعرضوا عليها مقترحاتهم في هذا النموذج التنموي البديل، بما فيها الحزب الذي يقود تجربة الحكومة الحالية.

لاشيء، يفوق الوضوح ونزاهة الخطاب وتسمية القط قط، ولاشيء يمنعنا أن نقول، إن المغرب يدور اليوم في حلقة مفرغة، وأن الآتي سيكون أكثر قسوة لبلد حكامه الفعليين يصرون أن يلعبوا على الوقتـ ويصرون على قيادته نحو المجهول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى