سياسة

حين يصنف تقرير بوعياش 80 % من المغاربة ضحايا التضليل في ملف الريف و20% اقتنعوا بالرواية الرسمية

ليس جديدا في المغرب، أن تنبري مؤسسات أو أشخاص أو غيرها، لتحاول أن تحجب الشمس بالغربال، وتدافع وتزين الاستبداد وتشرعن للسلطوية، وتقدم مبررات ومسوغات تحاول من خلالها، أن تقفز على الوقائع الفعلية الملموسة.

حدث ذلك في أواسط السبعينات وبداية الثمانينات، حين عمدت شخصيات سياسية لتوظيف وضعا سياسيا كان لها، لتنكر وجود معتقلين سياسيين بالمغرب، والحال أنهم كانوا بالمئات، ولتنفي وجود انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، والحال أنه كانت سجون العار تازمامارت وأكدز وغيرهما، ولتحاول أن تقدم صورة وردية عن سنوات الرصاص والجمر، لكن التاريخ الفعلي قال كلمته، ولو أنها جزئية وغير كاملة.

مارست هذا الدور الأحزاب الإدارية ومازالت، ومارسته هيئات شكلت للغرض ذاته، وها هو يحدث اليوم مع أمنة بوعياش ومجلسها الصوري، الذي يدعي دفاعه عن حقوق الإنسان.

حراك الريف توصيف غير موضوعي

قال تقرير أمنة بوعياش،  إن رئيسة المجلس ، عمدت إلى تعيين فريق لمتابعة نشر المعلومات وتدقيقها مع ما جرى في الواقع، وخلص  عمل  هذا الفريق إلى وجود معلومات ذات طبيعة “انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان” جرى  تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي، وأنها معلومات لا علاقة لها بما جرى في إقليم الحسيمة، مؤكدا أنها تدخل في نطاق  “أخبار زائفة أو تضليل” هدفها تهييج الرأي العام الوطني والدولي حول أفعال غير واقعة، وأن ما حدث بلغة التقرير الوصف الدقيق لها والموضوعي له، هي احتجاجات وقعت بالحسيمة، بدأت مطالبة بالتحقيق في أسباب وفاة محسن فكري، واتسعت لستشمل مطالب اجتماعية أخرى، وبدأت الاحتجاجات السلمية وانتهت للعنف.
مثل هذا النوع من الكلام، أولا، لا يحمل أي جديد فيما دأبت عليه الأنظمة السلطوية في مواجهة معارضيها، هي دائما تشكل لجنة تحقق، ودائما تخلص اللجنة، إلى أن ما يروج من طرف معارضيها أخبار زائفة وتضليل، وغايته إما تأليب الرأي العام الوطني أو الدولي، وأنه ضمن أجندات خارجية وغيرها من التعابير التي تتكرر حد القرف، ثانيا التقرير لا يقدم حقائق ولا معطيات ولا معلومات، في مواجهة وقائع موثقة بالصوت والصورة والشهادات الحية، ومن هنا سنلحظ أن أصحاب هذا النوع من التفكير الداعم صراحة وبوضوح وليس ضمنيا السلطوية، هم “ضحايا” نظرة سابقة عن ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وعن زمن احتكار المعلومات والمعطيات، الذي كان في حد ذاته يمنحهم ميزان قوى هو اليوم مختل وفي غير صالحهم على هذا المستوى.

يؤكد تقرير بوعياش، أن النظرة الموضوعية لما وقع، أنه كنا أمام احتجاجات الحسيمة”، ويضيف كلاما عاما لا يقول أي شيء ومحشو بفقرة لا محل لها من الإعراب ” إن مفهوم الاحتجاج يعتبر أحد ركائز حقوق الإنسان، حيث نجد أن حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي مضمونة، كلها تدخل ضمن الاحتجاج؛ وعليه فمفهوم احتجاجات الحسيمة، كما يستعمل في هذا التقرير، يتمظهر في الاجتماعات والتجمهرات والتظاهرات السلمية أو الاحتجاجات“.

والحال، أن الوقائع العنيدة والفعلية تفيد أن حراك الريف، لم يشمل منطقة الحسيمة بل امتد إلى خارجها، كالدريوش والناضور، والمعتقلين توزعوا على كل هذه الخريطة، بل إن من أبرز معتقلي الحراك نجد صلاح لشخم، والذي توبع بناء على ما وقع بتالا رواق فضلا على أن رقعة الحراك امتدت للدياسبورا الريفية بالخارج، بل ولكي نسائل غاية التقرير من هذا الإصرار على حصر الحراك في الحسيمة والإصرار على تسميته احتجاجا، وهو أمر يحتاج تفصيلات وتحليلات لا يتسع لها المجال هنا، أن ما وقع في الريف، كان له امتداداته في مناطق أخرى، ولقي تعاطف أغلب مناطق المغرب.

كلام في 80 في المائة من المغاربة ضحايا أخبار زائفة وتضليل

تقرير بوعياش، قال إن 80 في المائة من المغاربة كانوا ضحايا الأخبار الزائفة والمضللة، وهذا بحساب الأرقام الذي ربما غاب عن كاتبي هذا التقرير الفضيحة، يعني أن ما تبقى من النسبة هو 20 في المائة من المغاربة، هم من ساير الرواية الرسمية، وهي الرواية القديمة/ الجديدة، التي دأبت عليها أدوات ووسائل الإعلام السلطوية، ومعناه، أن 20 في المائة هم من اقتنعوا بالبيان الشهير لما يسمى بأحزاب الأغلبية التي نعتت حراك الريف ب”الانفصالي” ومعناه، أن الناجون من التضليل نسبة ضعيفة وضعيفة جدا، إذا ما قارناها بما قالت عنه بوعياش 80 في المائة من المغاربة ضحايا تضليل، ما يؤشر إضافة لما سبق، استبلاد واحتقار ذكاء  غاليةالمغاربة، وهذه ميزة أخرى تنضاف للمدافيعن بلا تردد عن السلطوية في زمن غير الزمن، هي لا تخرج تماما، عن مقولة القدافي “من أنتم”.

يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى