رأي/ كرونيكسياسةكورونا

عبد الغني حيدان يكتب: فسحة تأملات في معنى بناء وحدة اليسار المغربي في زمن كورونا (2/2)

في ما يلي الجزء الثاني من مقال للمناضل عبد الغني حيدان، تحت عنوان “فسحة تأملات في معنى بناء وحدة اليسار المغربي في زمن كورونا… اعتبارات ومقترحات مطروحة للنقاش”.

وكانت “دابا بريس.كوم” نشرت الجزء الأول أمس الخميس..

إن ضمان فعالية وتوهج وحدة اليسار المغربي في الساحة الوطنية والعربية والعالمية لن تجد قوتها ومضاعفة خزان طاقتها بأنساقها السياسية والتنظيمية والجماهيرية إلا وفق الاعتبارات التالية..

-الاعتبار الأول: أن اليسار المغربي إفراز موضوعي لحركة التحرير الشعبية بحمولتها الفكرية والثقافية، وبثقلها السياسي والاجتماعي والجماهيري …

-الاعتبار الثاني: أن الاختيار السياسي لليسار المغربي، كان اختيارا نابعا من عمق انتمائه الوطني التحرري الأصيل بما يشكله من امتداد عقلاني تنويري مشرق، ومن فكر كوني إنساني اشتراكي مناهض لكل شروط الاستغلال والاستبداد والتخلف الاقتصادي والاجتماعي..

-الاعتبار الثالث: أن الربط الجدلي بين التحرير والديمقراطية والاشتراكية، ليس مسعى سياسي تمليه رغبات مناضلين أو تنظيمات حزبية، بل هو اختيار فكري وسياسي يعبر عن تشابك مهام النضال الوطني بالنضال الطبقي..

-الاعتبار الرابع: لا يمكن تشخيص أوضاع اليسار المغربي إلا في سياق النظر المعرفي والعلمي لطبيعة التشكيلة الاقتصادية والاجتماعية ونمط الإنتاج السائد بها، نمط إنتاج كولونيالي حسب تعبير مهدي عامل ونمط إنتاج نيوكولونيالي حسب تعبير سمير أمين وعزيز بلال، مادام اليسار تعبيرا سياسيا وثقافيا وفكريا عن فئات وشرائح وطبقات اجتماعية تنشد التغيير والتطور والتقدم..

-الاعتبار الخامس: أن التبعية بكل عوائقها تشكل التحدي الأكبر والأخطر في إجهاض أي مشروع وطني ناهض قوي الأركان، مستقل في أبعاده الثقافية والسياسية. واليسار معني أكثر من غيره في التصدي لكل معيقات التبعية..

-الاعتبار السادس: أن اليسار لا يمكنه القيام بثورة اجتماعية إلا عبر ثورة ثقافية تحرر المجتمع من أوهام القوالب الجاهزة وأسطرة الفكر، ومن مستندات النقل والإتباع لميكانيكية النص الأيدولوجي من اي جهة أو مصدر كان..

-الاعتبار السابع: أن هيمنة الفكر اليساري وتمدد ثقافته في أوساط المجتمع رهين بنقل مستوى التحليل الأيديولوجي إلى تحليل معرفي نظري وعملي به يتم الكشف عن مشكلات التصورات العقائدية للأيدولوجيا، وبالمعرفة النظرية يتشكل الوعي السياسي كوحدة جدلية تكون صمام أمان لحق الاختلاف والتناظر والنقد والنقض من أجل تعزيز عملية وحدة اليسار كصيرورة تحمل في داخلها ميكانيزمات الحركة والتحول والتطور..

-الاعتبار الثامن: أن اليسار المغربي في نضاله الوطني من أجل قضاياه الوطنية، قضية الصحراء وسبتة ومليلية والجزر الجعفرية، لن يستطيع تحقيق الربط الجدلي بين شرط الديمقراطية والتحرير وتصفية الاستعمار، والاستعمار الجديد والتصدي للفئات الصحرواية المستفيدة من الامتيازات على حساب المواطنين الصحراويين البسطاء وإعادة الاعتبار لهم، واعتبار قضية الصحراء شأنا عاما بموجبه يكون اليسار فاعلا أساسيا في إدارة ملفاته وتعقيداته إلا بوحدة مكونات اليسار المناضلة..

-الاعتبار التاسع: أن إيلاء الأهمية الوازنة للدراسة العلمية والبحث في الفكر الإسلامي كمنظومة ثقافية ودينية متفاعلة في الوجدان والنسيج الاجتماعي والجماهيري والمجتمعي وإبراز الجوانب العقلانية والتنويرية والمشرقة فيه، ضرورة مجتمعية في نشدان مجتمع ديمقراطي عقلاني..

-الاعتبار العاشر: أن إيلاء الأهمية القصوى لدراسة الفكر الاشتراكي باعتباره امتدادا للفكر الوطني التحرري، وتعميق البحث في النقد المعرفي بكل توجهاته الإيديولوجية والسياسية، واستلهام التجارب الاشتراكية الناجحة والرائدة للبلدان الاشتراكية، هي من صميم عمل مكونات اليسار المغربي ومثالا حيا في تدعيم وحدته..

-الاعتبار الحادي عشر: أن مسألة الهوية بكل عناصرها الثقافية المتنوعة العربية والأمازيغية والإسلامية والصحرواية والأندلسية واليهودية، لن تشهد التطور الإيجابي والتفاعل الحي والمستمر إلا بتوفير بيئة ديمقراطية تتسع لإعادة تأهيل الإنتاج الثقافي المغربي على أسس الخلق والإبداع والابتكار والتثقيف العلمي والمعرفي يسمو بقيمة المواطن المغربي في الدفاع عن هويته وقيمه الوطنية الرفيعة، ولن تكون إلا من مهام اليسار الكبرى والرئيسية..

-الاعتبار الثاني عشر: أن مكونات اليسار المغربي باعتبارها جزء لا يتجزأ من حركة التحرر الوطني العربية، لا يمكن لها أن تتحرك وتتفاعل في محيطها الوطني دون محيطها العربي للمساهمة مع القوى الوطنية الديمقراطية والتقدمية العربية في بناء الوحدة العربية من خلال نضالها القومي لتأمين وحدة اقتصادية عربية قوية ومنتجة، ولتأمين بلورة مناخ ثقافي ديمقراطي تقدمي عربي أكثر فاعلية وتأثيرا في إشاعة حقوق الإنسان وقيم المواطنة والعقلانية وتمثل الحرية والالتزام بالواجبات اتجاه بناء الأوطان العربية من خلال التثقيف والتحصيل العلمي والمعرفي والأكاديمي..

—مقترحاتنا في تعزيز وحدة اليسار من خلال بعض روافده القمينة بتغذية هذه الوحدة..

-المقترح الأول: ولتعزيز وحدة اليسار لابد من بناء جبهة وطنية عريضة من اجل تحقيق الديمقراطية الشاملة، والجبهة لن تقتصر في نظرنا على مكونات فدرالية اليسار والنهج الديمقراطي، فالجبهة تكمن قوتها وثقلها وجاذبيتها في اتساعها لكل القوى والأحزاب الوطنية والديمقراطية كما يلي: مكونات فدرالية اليسار الديمقراطي، حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي والاشتراكي الموحد والنهج الديمقراطي والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية وحزب الاستقلال والبديل الحضاري والشبيبات الحزبية والحركات النسائية المناضلة، والهيئات النقابية المناضلة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل. والفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد المغربي للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والجمعيات الحقوقية المناضلة، الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان والعصبة المغربية لحقوق الإنسان ومرصد عدالة، وجمعية أتاك وجمعية محاربة الرشوة والجمعية المغربية لحماية المال العام والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف… والجمعيات الثقافية والتربوية والتنموية والبيئية وممثلي المقاولات الصغرى والمتوسطة ونقابات التجار الصغار والمتوسطين والحرفيين وغيرها…

-المقترح الثاني: أن الجهوية المتقدمة والمشروع التنموي الحقيقين رهينين بشرط توفير مناخ الديمقراطية الشاملة جهويا وتحقيق العدالة المجالية، وتطبيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة واعتماد الشفافية والنزاهة الأدبية وتكافؤ الفرص على مستوى الصفقات العمومية..

-المقترح الثالث: إعادة إحياء طريق الوحدة لمؤسسها التاريخي الشهيد المهدي بنبركة من أجل بناء وطن متمساك قوي بتعليم ديمقراطي حداثي وعصري وبقطاع صحي متكامل ومتعدد التخصصات وببناء مستشفيات القرب بمعايير الجودة والسلامة المتعارف عليها دوليا وبتوفير مناصب الشغل القار والمناسب للباحثين عن العمل من عاطلين وحاملي الشهادات والشهادات العليا..

-المقترح الرابع: الدعوة إلى تشكيل صرح فدرالي بين المغرب والجزائر يبتدأ بفتح الحدود وينتهى بتعزيز تعاون اقتصادي مندمج وتأهيل الاستثمار الصناعي والتجاري والفلاحي بما يلبي حاجيات السكان والسوق الوطنية للبلدين وذلك بتدشين سكك حديدية خاصة لقاطرات التبادل الصناعي والمواد الفلاحية والتجارية وقطارات للمسافرين ومد شبكة الطرق السيارة بين البلدين في أفق تشكيل تكتل اقتصادي وازن لبلدان شمال إفريقيا…

إن مهام اليسار في بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة وفي انفتاحه على محيطه المغاربي والعربي والعالمي مرتبطة بتحقيق الأدوات السياسية والفكرية والجماهيرية الفاعلة والقادرة على خلق أشكال المجابهة وتعميق التناقض في مربع القوى الرجعية والفاسدة والمتواطئة التي لها المصلحة في عرقلة وحدة اليسار
انتهى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى